بينما توجد في المغرب في الأقل ثمانية كازينوهات للقمار ومزاولة ألعاب مختلفة أخرى، يوجد أكثر من 3.3 مليون شخص ألعاب القمار بمختلف أشكاله في المغرب، وفق آخر إحصائيات للمجلس الاجتماعي والاقتصادي.

*حسن الأشرف

على رغم كون كازينوهات القمار، المغرب تخضع لقوانين مؤطرة تنظم عملها والأنشطة التي تدار داخلها، وعلى رغم الأرباح التي تدرها على خزانة الدولة، فإنها كثيراً ما تنطوي على قصص إنسانية مأسوية تتلخص في إفلاس عديد من مدمنيها، وأحياناً يصل الأمر إلى حوادث انتحار.

أسرار ومآسٍ

عالم الكازينوهات مليء بالأسرار والقصص الإنسانية المؤسفة، فبين جدرانها أفلس عديد من الأشخاص الأثرياء بسبب هوس القمار، كما أنها كانت سبباً في طلاق وتشريد كثير من الأسر، بل بلغ الأمر وقوع حالات انتحار.

ومن الحوادث المؤسفة التي تسبب فيها الإدمان على ارتياد الكازينوهات، وتناقلتها وسائل الإعلام المغربية قصة رجل ينتمي إلى إحدى بلدان الخليج ألمت به أزمة قلبية أزهقت روحه بسبب تكبده خسائر مالية كبيرة في لعب القمار داخل كازينو بمدينة طنجة.

 

وتعج الأسر المغربية بعديد من القصص المؤلمة التي تسبب فيها الإدمان على الكازينوهات، ومنها قصة موظف كبير تعرف على زميلة له في العمل كانت من زبائن أحد الكازينوهات الفخمة، فصار يذهب معها إلى ذلك المكان حتى بات مدمناً على لعب القمار مثلها، حتى إنه لجأ إلى الاقتراض من البنك إلى أن أفلس كلياً، ودخل السجن وفقد وظيفته أيضاً.

وهناك قصة لمهندس ابتلي بالإدمان على ارتياد الكازينوهات على رغم نصائح أسرته وأبنائه له، إلى درجة أنه كان أحياناً كثيرة يبيت داخل الكازينو ولا يغادره إلا محمولاً على الأكتاف، بسبب السهر والتعب والكحول أيضاً، وهي الحالة التي أفضت إلى طلاقه وتشرد أبنائه الصغار.

تعلق الباحثة السوسيولوجية ابتسام العوفير على هذا الموضوع بالقول إن عالم الكازينوهات مرتبط حتماً بلعب القمار، وألعاب الرهان المختلفة، والألعاب الإلكترونية الأخرى، مضيفة أن عالم الكازينو مرتبط أيضاً بسهر الليالي، وبأصناف معينة من الزبائن.

وتابعت الباحثة بأن “المشكلة في ارتياد عوالم الكازينو أن بدايته معروفة ونهاية طريقه مجهولة، لأنها عوالم براقة غير منضبطة بحدود ولا قيود، ما يجعلها محببة لدى بعض الشخصيات المحبة للسهر واللهو”، مبرزة أن “الإدمان على هذه الفضاءات وعلى القمار فيها بالخصوص تؤدي إلى مآسٍ اجتماعية أبرزها الطلاق أو فقدان العقل، أو اضطراب الشخصية، كما قد تؤدي إلى الإفلاس المالي والانتحار أيضاً”.

لا عزاء للفقراء

ولا يدخل الفقراء أو ذوو الدخل المحدود الكازينوهات في العادة، لأنها فضاءات تستوجب التوفر على أموال تصرف بإسراف على ألعاب القمار وغيرها، الشيء الذي يجعل زبائن ومرتادي الكازينوهات ينتمون إلى فئات وطبقات اجتماعية خاصة.

وأفاد عامل في أحد كازينوهات المغرب بأن هناك حراسة أمنية تحيط دوماً بالأماكن المعروفة والمرخص لها، من أجل توفير الأمن لروادها، وأيضاً حتى لا يدخلها الفضوليون والمتطفلون.

واستطرد المتحدث ذاته بأن الأغنياء فقط هم من يستطيعون دخول الكازينو، باعتبار أنه مكان يتطلب صرف الأموال في مختلف الألعاب مقابل توقع الربح، مثل “الروليت” و”البوكر”، وعدد من الألعاب الإلكترونية التي لا تشتغل سوى بصرف المال.

 

ولفت المستخدم في الكازينو إلى أن الكازينوهات فضاءات خاصة بالطبقة الميسورة أساساً، لأنها أماكن توفر خدمات الأكل والشرب في مطاعم و”بارات”، كما أن هناك كازينوهات تتطلب التسجيل المسبق فيها وأداء رسوم الدخول، وغيرها من الشروط.

