عرفت المدينة تطورا في عهد الموحدين والمرينيين قبل أن تسقط في يد البرتغاليين الذين كانوا أول من أطلق عليها اسم “كازا بلانكا” في القرن الـ15 الميلادي بعدما وجدوا بها منزلا أبيض اللون استخدموه لتحديد موقعها من البحر.. إليك القصة الكاملة.

يقال إن مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب والبعيدة بنحو 95 كيلومترا عن العاصمة الرباط، تعتبر بمثابة مغرب مصغر بتاريخه وغنى حضارته وتنوع ثقافاته.

ويجهل إلى اليوم أول من وضع نواة هذه المدينة، التي يقترب عدد سكانها من 4 ملايين نسمة، بين من يرجح أنهم الرومان والفينيقيون وبين من يقول إن تاريخها يعود إلى حوالي ألف سنة قبل الميلاد، مستدلين على ذلك بالعثور بالمدينة على آثار يعود تاريخها إلى قبل 300 ألف سنة وأخرى ترجع إلى حوالي ألف سنة قبل الميلاد.

بعد ذلك، كان لإمارة بورغواطة الأمازيغية (حكمت المغرب بين القرن 8 و11 للميلاد) وقع أيضا على تاريخ المدينة، لتأسيسهم مدينة “آنفا”، وتعني بالأمازيغية التلة أو الهضبة أو الأفق، وبقي هذا الاسم ملازما للمدينة قبل أن يتحول في الوقت الراهن إلى مجرد حي من أحيائها.

عرفت المدينة تطورا في عهد الموحدين والمرينيين قبل أن تسقط في يد البرتغاليين الذين كانوا أول من أطلق عليها اسم “كازا بلانكا” في القرن الـ15 الميلادي بعدما وجدوا بها منزلا أبيض اللون استخدموه لتحديد موقعها من البحر.

وفي عام 1468 تعرضت “كازا بلانكا” للدمار بأوامر من الملك البرتغالي ألفونسو الخامس ردا على القراصنة المغاربة الذين وصلوا بغاراتهم إلى الأراضي البرتغالية، ولم تعمر من جديد إلا في عهد السلطان المغربي محمد بن عبد الله أواخر القرن الثامن عشر.

استقطبت المدينة بعد ذلك موجة هجرات من مختلف مدن المغرب، وتحول إلى قطب اقتصادي واجتماعي انصهرت فيه ثقافات المغرب ما أثار من جديد اهتمام القوى الاستعمارية الأوروبية، خصوصا الفرنسية منها التي نفذت بالمدينة مجزرة راح ضحيتها مئات البيضاويين عام 1907.

تاريخ كازا في “أنا بيضاوي

أحداث تاريخية وأخرى اجتماعية عاشتها “آنفا” أو “كازا” منذ آلاف السينين، يرويها المخرج المغربي، نور الدين الخماري، في سلسلة وثائقية عرضت مؤخرا بالقناة المغربية الثانية تحت عنوان “أنا بيضاوي“.

وعلى خلاف الأفلام السينمائية التي صورت أو تناولت أحداثا اجتماعية بالمدينة، كالفيلم السينمائي العالمي “كازا بلانكا” (1942)، حاول الخماري رواية تاريخ المدينة اعتمادا على شهادات مؤرخين وبعض ساكنتها وعلى شخصية خيالية تقرب المشاهد من تلك الأحداث.

 

عرض الجزء الأول من الفيلم في الرابع من يونيو الماضي، وتناول التاريخ القديم للمدينة وصولا إلى قصفها عام 1907، وحلقة ثانية خصصت للحديث عن بطولات البيضاويين خلال فترة الاستعمار وبعد الاستقلال (1956)، وحلقة ثالثة عن فترة السبعينات وما شهدته المدينة من أحداث ثم حلقة رابعة خصصت لتناول تنوع المدينة الثقافي.

وفي تصريحات صحافية، قال الخماري، إن تجربة إخراج العمل مختلفة عن باقي تجاربه في السينما، وهو الذي سبق له أن تناول العنف في المدينة في عدد من أفلامه كـ”كازانيغرا (تحوير لاسم كازا بلانكا، ويعني الدار السوداء) و”زيرو” (صفر)، لافتا إلى أن المدينة مثال للمدن العالمية التي بقيت صامدة رغم ما مر بها من أحداث.

 

اقتصاديا، تعد الدار البيضاء من بين المدن الأفريقية الأكثر استقطابا للاستثمارات، بحيث صنف مؤشر المراكز المالية العالمية القطب المالي للمدينة في مارس الماضي في قائمة أقوى الأقطاب المالية في القارة السمراء.

المصدر: أصوات مغاربية      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *