استعادت ألعاب القوى المغربية، خلال السنة التي نودعها، بريقها، بعد أن صنع أبطالها المجد وأضاؤوا شمعتها من جديد بتألقهم في مختلف المحافل الدولية والقارية.
وأثبتت “أم الألعاب” حضورها عالميا وقاريا بدءا بالصعود إلى منصة التتويج في مناسبتين خلال بطولة العالم ببودابست، ثم في دورة الألعاب الفرنكوفونية في كينشاسا (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، ناهيك عن خطف العدائين المغاربة الأضواء في العديد من الملتقيات، مما يعكس أن ألعاب القوى الوطنية تستشرف مستقبلا مشرقا، وخاصة تحقيق نتائج جيدة في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024.
ولعل من بين أبرز ما حققته ألعاب القوى المغربية النجاح الملفت، خلال الدورة الـ19 لبطولة العالم لألعاب القوى ببودابست (19-27 غشت)، والذي صنعته ذهبية سفيان البقالي (3000 متر موانع) وبرونزية فاطمة الزهراء كردادي (سباق الماراطون).
فمنذ الدورة العاشرة لمونديال ألعاب القوى، التي أقيمت في هلسنكي سنة 2005، والتي فاز فيها المغرب بثلاث ميداليات، واحدة ذهبية بفضل العداء جواد غريب في سباق الماراطون، وفضيتا حسناء بنحسي (800 م) وعادل الكوش (1500 م)، لم يستطع العداؤون المغاربة الفوز بميداليتين في نسخة واحدة.
وظفر العداء الأولمبي والعالمي سفيان البقالي، وللمرة الثانية على التوالي، بذهبية سباق 3000 م موانع، بعدما أنهى السباق في زمن قدره 8 د و3 ث و53 / ج م ، متقدما على غريمه الإثيوبي لاميشا غيرما (8:05.44 د) الذي حصد الفضية، والكيني أبراهام كيبوت الذي أحرز البرونزية (8:11.98 د).
وبهذا الإنجاز، يكون البقالي قد صنع التاريخ مرة أخرى في عالم ألعاب القوى بضربه عصفورين في آن واحد، اللقب العالمي ووضع حد للسيطرة الكينية على سباق 3000م موانع ، الذي ظل لسنوات محمية لها.
وإذا كان سيد سباق 3000 م موانع بلا منازع، سفيان البقالي، قد اعتاد التألق في هذه المنافسات، وهو الذي أنقذ ماء وجه ألعاب القوى المغربية في كل مرة بصعوده منفردا على منصات التتويج في نسخ لندن 2017 (الفضية)، الدوحة- 2019 (البرونزية) ويوجين 2022 (الذهبية)، فقد سرقت العداءة الواعدة فاطمة الزهراء كردادي الأضواء، وكتبت صفحة مشرقة في تاريخ المشاركة المغربية بانتزاعها أول ميدالية في سباق الماراطون الخاص بالسيدات.
وبصمت كردادي على أداء استثنائي سجل اسمها ضمن سجل الفائزين والفائزات ببطولة العالم الـ19، لتكسر احتكار الإثيوبيات المطلق لسباقات الماراطون، وهو الأمر الذي بدا قابلا للتحقق.
وبعزمها على التألق ضمن هذا التحدي الكبير، الذي تم التنافس فيه على قطع مسافة 42.195 كلم، تمكنت البطلة المغربية من احتلال المركز الثالث في ماراطون السيدات، بتوقيت ساعتين و25 دقيقة و17 ثانية، لتصبح أول عداءة مغربية وعربية تحقق هذا الإنجاز.
ولم تغب شمس الألقاب عن “أم الألعاب” عالميا ،وإن اختلفت قيمة المحطات، بعد فوز العداءة سكينة أثنان بالنسخة الـ 40 من ماراطون أثينا باليونان، وفوز أنس الساعي بسباق 3000م، ضمن ملتقى نيويورك الأمريكي لألعاب القوى داخل القاعة، فضلا عن احتلال العداء زهير الطالبي المركز الثالث في نصف ماراثون نيويورك.
وينضاف إلى هذه الإنجازات، النتائج المتميزة التي حققها المنتخب الوطني المغربي لرياضة الأشخاص في وضعية إعاقة في بطولة العالم للفئة ذاتها (باريس 2023) بعدما تمكن من الظفر بسبع ميداليات (ثلاث ذهبيات وفضيتان وبرونزيتان) مع تحطيم رقمين قياسيين عالميين، واحتلال المركز ال20 في الترتيب النهائي.
وعلى المستوى القاري، فرضت ألعاب القوى المغربية، إلى جانب رياضات أخرى، سيطرتها خلال الدورة التاسعة للألعاب الفرنكوفونية بكينشاسا (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، وحققت رقما قياسيا جديدا من حيث عدد الميداليات، بنيلها 42 ميدالية من مختلف المعادن من أصل 58 ميدالية، التي شكلت حصيلة المشاركة المغربية في هذه الدورة.
كما تميزت هذه السنة بتتويج المنتخب الوطني المغربي لألعاب القوى، بطلا للدورة الـ23 للبطولة العربية لألعاب القوى للكبار (20 – 24 يونيو بمراكش)، عقب تصدره السبورة النهائية للميداليات بمجموع 56 ميدالية، منها 17 ذهبية و25 فضية و14 نحاسية.
وفضلا عن إنجازات “أم الألعاب”، يتربع الملتقى الدولي محمد السادس، إحدى محطات العصبة الماسية، سنة تلو الأخرى على عرش التظاهرات العالمية في هذا النوع الرياضي، حيث ضرب البطل العالمي والأولمبي ،المغربي سفيان البقالي، عصفورين بحجر واحد بعدما تمكن من تسجيل أفضل إنجاز عالمي للسنة أنذاك وتحطيم الرقم القياسي للملتقى في سباق 3000م موانع بعد إنهائه السباق في زمن قدره 7 د و56 ث و68 /100م.
كما عزز المغرب في سنة 2023 حضوره داخل الاتحاد الدولي لألعاب القوى، من خلال إعادة إنتخاب البطلة الأولمبية السابقة المغربية، نوال المتوكل، عضوا في مجلس الاتحاد لمدة أربع سنوات.
وبفضل النتائج المتميزة التي حققتها الرياضة المغربية بمختلف أصنافها، تواصل المملكة المغربية جني ثمار خيارها الاستراتيجي من خلال دعم ومواكبة الرياضة والرياضيين بشكل عام، والاستثمار “الكبير” في البنيات التحتية الرياضية على وجه الخصوص.
إعداد: المصطفى الناصري