أثار تفشي مخدر “البوفا” في المغرب لاسيما بين الشباب والمراهقين نقاشا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي أمام تصاعد الأصوات المطالبة بحملات أمنية لمكافحة انتشاره وإيقاف مروجيه.

وأعرب عدد من البرلمانيين عن قلقهم إثر تفشي مخدر “البوفا” أو “كوكايين الفقراء” بين الشباب والمراهقين، مطالبين بتدخل السلطات للحد من انتشاره حيث صار “يشكل خطرا أكبر على حاضر ومستقبل كل من وقع في إدمانه”.

وحذر النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، في سؤال وجهه لوزير الداخلية بمجلس النواب، الأربعاء، بأن انتشار “البوفا” يشكل تهديدا حقيقيا للمجتمع ولحياة الشباب والمراهقين ويسبب معاناة كبيرة للأسر.

وقبل أيام، حذرت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، من مخاطر هذا المخدر “الذي بات يخرب البيوت ويلقي بالشباب إلى التهلكة ويدفع مستهلكيه للانتحار”، وقالت إن “الأمر ينذر بمشاكل اجتماعية خطيرة داخل المجتمع“ّ.

ضرورة التدخل العاجل

وتعليقا على الموضوع، تعزو رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإدمان والمخدرات، نبيلة منير، تفشي ظاهرة الإدمان على “البوفا” إلى البحث المتواصل للمدمنين والمروجين على أنواع مخدرة جديدة ونشوة أخرى أكثر فعالية.

 وترى منير في حديثها لـ”أصوات مغاربية”، أن “مخدر البوفا تكمن خطورته الأكبر في الإدمان السريع عليه من أول جرعة وفي مدة أقل من نصف ساعة حيث يفرض نفسه على المتعاطي”، معربة عن مخاوفها من تزايد انتشاره أكثر مستقبلا.

وفي هذا السياق، تلاحظ منير أن “الشباب الذين يتعاطون البوفا على خلاف باقي أنواع المخدرات الأخرى يشعرون بندم شديد ويستنجدون لمساعدتهم إثر انعكاساته الخطيرة والبالغة على صحتهم نفسيا وجسديا“.

ودعت المتحدثة إلى “ضرورة التدخل العاجل إلى تقديم المساعدة لعلاج المدمنين رغم تكلفته الصعبة”، مشددة على دور التحسيس والتوعية في الحد من تفشي مخدر البوفا الذي أصبح يشكل خطورة قصوى على حياة من يتعاطونه.

ناقوس الخطر

ومن جانبه، يسجل المتخصص في علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، في تصريح لـ”أصوات مغاربية“، أن “مخدر البوفا له مفعول سريع يظهر منذ الخمس ثواني الأولى وينتهي في مدة تتراوح ما بين 10 إلى 15 دقيقة مما يجعل الشخص مدمنا“.

وينبه بنزاكور إلى أن تفشي هذا المخدر بشكل واسع في المدارس والأحياء “يدق ناقوس الخطر ويستدعي تحركا أكثر من الجهات الأمنية”، محذرا من تأثيره على الصحة النفسية والعقلية باعتباره “منشطا للأعصاب ينتج عنفا وعدوانية قد تصل إلى الانتحار“.

وفي هذا الصدد، يقول بنزاكور إن “أول ما يصيبه البوفا هو ذاكرة الشخص التي إذا أتلفت مع استمرار التعاطي لهذا المخدر من الصعب استعادتها ويبقى علاجها ضعيفا جدا وكلما كان الاكتشاف مبكرا كان العلاج ممكنا“.

ويشير المتحدث إلى أن “البوفا” كان يتم ترويجه في البداية بين الفقراء بثمن لا يزيد عن 60 درهما للغرام الواحد، على أنه كوكايين إلا أنه في الحقيقة عبارة عن بقايا كوكايين يتم دمجها مع العديد من المكونات الخطيرة، وانتقل ثمنه إلى 600 درهما بعد أن أصبح ترويجه بمثابة نشاط تجاري.

“200 قضية

وكشفت وزارة الداخلية المغربية، مؤخرا، عن حصيلة تدخلاتها الأمنية المرتبطة بمحاربة “البوفا” ضمن جوابها على سؤال كتابي بمجلس النواب حول “إجراءاتها لمكافحة هذا المخدر الذي لم تسلم منه حتى المؤسسات التعليمية والتكوينية“.

وأشار وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في جوابه إلى تسجيل 200 قضية تتعلق بمخدر البوفا خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى متم شهر ماي الماضي”، كلها كانت خارج المؤسسات التعليمية.

وأوضح لفتيت أن التدخلات الأمنية بمحيط وجنبات المؤسسات التعليمية خلال الموسم الدراسي 2022/2023 “أسفرت عن معالجة ما مجموعه 3 آلاف و870 قضية وتم على إثرها إيقاف 4 آلاف و286 مشتبها به“.

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن المعالجة الأمنية للجرائم المتعلقة بالمخدرات تتمثل في تقليص العرض من خلال تعزيز المراقبة على مستوى المناطق الحدودية وكذا المراقبة الطرقية لمحاربة الترويج وعبر حملات تطهيرية وتشديد المراقبة على الأماكن العمومية التي يرتادها الشباب والقاصرون.

المصدر: أصوات مغاربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *