على عكس الحكومتين السابقتين بقيادة حزب العدالة والتنمية، تعتزم حكومة عزيز أخنوش، وضع حد لما يسميه المغاربة ب«حموضية»، إنتاجات الكاميرا الخفية خلال كل شهر رمضان و «مسخ » و الافلام والمسلسلات المدبلجة.

وفي هذا الصدد، كشف محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، عن توجه الحكومة إلى تجاوز العديد من الاشكاليات التي تعاني منها برمجة قنوات الإعلام العمومي.

ووفق ما كشف عنه الوزير، خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته في مجلس المستشارين، فإن برامج الكاميرا الخفية التي تنال انتقادات لاذعة كل سنة في شهر رمضان، ستغيب هذه السنة عن برمجة القنوات العمومية في الشهر الكريم.
وكان حزب العدالة والتنمية، الوصي على القطاع خلال العشر سنوات الماضية الا سنتين، قد فشل في الحد من ما يسميه المغاربة ب«حموضية»، إنتاجات الكاميرا الخفية خلال كل شهر رمضان و «مسخ » و الافلام والمسلسلات المدبلجة.

علاوة على ذلك، أكد بنسعيد أن التوجه الذي يتم الاشتغال عليه حاليًا هو تشجيع الانتاج الفني المغربي عوض صرف ميزانيات ضخمة على ترجمة مسلسلات أجنبية.

وفي هذا السياق، وردا على انتقادات المستشارين، فإن المسلسلات الأجنبية المدبلجة لا تمثل سوى 6% من برمجة القناة الثانية، في ما لا تبث القناة الأولى هذا النوع من المسلسلات، وفق توضيحات المسؤول الحكومي.

إلى ذلك، يتم في الوقت الحالي الاشتغال وفق مصدر جريدة le12.ma، على اعتماد دفتر تحملات جديدة تركز على تشجيع الحوارات السياسية و ضمان التعددية السياسية، مع تعزيز انتاجات البرامج الوثائقية والانفتاح على التراث الوطني.

و بحلول شهر رمضان الكريم من كل سنة ، يتجدد،، الجدل حول الإنتاجات “الدّرامية” الموجّهة لـ”الاستهلاك” طوال هذا الشهر.

وقبل الخوض في غمار هذا الجدل القديم/ الجديد، ما دام أنّ هذه الأعمال أثارت، منذ سنوات، ردود فعل “غاضبة” بالنظر إلى رداءتها وعدم ارتقائها إلى مستوى انتطااتهم، أتساءل، مع كثيرين، هل صار لزاما أو “تقليدا” أن يبدأ المغاربة في “بلع” أولى هذه الكبسولات (سيتكومات وفقرات الكاميرا الخفية وغير ذلك من التهريج) مع أولى اللقيمات أو جرعات الحْريرة “الحامْضة”؟!..

وبذكر “الحموضة”، فهذا الوصف بالذات ما صار ينطبق، وفق المتتبعين، على جلّ هذه الأعمال، حتى لا أقول كلها، بالنظر إلى رداءتها وتكلفها وخوضها في مواضيع سطحية، بدون رؤية فنية ولا اشتغال احترافي في ما يتعلق بالكاستينغ والكتابة وإعداد السيناريو، وغير ذلك من الجوانب الكفيلة بضمان جودة العمل “الفني” وقوته.

فقد صارت نسبة كبيرة من المشاهدين (خصوصا خلال جلساتهم العائلية حول مائدة الإفطار أو العشاء، حين “يُكرهون” على مشاهدة القنوات الوطنية) ترى في هذه الأعمال (جلِّها) حصة “تعذيب” إضافية، يُضطر معها البعض إلى القيام عن المائدة العائلية حتى قبل ان يكمل فطوره أو عشاءه فقط حتى لا يجبر على متابعة المزيد من هذه الأعمال الـ… الحامْضة، فحموضية الحْريرة تفي بالغرض، خصوصا حين تتطاول هذه العمال الفنية على مهن شريفة كالتعليم والمحاماة وْزيد وزيد، بدون حسيب ولا رقيب، و”السيدة” الهاكا في دار غفلونْ!

والحقيقة أن الأمر محيّر فعلا، فمنذ سنوات والوضع على ما هو عليه، بل يزيد تردّيا وإيغالا في السطحية والميوعة والتطبيع مع الخواء والضجيج غير المنظم، في مشاهدَ متكلّفة ومفكّكة لا يمكن أن تُضحك أحدا أو ترفّه عنه، ما لم ترفع ضغطه وتزدْ أعصابه توترا على توترات الحياة اليومية المتطلّبة في ظل الظرفية الاستثنائية الموسومة بتفشي الجائحة والقرارات المتخَذة التي زادت مصاعب الواحد منا في توفير لقمة العيش إثر حد التنقل والتضييق على الحرّيات وخنق الأنفاس..

ناهيك عن الفورة التكنولوجية الهائلة وانفتاحها على منصّات عالمية تعرض أعمالا فنية متكاملة تشد الأنظار بفضل حبكتها وجودتها وحسن اداء ممثليها المحترفين والموهوبين وخريجي ارقى معاهد التمثيل، وليس “خرّيجي” وخريجات “التيك توك” وغيرها من التطبيقات، الذين صار بعضهم، بين ليلة وضحاها، “ممثلين” و”ممثلات”، فيما خرّيجو وخريجات المعاهد و”قدماء المحاربين” والمحاربات في المجال يعانون الويلات، ونحن نعرف ظروفهم المزرية في ظل إغلاق المسارح وقاعات العروض بسبب إكراهات الأزمة ..

أزمة حقيقية ضربت الفن المغربي مع الأسف، رغم ما تستنزفه من ميزانيات ضخمة من المال العامّ، تستقطع من أرزاق المغاربة في هذه الظرفية العصيبة ومن أجل ماذا؟ من أجل إنتاجات بايخة وحامْضة تمرر “صفقاتها” وفق مبدأ “دار البريهي” وأشياء أخرى لا داعي للتفصيل فيها، فما خفي أعظم.. والله أعلم. فهل يكون المغاربة رمضان هذا العام مع طبق شهي من الانتاجات الوطنية البعيدة عن «الحموضية»، التي فشلت الحكومات السابقة بقيادة العدالة والتنمية في الحد منها؟ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *