أكد عزيز أخنوش، رئيس، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن الحكومة عملت منذ تنصيبها على تسخير كل الإمكانات والجهود لإنجاح ورش اللاتمركز الإداري، والانكباب على إعداد جيل جديد من الإصلاحات المتعلقة بالتحديث الإداري.
وأبرز أخنوش، في معرض رده على سؤال محوري بمجلس المستشارين، في إطار جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع “ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية”، أن تنزيل هذه الإصلاحات تمّ وفق برنامج عمل وأفق زمني محدد، جوهره تبني سياسة جديدة ترتكز على إعطاء البعد الترابي لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، “مما سيمكن من الرفع من الاستثمار الترابي المنتج ويساهم في تأمين الإنصاف والعدالة الاجتماعية والمجالية في التدخلات التنموية”.
وستُسهم هذه الإصلاحات، وفق رئيس الحكومة، في انبثاق عقد اجتماعي جديد ينخرط فيه كافة المتدخلين من فاعلين اقتصاديين ومؤسسات وجماعات ترابية ومصالح خارجية للوزارات ومواطنين بهدف تجاوز معيقات التنمية التي أسفرت عنها التجارب السابقة.
وسجّل أخنوش ارتياح الحكومية الكبير “لما حققه المغرب من نتائج مهمة في تنزيل مضامين خارطة الطريق، بالرغم من بعض الصعوبات المتعلقة بتبعات الأزمة الصحية وكذا التغيرات المتعلقة بمراجعة الهيكلة الحكومية توخيا للرفع من نجاعة أدائها”.
واعتبر أنه إذا كان تفعيل الجهوية وصل إلى مراحل متقدمة، فقد كان من الضروري اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير التي عبر عنها الفاعلون الترابيون خلال تتبع حصيلة تنزيل هذا الورش من خلال 8 محاور أساسية، تهم استكمال ومراجعة الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالجهات، مشيرا إلى أنه تمّ في هذا الإطار تعديل المرسوم المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية من أجل إحقاق التكامل مع سياسة اللاتمركز الإداري وذلك بالتنصيص على تفعيل دور اللجنة الجهوية للتنسيق في مسلسل إعداد البرنامج التنموي.
وأفاد رئيس الحكومة أنه تمّ تمكين الجهات من الموارد المالية المرصودة لها، مشيرا إلى أن تحويل ما يناهز 9.25 مليار درهم خلال السنة الماضية، أي حوالي 103 في المائة من الموارد المتوقع رصدها خلال سنة 2022، إلى جانب تتبع إعداد وتنزيل التصاميم الجهوية لإعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية وعقود البرامج بين الدولة والجهات.
وأضاف أنه تم تفعيل ممارسة الجهة لاختصاصاتها، تنفيذا لالتزامات الأطراف الموقعة على الإطار التوجيهي لتدقيق الاختصاصات، بالاعتماد والمصادقة على خارطة الطريق من طرف لجنة القيادة الاستراتيجية، والتي تتضمن مجموعة من الآليات الإجرائية والعملية الهادفة إلى تمكين الجهة من تملك اختصاصاتها الذاتية والمشتركة على المدى القصير والمدى المتوسط.
ولفت أخنوش أيضا، إلى تعزيز وتنظيم إدارة الجهة لتمكين الجهات من جذب كفاءات قادرة على النهوض بالمشروع الجهوي، مع إمكانية خلق مناصب ومسارات مهنية محفزة لاستقطاب كفاءات من القطاعين العام والخاص من أجل شغل مناصب المسؤولية بإدارة الجهة، فضلا عن تمكين الولاة ورؤساء مجالس الجهات من وسائل وآليات تهدف إلى تحقيق الإلتقائية في تصميم وهيكلة برامج ومشاريع التنمية، منها قاعدة البيانات الجغرافية وآليات للتتبع والقيادة اليومية، ومواكبة الجماعات الترابية لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤونها وممارسة اختصاصاتها.
وبخصوص تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية، نوّه رئيس الحكومة إلى أنه تمّ تفعيل الإطار القانوني لممارسة الحق في تقديم العرائض على مستوى الجماعات الترابية، ووضع آلية موحدة لتلقي ملاحظات واقتراحات وشكايات مرتفقي الجماعات الترابية، وإعداد موقع إلكتروني نموذجي للجماعات لدعم التواصل والمشاركة المواطنة .
وفي هذا الصدد، أكد أخنوش أن الحكومة حرصت على تفعيل بعض المقتضيات على غرار تسريع إحداث ” الكتابة العامة للشؤون الجهوية”، وتعيين الكتاب العامين بكل جهات المملكة (11 جهة، جهة الداخلة واد الذهب في طور التعيين)، كما تم وضع وتفعيل برنامج لمواكبة وتكوين أطر هذه الوحدات الجديدة لتمكينها من أداء مهامها كما هو محدد في الميثاق .
وكشف أن الحكومة تنكب حاليا، من خلال الحسم في بعض النقاط، على تدارك التأخر الحاصل، معتبرا أنه “كان من الضروري مراجعة بعض الجوانب المتعلقة على الخصوص بإعادة النظر في التمثيلية الترابية لبعض القطاعات الوزارية لإضفاء الطابع الجهوي عليها، وضرورة تفويض السلط للممثلين الجهويين للقطاعات الوزارية وتمكينهم من الموارد اللازمة، والتأكيد على التنزيل الجهوي للسياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية”.
وأبرز أنه، على غرار هذا التصور الشمولي، صادق مجلس الحكومة بتاريخ 09 فبراير 2023 على مشروع مرسوم يتعلق بتفويض السلطة والإمضاء، يندرج ضمن الرؤية الحكومية الجديدة لإصلاح الإدارة على المستوى الترابي وجعلها أداة في خدمة المواطن والمقاولة والمستثمرين، كما يكرس الدينامية التي أصبح يعرفها مسار تفعيل ورش اللاتمركز الإداري.
علاوة على ذلك، ذكر السيد أخنوش أنه يتم استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بتنظيم الإدارات المركزية واللاممركزة، لافتا إلى أن اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري، صادقت خلال اجتماعها المنعقد أمس الإثنين على الصيغة النهائية للتمثيليات الإدارية المشتركة والقطاعية على الصعيد الجهوي والإقليمي، بعد مناقشتها مع القطاعات المعنية والتوافق حولها، لتتجاوز بذلك التعطل الذي عرفه هذا الجانب منذ سنة 2019.
وأفاد أنه سيتم تجميع بعض القطاعات في إطار أقطاب إدارية جهوية وإقليمية تشكل وحدات إدارية مندمجة نظرا لترابط وتقارب اختصاصاتها، تحقيقا لمبدأ التعاضد المنصوص عليه في الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، لتساهم هذه التمثيليات اللاممركزة في نسختها الجديدة، في تطوير وتحسين عمل الإدارة على الصعيد المحلي حتى تكون في مستوى تطلعات المواطنين، والمنتخبين، والسلطات المحلية وكذا هيئات المجتمع المدني.
وخلص رئيس الحكومة إلى أنه بهذا الإجراء “ستتمكن المملكة المغربية من تعميم تغطية المجالات الترابية بمختلف مستوياتها: الجهات، والعمالات والأقاليم بتمثيليات إدارية تمثل كل القطاعات الحكومية لتقريب جميع المصالح الإدارية من مختلف الفاعلين”.