أكد مولاي الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، على أهمية مواكبة مؤسسات إنفاذ القانون للتطور التكنولوجي والرقمي ومهارة توظيفه في مجال محاربة الجريمة.
وأوضح الداكي، في كلمته خلال دورة تكوينية حول “العدالة الجنائية وآليات تجويدها بين متطلبات تحقيق النجاعة وتعزيز القيم والأخلاقيات المهنية”، اليوم الأربعاء بطنجة، أن القضاء المغربي أصبح يعتمد في العديد من أحكامه على الدليل العلمي لإثبات بعض الجرائم التي قيدها القانون بشكليات معينة كما هو الحال بالنسبة لجريمة الخيانة الزوجية التي اشترط القانون لإثباتها إما حالة التلبس أو الاعتراف، حيث ذهب في هذا الإطار إلى السماح بإثباتها بمقتضى التسجيلات المثبتة بالكاميرات، كما اعتمد أيضا الخبرة الجينية كوسيلة لإثبات جرائم أخرى كجرائم العرض.
وهذه الأمثلة دليل حسب الداكي على “الأهمية القصوى التي بات يشكلها الدليل العلمي في مجال الأبحاث الجنائية، وهذا ما يقتضي من أجهزة إنفاذ القانون مواكبة التطور التكنولوجي والرقمي ومهارة توظيفه في مجال محاربة الجريمة“.
تبعا لذلك، فإن الرفع من جودة الأبحاث الجنائية وتحديث آليات وأساليب اشتغالها وتأهيل المكلفين بإنجازها لا يمكن أن يسهم في النهوض بالعدالة الجنائية ببلادنا “ما لم يتعزز بإذكاء ثقة أفراد المجتمع فيها بما في ذلك أطراف الخصومة الجنائية، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بتحلي كافة الأجهزة المتدخلة في إنتاج العدالة الجنائية بقيم المروءة والنزاهة والأخلاق المهنية، وذلك تكريسا لمبدأ تخليق الحياة العامة”، وفق تعبير رئيس النيابة العامة.
وفي هذا السياق، بادر المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى وضع مدونة للأخلاقيات القضائية حددت مجموعة من قواعد السلوك التي ينبغي على القضاة إما الالتزام بها أو تفاديها في حياتهم المهنية وسلوكهم الشخصي بما يحافظ على هيبة القضاء وحرمته ويسهم في إذكاء ثقة المواطن في العدالة.
وأوضح الداكي، تتقاطع هذه المدونة بخصوص ما تضمنته من مبادئ أخلاقية مع مدونة قواعد السلوك التي وضعتها المديرية العامة للأمن الوطني بالنسبة لموظفي الأمن الوطني وأيضا مع ميثاق الأخلاقيات والسلوك الذي وضعته قيادة الدرك الملكي بالنسبة لمنتسبيها حيث تتقاسم هذه المدونات جلها قواعد للسلوك تنصب في مجملها على قيم أخلاقية ومهنية نبيلة من قبيل النزاهة والتجرد والشرف والحياد التي ينبغي التحلي بها خلال مباشرة المهام المذكورة كل من موقعه.
وأضف أنه “إذا كانت مدونات وقواعد السلوك تشكل إطاراً مرجعياً لفرض الأخلاقيات المهنية، فإن دور أجهزة الرقابة الإدارية وهيئات التفتيش في هذا المجال يبقى أساسياً ومحورياً للإسهام في فرض احترام وتفعيل هذه القواعد والانضباط لمبادئها دون أن نغفل دور الرقمنة التي أصبحت تشكل في وقتنا الراهن إحدى الآليات المعززة للشفافية والنزاهة، وهو ما يقتضي منا التفكير الجماعي لإيجاد حلول مبتكرة بغية تعزيز الربط المعلوماتي بين مختلف أجهزة العدالة الجنائية والمعنيين بها، والعمل على التسريع من وتيرة رقمنة الخدمات“.
ووفق رئيس النيابة العامة “يظل التشبع بمبادئ النزاهة والشرف وبباقي القيم الأخلاقية من بين المداخل الأساسية للرفع من منسوب ثقة المتقاضين وتحقيق رضاهم على العدالة، وضمانة من ضمانات تحقيق شروط المحاكمة العادلة”، كما أن تعزيز القيم الأخلاقية في الممارسة المهنية حسب الداكي “يبقى من بين المتطلبات الأساسية لتنزيل خلاصات تقرير النموذج التنموي الجديد بهذا الخصوص، وذلك حتى تتبوأ عدالتنا المكانة التي تستحقها وتكون في مستوى ما يتطلع إليه الملك محمد السادس”.