إلى جانب المخاطر التي يواجهونها في العمل، تبقى العطلة الأسبوعية حلما بعيد المنال لعمال التوصيل.

صاروا من رواد الطرق الدائمين في شوارع المملكة، فلا يمكن أن تمر في شارع رئيس دون أن تصادف عددا كبيرا منهم يسابقون عقارب الساعة لتوصيل طلبات مواطنين كانت وجبات أكل أو مقتنيات أخرى…

لكن قلة من يطرحون السؤال حول ظروف عيش هؤلاء الذين امتهنوا مهنة “تسهيل” حياة آخرين…

عمال التوصيل في شركات الخدمات التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأغلبها علامات دولية لها فروع في المغرب وتستحوذ على حصص كبيرة من السوق الوطنية، برأسمال يتركز على تطبيق هاتفي، وسواعد شباب يحاولون محاربة شبح البطالة وضمان مدخول شهري يضمن القوت لهم ولعائلاتهم…
لكن، ما ثمن هذا المدخول؟.

رسائل توصل بها موقع “le12.ma” تروي معاناة شباب حالمين بشق خطواتهم الأولى في الميدان المهني، ضمنهم حاملو شهادات عليا، وآخرون يتحدثون أكثر من لغة، يواجهون “تغول” شركات وجدت في المغرب أرضا تسهل الاستثمارات من أجل خلق فرص الشغل، لكن تلك الشركات تتعسف على حقوق شباب يضمنون لها مداخيل ضخمة، تمنحهم منها الفتات…

وحسب الشهادات التي توصل بها الموقع، فإن عمال التوصيل في بعض هذه الشركات ملزمون باقتناء الدراجة النارية التي يشتغلون بها، ودفع مصاريف البنزين والإصلاحات.

لا بل، وحتى عند وقوع حوادث السير التي تدخل ضمن حوادث الشغل، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم عزّلا في مواجهتها، في غياب أي تأمين من الشركة أو مساعدات في حال التعرض لها.

قانون العبودية الذي تنظم به هذه الشركات علاقتها مع الموصلين، يفرض على هؤلاء الشباب تقديم ترويج إشهاري مجاني للشركة المتغولة.

يظهر ذلك من خلال إجبار هؤلاء الشباب على إرتداء سترات تحمل لوغو الشركة، وحمل صناديق حفظ طلبيات الزبناء فوق دراجتهم النارية، عليها الهوية البصرية للشركة.

هؤلاء الشباب، يجدون انفسهم ملزمون كذلك، بشراء وسائل العمل تلك، كشرط أساسي لبدء الاشتغال مع الشركة المعنية، وهي نقطة ضمن نقط عديدة من الاستغلال المادي البشع للشباب المشتغلين معها.

وإلى جانب المخاطر التي يواجهونها في العمل، تبقى العطلة الأسبوعية حلما بعيد المنال لعمال التوصيل.

فعدم الاشتغال يوما واحدا يعني عدم التوفر على مدخول، هو ضئيل أصلا مقارنة بما تجنيه هذه الشركات من الطلبات.

علاوة على ذلك، تدفع الشركات الشباب إلى الاشتغال في ساعات غير محددة، ما يجعل التوفر على حياة خاصة أو الاشتغال في عمل مواز للنهوض بأوضاعهم أمرا مستحيلا.

طموح يضعهم أمام شبح التسريح المتعسف الذي تقوم به هذه الشركات بشكل دوري، للتخلص من كل العمال الذين قد يرفعون مطالب لتحسين أوضاعهم، وتشغيل عمال جدد متحمسين لبدء حياة عملية قبل أن يصطدموا ب”الاستعباد الجديد” الذي تنتهجه هذه الشركات، ويكون مصيرهم التسريح في حال المطالبة بأي خطوات لتحسين ظروف اشتغالهم.

ويبقى التساؤل مطروحا حول مراقبة احترام هذه الشركات لقانون الشغل المغربي، وتضييقها على حرية الانتماء النقابي للعاملين في صفوفها، والذين يجدون أنفسهم عرضة للطرد عند رفع أبسط المطالب بتحسين الأوضاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *