“العافية شعلت في التران هربوا هربوا، نزلوا نزلوا”، طغت هذه الجملة على لسان عدد من المسافرات والمسافرين، عند حدود ساعة العاشرة إلا الربع من يومه الاثنين في محطة الرباط المدينة، وهم يتقافزون من مقصورات القطار المكوكي السريع القادم من القنيطرة والمتوجه إلى الدار البيضاء الميناء.
كانت السنة النيران، تأكل خلفية إحدى عربات قطار يؤمن رحلة القنيطرة -الدار البيضاء الميناء، بينما كان معاون سكك حديدية في محطة الرباط المدينة، عند حدود الساعة ( 09:45) يحاول السيطرة على الحريق بواسطة مطفأة مكافحة الحرائق.
وسط قلق ومخاوف استبدت بعدد من المسافرات والمسافرين، جرت السيطرة على الحريق الذي يبدو انه ناجم عن تماس كهربائي، لكن دون العودة السريعة بالقطار إلى السير العادي.
لقد تأخر سير هذا القطار جراء هذا العطب، بنحو ساعة، قضاها ركاب الرحلة بين الغضب والاحتجاج، قبل ان تستأنف الرحلة ولكن بسرعة السلحفاة.. ويعود القطار إلى سرعته القانونية بعد مغادرة محطة اكدال.
واقعة قد تجر محمد بنعبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك الوزير الوصي على قطارات لخليع، إلى المساءلة البرلمانية بعدما كان قد مثل امام اللجن المختصة في البرلمان العام الماضي، بمناسبات اضطرابات القطارات خلال عطلة عيد الأضحى.
برلمانية قالت كل شيء
في يوليوز من العام الماضي، أعاد فريق التقدم والاشتراكية الى الواجهة مجددا ملف تردي خدمات القطارات، بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى، عبر جر الوزير الوصي على القطاع ليجيب بالنيابة عن المدير القوي ربيع لخليع، حول عذابات المسافرين عشية العيد.
ووجهت وقتها نادية تهامي، البرلمانية عن حزب “الكتاب”، سؤالا كتابيا لمحمد بنعبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك، لفتت فيه “استمرار الاحتجاج إزاء إدارة السكك الحديدية من طرف عدد من المسافرين”، وذلك بسبب التأخر المفاجئ في مواعيد عدد من القطارات، بما فيها السريعة.
وقالت النائبة البرلمانية، “هو التأخر الذي يتراوح ما بين دقائق معدودات وأكثر من ساعة كاملة، وأحيانا بدون إشعار أو اعتذار”.
وتتسبب هذه التأخرات حسب سؤال البرلمانية في تفويت مواعيد هامة ومضبوطة، و”تكديس المسافرين في قطارات بشكل يفوق قدرتها الاستيعابية”.
وينضاف هذا التأخر حسب المصدر نفسه “تسجيل عدد من مستخدمي القطارات لتردي الخدمات داخلها، والضجيج غير المطاق الذي تصدره أثناء السير، وغياب مكيفات الهواء في بعضها”.
تبعا لذلك، ساءلت البرلماني تهامي، الوزير حول التدابير المتخذة من أجل تحسين الخدمات في القطارات، وتفادي التأخرات المتكررة، واستباق ذلك بتوفير بدائل التنقل في حالات الاستعجال.
فوضى.. من عيد إلى عيد
خلال عطلة عيد الفطر الأخيرة، كما في عطلة عيد الاضحى الماضي، شهدت حركة القطارات ارتباكا واضحا، بجل مدن المملكة، وتأخيرات وصلت لأكثر من 45 دقيقة فى الرحلة الواحدة، خاصة خط مراكش فاس.
واقع فرص على مستعملي قطارات “لخليع” قضاء ساعات طوال بين الحرارة المفرطة وجحيم الانتظار والاكتظاظ.
لقد اضطر عدد من المسافرين، إلى السفر واقفين على متن قطارات الخليع في اتجاه مدن بعيدة، بسبب شدة الاكتظاظ، وفي غياب أدنى شروط الراحة، في غياب المكيفات الهوائية، رغم موجة الحرارة التي يعرفها المغرب في هذه الفترة، ما أثار سخط عارم وسط المسافرين.
وحسب بعض المسافرين، فإن الرحلة، التي كانت تستغرق ساعة ونصف بين البيضاء والقنيطرة أصبحت تستغرق أزيد من ساعتين بسبب التوقف المتكرر للقطار.
إحتجاجات وإضطرابات. شكون يحد الباس
كانت جريدة “le12.ma”، قد كتبت يوم 26 يوينو 2023 تقريرا تحت عنوان “كازا-القنيطرة. قطارات لخليع.. اضطرابات واحتجاجات وشكون يحد الباس“.
تقرير، تحدث بشكل إستباقي إستنادا الى شهادات مسافرين، عن جحيم السفر عبر القطارات مع ارتفاع درجات الحرارة، وعذاب التأخيرات غير المفهومة في على مستوى عدد من الخطوط السككية.