وأكمل المتحدث عينه بأن الفقراء لا يدخلون الكازينوهات من أجل لعب القمار، لكنهم يلعبون القمار بمبالغ مالية قليلة في فضاءات أخرى مثل المقاهي المخصصة لذلك، ويتراهنون على “العودة”، أي سباق الخيول في أوروبا.ذ

ثمانية كازينوهات

وتوجد في المغرب في الأقل ثمانية كازينوهات للقمار ومزاولة ألعاب مختلفة أخرى، ثلاثة منها في مدينة أكادير، واثنان بمراكش، وواحد بمدينة ورززات، وسابع في مدينة طنجة، والثامن في ماغازان نواحي مدينة الجديدة.

ويعتبر كثيرون “كازينو مازاغان” أكبر وأضخم كازينو في المغرب من حيث عدد طاولات الألعاب التي تصل إلى 46 طاولة، ويضم 410 ماكينات قمار، بما في ذلك آلات القمار التقليدية، وأيضاً 467 لعبة مختلفة، من بينها ألعاب “الجاكبوت”.

ووفق مواقع متخصصة، فإن كازينو مدينة مراكش ينقسم إلى ثلاثة أجزاء، الأول يتضمن ألعاب ماكينات القمار أو “السلوتس”، والثاني طاولات “الروليت” و”البلاك جاك” و”البوكر”، والثالث جزء يضم عدداً من الألعاب الأخرى.

أما كازينو “موفنبيك” الشهير بمدينة طنجة فيوجد داخل فندق فاخر، ويتميز عن غيره بكونه لا يغلق أبوابه نهاراً أو ليلاً، ولا في نهاية أيام الأسبوع، ويضم أكثر من 200 لعبة من ألعاب “ماكينات القمار”، وغيرها.

ويرى عدد من المصادر التاريخية أن أقدم كازينو في المغرب هو كازينو “السعدي” بمدينة مراكش، ويعود إلى عام 1952، بينما تتحدث مصادر أخرى عن آخر بمدينة القنيطرة أنشئ خلال أربعينيات القرن الماضي عند فترة وجود القوات الأميركية بالمدينة.

ويمارس أكثر من 3.3 مليون شخص ألعاب القمار بمختلف أشكاله في المغرب، وفق آخر إحصائيات للمجلس الاجتماعي والاقتصادي (مؤسسة حكومية)، والذي دعا في تقرير له قبل أشهر مضت إلى “إحداث هيئة وطنية للتقنين التقني والأخلاقي ومراقبة أنشطة الكازينوهات”.

التنظيم القانوني

وبخصوص التنظيم القانوني للكازينوهات في المغرب، يقول المحامي وهابي رشيد إن الكازينوهات منظمة بمقتضى قرار للمدير العام للديوان الملكي رقم 3.177.66 بتاريخ 17 يوليو (تموز) 1967 المتعلق بتنظيم الاتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول.

وتابع وهابي رشيد أنه إذا كان القمار في المغرب مشروعاً متى حصل ممارسه على ترخيص من السلطات، فهو في نظر قانون الالتزامات والعقود يعد من عقود الغرر التي تعد باطلة بقوة القانون، بالنظر إلى الفصول 1092 إلى غاية 1097 من قانون الالتزامات والعقود.

واستطرد المتخصص في الشأن القانوني ذاته قائلاً “إذا كان المشرع المدني يخاطب اللاعب المقامر أو المراهن، ويجعل عقدهم أو التزامهم باطلاً متى ضبط في القمار والمراهنة، فإن المشرع الجنائي له رأي آخر، فهو يرفع شارة التجريم وسوط العقاب ويعتبره جنحة في الفصول من 282 إلى 286 من القانون الجنائي على من يدير محلاً للقمار أو لبيع الياناصيب أو ترويجه من دون أن يكون مرخصا له بذلك.

وأكمل المحامي “يمكن أن يحكم على المخالف بالعقاب من ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة تصل إلى 100 ألف درهم، وقد يعتبره مجرد مخالفة ويعاقب عليه بمجرد غرامة في الفصل 609 من القانون الجنائي”.

وخلص وهابي إلى أن ما يمكن استنتاجه هو “عدم معاقبة من يلعب القمار أو اليانصيب، ولكن يعاقب في حالة واحدة من ينفق نفقات باهظة في القمار أو المراهنات، ويتسبب ذلك في إعلان إفلاسه طبقاً للفصل 557 من القانون الجنائي”.

 

المصدر – اندبندنت عربية( بتصرف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *