أغلب القياديين في الهياكل النقابية متقاعدون منذ مدة طويلة أو مشرفون على التقاعد، ومازالوا متشبثين بكراسيهم القيادية، وامتيازاتها وريعها، وسيارات تنقلها، وحتى مقراتها السكنية، وحدائقها وما جاور ذلك.

جلهم يحتفلون بعيد ميلادهم في الفاتح من ماي من كل سنة؛ وذلك لما لهذا اليوم العظيم بالنسبة لأغلبهم من دلالة روحانية ونقابية وسياسية وريعية، حيث يستحضرون “التضحيات الجسام” التي قام بها جلهم من أجل إبعاد الكفاءات، وإقبار الاجتهادات، وتهميش الطاقات لكي لا تنفجر في المؤسسات، وتعري بذلك هشاشة بعضهم، وتكشف المستوى الضعيف لأغلبهم، وتظهر مايتوارى من بؤس البعض الآخر ودسائسه.

هذه القواسم المشتركة بينهم تجعلهم يتبادلون التهاني والتبريكات في هذا اليوم العظيم، وكل أملهم هو أن تقدم الحكومة مشروعا يهدف إلى رفع سن التقاعد إلى عدد سنوات عمر شيخهم أو أكثر لإعطاء تزكية لشرعيتهم وريعهم.

في هذا الإطار نجد كذلك أن أغلب القياديين النقابيين تربعوا على عروش نقابات عدة قطاعات مع العلم أن هؤلاء لم يمارسوا أبدا تخصص القطاع الذي “ينقبونه”.

وهكذا نجد على سبيل المثال أمينة نقابة صاحبات الحناء لا تعرف ما معنى “الحناء” ( ماعمرها حنات) .
كما نصادف أمين “الكرابين” لم يسبق له أن زاول مهنة “تكرابت” ، وذاك رئيس نقابة أصحاب الحدادة لا يعرف متى يضرب الحديد، وتلك أمينة نقابة صانعات الحلويات لا تعرف ولا تتذوق حتى أكل الحلوى.

إن العمل النقابي كما يعرّف ويلخّص عند هذه الفئة. هو إتقان المناورات و”الحفر” للآخرين للحفاظ على الكرسي، ولو أصبح “متحركا” مع تهالك الهياكل النقابية، وهم بجهلهم هذا يحفرون قبورهم وهم لا يعلمون.

* بلقاسم امنزو (كاتب رأي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *