عادت المعارضة البرلمانية، اليوم الإثنين، بمناسبة جلسة المسائلة الشهرية بمجلس النواب، إلى البكائيات ولعب دور الضحية بشكل مثير للشفقة.
لقد زعمت معاناتها مع ” التضييق”، و”مصادرة” حقها في مسائلة الوزراء حول الحصيلة القطاعية، لتبرير فشلها في “زحزحة” الحكومة، وإحراجها، وتفنيد الأرقام المختزلة لأدائها المقنع بكل مقاييس الموضوعية.
والحقيقة أن المعارضة خاصة مجموعة حزب العدالة والتنمية وفريقي الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية لا تعاني التضييق، بقدر ما تعاني عجزها عن التصفيق لحصيلة نصف ولاية حكومة، زواجت بين تنزيل برنامجها الحكومي، وإخراج البلاد من الأزمات الموروثة، عن الحكومات المتعاقبة.
لذلك، كان عزيز أخنوش واقعياً ومقنعاً وهو يصارح المغاربة من على منصة مجلس النواب، لا بل لم يلجأ كعادته وهو يخاطب مكونات هذه المؤسسة الرقابية، إلى التبرير أو التضليل أو اللف والدوران كما فعلت الحكومات السابقة، خاصة حكومة البيجيدي.
دافع عن السياسة الحكومية في مجال التشغيل، وأقر بفقدان مناصب الشغل في المجال الفلاحي لأسباب موضوعية خارج نطاق التدبير الحكومي (توالي فترات الجفاف، أساسا).
ونجح في إثبات قدرة الحكومة على إحداث مناصب شغل في قطاعات حيوية كالصناعة وغيرها… تحدث عن جاذبية المغرب الاستثمارية، بعد ركود عاشه المغرب في عهد الحكومة السابقة..
طيلة ثلاثين شهرا من عمر الحكومة لم تهتد المعارضة، إلى آليات ناجعة لممارسة معارضة قوية وفعالة وقادرة على طرح البدائل.
ورغم السياق الصعب الذي جاءت فيه الحكومة: تبعات جائحة كوفيد 19، الحرب الروسية الأوكرانية، التضخم، توالي سنوات الجفاف..، إلا أن الحكومة تسلحت بالجرأة والشجاعة وتمكنت من مواجهة الصعاب والتحديات بنجاح منقطع النظير، بل نجحت في رفع أكبر تحدي في سياق مستحيل، وهو تحدي إرساء دعائم الدولة الاجتماعية..
على مستوى الاستثمارات أقرت حكومة أخنوش قانوناً جديداً محفزا للاستثمار مما فتح باب المغرب واسعا أمام تدفق الاستثمارات بما يتيح آفاقا أرحب لاستقطاب المشاريع الاستثمارية الوطنية والأجنبية..
في المحصلة، وضعت نجاحات الحكومة المعارضة في مأزق، وهو ما يفسر لجوئها إلى التشكي والبكاء.
والحقيقة، لم تعان أية معارضة مثلما تعانيه معارضة اليوم مع حكومة أخنوش.
طيلة ثلاثين شهرا من عمر الحكومة لم تهتد المعارضة، إلى آليات ناجعة لممارسة معارضة قوية وفعالة وقادرة على طرح البدائل.
ومنذ تنصيب الحكومة الحالية في أكتوبر 2021، والمعارضة تعيش التيهان والحيرة.
اختبأ الاتحاد الاشتراكي وراء ما سماه كاتبه الأول بتغول الحكومة، دون أن يقنع. لا بل، لقد اعترف ضمنياً بفشله في إثبات عجز الحكومة، لما راح ادريس لشكر يتوسل الدخول إلى الحكومة دون مبرر.
فلا حزبه حصل على مرتبة تؤهله لذلك، ولا المغرب يعيش حالة “استثنائية” تفرض إدخال حزب إلى الحكومة من خارج الأغلبية القائمة.
وعندما حصد الريح، راح يزايد بملتمس الرقابة الذي مات في المهد.
أما باقي مكونات المعارضة (الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية..) فهي تعيش حالة شرود، ولم تقو على فرض ذاتها أمام الحكومة.
هناك سببان في مأزق المعارضة: الأغلبية العددية والمريحة للتحالف الحكومي، والمنجزات الحكومية المحققة..
في الأخير نهمس في أذن زعماء المعارضة، لنقول: «في التجارب الديمقراطية التي تنشد التداول السلمي على السلطة ورفاهية الشعوب، صحيح، يكون المشهد السياسي في حاجة إلى حكومة قوية، ولكن بالمقابل، يكون في حاجة ملحة إلى معارضة برلمانية أقوى”.
فهل يمكننا والحالة هاته أن نشهد أحزابا وقد تفرق فيها ما اجتمع في غيرها، قادرة على ممارسة معارضة أقوى؟.
نتمنى ذلك.!؟