تقرير وإن لم تستفد منه إدارة لخليع، وتبادر الى تصحيح الوضع، بما يضمن سفر مريح ومحترم المواعيد، ويجسد شعار إبتسم الذي ترفعه الإدارة، فإن النائبة البرلمانية التقدمية، تفاعلت معه، فكان إلى جانب معطيات أخرى متوفرة لديها في جر الوزير الوصي، الى المساءلة البرلمانية حول فوضى القطارات.
تقرير تعيد الجريدة نشره، لكل غاية مفيدة.
هذا الشي ماشي معقول
في الدار البيضاء، كما في الرباط والقنيطرة محطة نهاية السير، وحد الاحتجاج في وجه إدارة السكك الحديدة عدد من المسافرين، والسبب تأخر مفاجئ في مواعيد السير العادي للقطارات السريعة.
“هذا الشي ماشي معقول، كيفاش 45 دقيقة ديال روطار”، تقول إحدى المسافرات الغاضبات على تردي خدمات قطارات على عهد المدير العام ربيع لخليع.
غير بعيد عن هذه المسافرة، كان شاب يبدو أنه موظف في الرباط، يضرب كفا بكف، وهو يردد عبارة: “تأخر القطارات من علامة تأخر البلاد”.
إذا كان ذلك حدث في محطة الدار البيضاء، فالوضع لم يختلف عند مسافرين في محطة القنيطرة، محطة نهاية السير.
تحت لهيب شمس حارقة، كان عدد من المسافرين يسترقون الظل تحت أعمدة الدرج الكهربائي، وهم ينتظرون الذي يأتي والذي قد لا يأتي، يقول مصدر جريدة le12.ma.
“قالوا لينا تران متأخر بـ45 دقيقة، و لحماق هذا ما حليتك للحرارة ديال الله ولا للحرارة ديال بنادم”، تقول إحدى المسافرات.
وأضافت، “جيت ناخد التران ديال العشرة ونص، لقيت التران متأخر بـ45 دقيقة”.
وتابعت، “كل شيء ضاع، بوركرام ديال الناس تخربق”.
مسافر أخر قال: “في الحقيقة نستنكر هذا الاضطراب غير المقبول في مواعيد القطار هذا الصباح، لقد اكتفوا بتكديس المسافرين في القطارات القادمة من فاس والمتوجهة الى مراكش”.
وأوضح، “تصور معي، مسافرون جرى تكديسهم في قطارات الخط Train de ligne ، حيث تردي الخدمات الضجيج والحرارة و الروائح الكريهة.. إنها رحلة عذاب “.
اعتصام الناظور
الناظور في 10 ماي 2023 أمام محطة القطار-الناظور المدينة، سيدخل الحقوقيان محمد لحميدي وبوجيدة فؤاد في اعتصام أمام محطة الناظور المدينة.
لقد جاء ذلك، تقول لجنة الإعلام والتواصل لفرع الناظور للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، “احتجاجا على التعاطي اللامسؤول لإدارة المحطة مع مطالبهما وعلى تأخر القطار لمدة 44 دقيقة لذي تسبب لهما مشاكل عطلت مصالحهما في مدينة الناظور “.
وأضاف ذات المصدر، أن فرع الناظور للجمعية المغربية لحقوق الإنسان دخل على الموضوع في شخص رئيسه عمر ناجي“.
وتابع” إن فرع تازة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يتتبع كذلك تطورات هذا الملف، ويعلن تضامنه مع المواطنين، ويطالب بالتعاطي إيجابيا من قبل إدارة المحطة مع مطلبهما“.
تغريم مكتب لخليع
قبل اشهر حكمت المحكمة الادارية بفاس ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية بأدائه مبلغ 10 آلاف درهم لفائدة مسافرة مدعية، نتيجة لعدم تمكنها من اجتياز مباراة للتوظيف بسبب تأخر القطار عن الوصول إلى محطة الرباط في موعده المحدد لاصطدامه بأحد الأشخاص.
لقد اعتبرت، المحكمة وفق الحكم الذي توفر جريدة “le12.ma” على نسخة منه، أن التأخير كان بمثابة تفويت فرصة على المدعية.
وفي أكتوبر من عام 2020، ستقضي المحكمة التجارية بالرباط بتعويض مواطن مغربي بما قدره 50 ألف درهم، بعدما أقام دعوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية.
وجاء ذلك جراء تأخر القطار الذي كان سيستقله للذهاب إلى مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء عن موعده.
هي إذن أحكام قضائية ضد مكتب السكك الحديدية، لم تحد من عذاب المسافرين مع قطارات لخليع، كما حدث صباح اليوم الاثنين 15 أبريل 2024 على مستوى القطار السريعة الرابط بين القنيطرة والدار البيضاء، الذي انطلق من مدينة على الساعة التاسعة وسبعة دقائق، ووصل الدار البيضاء الميناء على مشارف منتصف النهار.
