تقرير إخباري: جواد مكرم

في سياق حرصه على التدقيق في طبيعة العلاقة التي تربط حزب الأصالة والمعاصرة بمختلف مؤسسات الدولة والسلط الدستورية، يأبى الأمين العام للحزب حكيم بن شماش إلا أن يذكر بالانتقادات المتنامية التي تعرض له التنظيم خلال لحظة التأسيس، والتي ذهبت إلى حد التحامل عليه في بعض الأحيان، خاصة من طرف بعض الأطراف السياسية التي كانت تعتبر نفسها “مستهدفة” من بروز قوة سياسيةجديدة كانت ترى فيه”خطرا” محتملا.

ولقد بنيت هذه الانتقادات في أغلبها على أسس واهية، مفادها أنه حزب “إداري” تأسس بهدف ضبط المشهد السياسي، وأنه حزب يحظى بـ”حظوة” ما ويستفيد بدعم قوي من طرف جهات نافذة. بل إن خصوم الحزب الذين شنوا ضده حربا دعائية شرسة ألصقوا صفة التحكم بحزب الأصالة والمعاصرة، وذلك كله في سياق حرب نفسية كانت تستهدف النيل من الحزب وتبخيس صورته لدى الرأي العام الوطني، وإظهاره بمظهر التنظيم “الغريب” الذي تم إقحامه قسرا في المشهد السياسي. ولا تخفى خلفيات هذه الحرب النفسية في سياق كان يتسم بتنامي تمدد الحزب الحديث النشأة، وسرعة انتشاره وتوسعه بين مختلف الفئات المجتمعية، وهو ما كان يشكل تهديدا لمصالح خصومه.

في هذا السياق يقول الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في وثيقة بخط يده حصلت جريدة le12.ma، على نسخة منها، إنه خلافا للرواية التي أراد لها خصوم الحزب، من مختلف المواقع، دعاية وانتشارا ومحاولة للترسيخ في الذاكرة الحزبية الوطنية، فإنه ما كان تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة تدبيرا مصطنعا، ولم تتعد أبدا علاقته مع مختلف مؤسسات الدولة والسلط الدستورية نطاق الدستور والقوانين التنظيمية والعادية المحددة لأدوار الأحزاب السياسية، شأنه في ذلك شأن جميع الأحزاب السياسية على قدم المساواة ودون تمييز.

ويضيف الأمين العام للحزب أنه من المؤسف فعلا أن ينجح خصوم الحزب، وبطريقة غير مباشرة، بعض أعضاء التنظيم نفسه، لأسباب ذاتية وانتهازية محضة، في تسويق سردية وهمية مبنية على ما يسمى ب”أسطورة التحكم” و”الفوق”، وهي الأسطورة التي تفننت في نسجها دعاية قوى الإسلام السياسي وسايرها في ذلك، كل من بقي، في منظوره للمشهد السياسي الحالي، سجين الزمن السابق على 1999.

غير أنه، يواصل بن شماش، لا بد أن نقر هنا بأن عددا من التصرفات والانزلاقات قد استثمرتْ حالة من الغموض تسربت داخل الحزب وقد وصلت لحظة التواضح بشأنها. يتعلق الأمر بتصورنا لعلاقتنا بالدولة ودائرة القرار السياسي.

إلى ذلك، أبرز الأمين العام للحزب أن ثمة غموضا أحاط بشيئين متمايزين: “من جهة اضطلاعنا بنصيبنا في النهوض بالمهمة التاريخية التي تتمثل في ترسيخ الاختيار الديمقراطي الحداثي في منطلقاته ومراميه الإستراتيجية الكبرى، مع ما للملكية من دور أساسي فيه، ومن جهة أخرى الاصطفاف مع الدولة بدون قيد ولا شرط.”

لقد اختلط لدى البعض، والكلام دائما لابن شماش، “تصرفنا الاستراتيجي الذي يعني كامل الدعم للبناء الديمقراطي الصبور، اختلطَ عليه مع تصرفِنا السياسي الذي يفترض كامل الوضوح في استقلالية قرارنا الحزبي.”

هذا الوضع خلق الكثير من اللبس لدى العديدين بمن فيهم فاعلون حزبيون ورأي عام، ففتح الإمكانية للانتهازيين بيننا لكي يؤولوا هذا الوضع بشكل انتهازي ويشحذوا سكاكينهم من أجل الظفر بنصيب من الكعكة التي يتمنون ويتصورون أنها من نصيبهم، وكم يخطئون الحساب.

ودعا بن شماش مناضلات ومناضلي الحزب إلى التشمير على ساعد الجد والانخراط في العمل السياسي الصبور والدؤوب والتخلي عن كل أوهام الحظوة الموهومة، وفي مقدمتها ” وهم” ادعاء البعض منا قربه من ” الفوق”.

هدفنا، يقول بن شماش، هو أن نرسخ في أذهان الجميع والمناضلين أن حزبنا مثله مثل سائر القوى السياسية في البلاد، في حاجة إلى عمل دؤوب من أجل أن يقوم بأدواره الدستورية في التكوين والتأثير ومن أجل  اقتسام قناعاته واستقطاب نخب جديدة  وتحقيق التمايز المنشود بفعل المشاريع والمبادرات التي يطرحها وليس بفعل دعم مفترض من أطراف ما في الدولة.

وغني عن التذكير أن “هذه الحظوة المزعومة” شجعت العديد من الانتهازيين للالتحاق بالحزب و فسحت المجال لمن هب ودب للدخول في التنظيم ليس بغرض ممارسة السياسي النبيل بل من أجل الحصول على مصالح  ومنافع ذاتية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *