ثورة الياسمين تزهر من جديد في ربيع تونس لإسقاط نظام الديكتاتور قيس سعيد، ذاك ما يؤكده الحراك الجاري في بلاد «البوعزيزي»، الذي قابله النظام بالحديد والنار.
وتعيش تونس منذ ساعات، حملة اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين، على خلفية مسيرات شعبية قادتها جبهة الخلاص الوطني تطالب بإسقاط نظام الرئيس الفاشل قيس سعيد.
وقررت النيابة العامة في تونس حبس الإعلاميين مراد الزغيدي وبرهان بسيس لثمان وأربعين ساعة على ذمة التحقيق…
وطالب متظاهرون في تونس بإنهاء عهدة حكم الرئيس قيس سعيد وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية القادمة خلال مظاهرة دعت إليها جبهة الخلاص الوطني المعارضة.
ودعا المتظاهرون أيضا لإطلاق سراح المعتقلين في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة. وعاشت تونس العام الماضي، حملة اعتقالات أمنية وملاحقات قضائية شملت ساسة وحقوقيين ونقابيين..
ويزعم قيس سعيد ما يجري بأنه “حرب التحرير الوطني” بينما معارضوه، يقولون إن الرئيس يصفي حساباته مع خصومه.
وتواجه تونس، منذ صعود قيس سعيد إلى السلطة وتحالفه مع نظام العسكر في الجزائر، اضطرابات متزايدة على جميع الأصعدة، بداية من انسداد الأفق السياسي، وصولاً إلى وضعها المالي الضعيف، وليس انتهاءً بتدهور الحالة الاجتماعية لملايين التونسيين.
وفي هذا السياق، جاء تقرير “رويترز” الذي سبق أن سلّط الضوء على “تفاقم نقص الغذاء في تونس، خاصة مع فراغ الرفوف في المحلات التجارية والمخابز”.
الأمر الذي سيؤدي -بحسب التقرير- إلى “زيادة السخط الشعبي، بسبب ارتفاع الأسعار وإلى حدوث اضطرابات اجتماعية في الأفق القريب”.
وبحسب التقرير، تعيش تونس اليوم حالة من “العجز في الوصول إلى المواد الغذائية على نطاق واسع”.
ويهم ذلك مواد، مثل:” السكر وزيت الطهي والحليب والزبدة، والقهوة والتبغ، والمياه المعبأة، والوضع أسوأ في ما يبدو في المناطق الأفقر البعيدة عن العاصمة”.
وشهدت العاصمة، والعديد من الولايات التونسية بالفعل، موجاتٍ متفاوتة من الاحتجاجات، التي كان “التشغيل” و”النقص في التموين” عنوانَها الأبرز.
هذه الاحتجاجات التي كان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، قد حذّر مراراً وتكراراً في الأشهر الأخيرة من أنها ستؤدي في النهاية القريبة إلى “ثورة جياع”.
يشيرُ التقرير المُطوّل لرويترز، إلى أن “النقص الكبير في الوصول إلى كثير من المواد الغذائية يعود -في جزء كبير منه- إلى أزمة عالمية في السلع وارتفاع الأسعار، بسبب الاضطراب المرتبط بوباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا”.
ويشير في هذا الصدد، إلى أن “تونس قد تواجه اضطراباً متزايداً، لأن وضعها المالي الضعيف يجعل من الصعب عليها شراء السلع الأساسية بأسعار دولية مرتفعة، وبيعها داخليا بنفس السعر المدعوم الذي كانت تستخدمه بالفعل”.
وتحاول حكومة نجلاء بودن، التوصّل إلى خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي، لمساعدتها في تمويل ميزانيتها، وسداد أقساط ديونها.
لكن من المرجّح أن تتوقف المحادثات مع الجهة المانحة الدولية، على خفض الدعم وخفض فاتورة أجور القطاع العام، وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة.
فشل حكومة بودن
وعلى المستوى المحلي كذلك، لم تتوصّل حكومة بودن، بعد سلسلة من المحادثات مع الاتحاد العام التونسي للشغل لاتفاق على تلك الإصلاحات، وهو اتفاق يبدو ضرورياً، من أجل موافقة صندوق النقد الدولي على تقديم دُفعة أولى من مساعداته إلى تونس.
يشار في هذا السياق، إلى أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل، كان قد صرّح في وقت سابق، بأن حكومة بودن تكافح لدفع ثمن واردات القمح.
يأتي ذلك خاصة بعد تواتر التقاير عن تقديم، كلٍّ من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي واليابان والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، قروضاً لمساعدة تونس في أزمتها الغذائية هذا العام.
وصرّح مسؤولون عن الاتحاد العام التونسي للشغل -كما يشير إلى ذلك تقرير “رويترز” ، بأن نقص السكر تسبب في توقّف العديد من مصانع المواد الغذائية”.
كما أدى نقص القهوة إلى إغلاق بعض المقاهي مؤقتاً، واضطرت بعض المتاجر إلى بيع عبوة واحدة من القهوة لكل عميل.
ويعيش الشارع التونسي اليوم في حالة من الغليان غير المسبوق، بسبب التدهور الكبير لمؤشرات القدرة الشرائية، وصعوبة الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى التضييق الكبير على الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني.