تجاهل حزب الحركة الشعبية، خلال اجتماع مكتبه السياسي، المنعقد الجمعة بالرباط، قضية محمد مبديع وزيره السابق المسجون إحتياطيا في سجن عكاشة في الدار البيضاء على ذمة قضايا فساد مالي وإداري.
وخلا البيان الختامي، للإجتماع الذي ترأسه الأمين العام محمد أوزين الذي يعرفه المغاربة جيدا خاصة جمهور كرة القدم، من أي إشارة حول قضية قيدوم الحركيين محمد مبديع في محنته.
يبدو أن الحزب “الأصفر”، بعد بلاغ باهت حول قضية مبديع ليلة الزج به في زنزانة سجن عكاشة، طوى الخوض في هذا الملف الذي تنبعث منه روائح فساد مالي وإداري تزكم الانوف.
ولجأ جزب أوزين الى كراطة مونديال الأندية لمنع تدفق فيضان فضيحة الحركي مبديع الى بلاغ المكتب السياسي الأخير، الذي خصصه للممارسة البوليميك تجاه الحكومة ليلة فاتح ماي.
رسالة بخط اليد
قبل ستة أيام من إعتقاله وبعد ثلاثة أيام من إنتخابه، سيوجه الوزير الحركي السابق في حكومة عبد الاله إبن كيران، إستقالته من رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان في مجلس النواب، وهو يسير بخطى متثاقلة من الفيلا /القصر الى زنزانة السجن.
مبديع، أصر على تحرير إستقالته بخط يده، فكانت الوثيقة التي تحصلت جريدة LE12.MA، على نسخة منها، رسالة كما لو كتبت بيد ترتعش، وهي تحاول إثارة أمور بعيدة عن قرار الاستقالة.
لقد حاول مبديع، أو هكذا يبدو الأمر، توجيه رسالة مشفرة إلى من يهمهم الأمر وهو يخاطب الدولة في شخص الرجل الثالث في هرمها، أي رئيس مجلس النواب بكونه أضحى مسلما بأن قضيته دخلت منعرجا وعرا لا مفر من مواجهته.
لذلك، برر إستقالته، برسالة بدلالة مفتوحة التأويل، قال فيها:” أتقدم بهذه الإستقالة بعد تفكير واسع إستحضرت في عدة معطيات، وذلك من أجل أن أدافع عن قضيتي المرفوعة أمام المحكمة، دون أي تأويل لإستغلال هذا المنصب، وتقديرا للمؤسسات وللأعراف الديمقراطية”.
بيد أن اللافت هو أن مبديع، رغم حمولة رسائله في رسالة إستقالته، لم يمتثل لإستدعاء سلطة إنفاذ القانون الموجه إليه، ما دفعها، بعد ستة أيام من إستقالته، الى تفعيل مسطرة الاستقدام في حقه، حيث نقل من فيلا حي الرياض الراقي في الرباط، الى غرف البحث والاستجواب في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء.
معطيات جريدة LE12.MA، أفادت أن مبديع، أنكر خلال جميع مراحل البحث التمهيدي معه، أمام ضباط الشرطة القضائية، جملة من التهم الموجهة إليه، وكذلك كان خلال إستجوابه أمام النيابة العام، والتحقيق التمهيدي أمام قاضي التحقيق.
الإيداع في السجن
وأمر قاضي التحقيق لدى محكمة جرائم الأموال في الدار البيضاء، ليلة الأربعاء/ الخميس، إيداع محمد مبديع الوزير السابق في حكومة عبد الإله إبن كيران، سجن عكاشة، في إنتظار مباشرة مسطرة التحقيق التفصيلي معه حول المنسوب إليه.
وإلمتس الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف، من قاضي التحقيق لدى محكمة جرائم الأموال الأمر بإيداع مبديع ومنه معه السجن وهو وسبعة أظناء، مع الأمر بإتخاذ تدابير المراقبة القضائية بحق خمسة متهمين أخرين وإغلاق الحدود بحقهم وسحب جوازات سفرهم.
تهم ثقيلة وتكييف جنائي
وأكد محمد الغلوسي المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن الوكيل العام، قرر متابعة الوزير السابق مبديع ومن معه(13ظنينا)، من أجل جرائم جنائية منها:”إختلاس وتبديد اموال عمومية والتزوير والرشوة والغدر واستغلال النفوذ وغيرها والمشاركة”. كل حسب المنسوب إليه.
وذكر الغلوسي” سبق لنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام أن تقدمنا بشكاية في موضوع قضية الوزير السابق والبرلماني محمد مبديع رئيس جماعة الفقيه بن صالح منذ سنة 1997، وحدث ذلك في شهر يناير 2020″.
وتابع الغلوسي في تدوينة له، عاينتها جريدة Le12.ma”وهي الشكاية التي كانت موضوع بحث قضائي أجرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وحجزت مجموعة من الوثائق فضلا عن استماعها لمجموعة من الأشخاص”.
وكان ضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تنفيذا لتعليمات النيابة العامة قد باشروا صباح اليوم الأربعاء، مسطرة الإستقدام في وجه البرلماني الحركي محمد مبديع، حيث جرى نقله من مقر إقامته في حي الرياض في الرباط، الى مقر الفرقة الوطنية في الدار البيضاء، لمواصلة إنجاز مسطرة البحث التمهيدي معه.
حماية المال العام ترحب
وعلق الغلوسي على قرار قاضي التحقيق بإيداع الظنين مبديع السجن بقوله:” نعتبر في الجمعية المغربية لحماية المال العام قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء قرارا جريئا بمطالبته إيداع المتهمين الرئيسيين السجن وفي مقدمتهم محمد مبديع”.
وأضاف،” لا يسعنا إلا أن نثمن هذا القرار كخطوة أولى في مسار تحقيق العدالة والتصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام كإحدى أولويات السياسة الجنائية وتجسيد دور السلطة القضائية في مكافحة كافة مظاهر الفساد وبعث الأمل في المستقبل وتعزيز الثقة في المؤسسات وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب”. ويرتقب أن يصدر خلال الساعات القادمة بلاغ للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، يطلع الراي العام الوطني حول تطورات البحث في هذا الملف الذي يتابع فيه وزير سابق في حكومة عبد الاله ابن كيران، الامين العام لحزب العدالة والتنمية.
الحركة.. الشبهة ليست إدانة
وفي موضوع ذي صلة، كان حزب الحركة الشعبية الذي يجلس على كرسي أمانته العامة محمد أوزين، قد أصدر منتصف اليوم بلاغًا، قدم من خلاله توضيحات حول متابعة محمد مبديع القيادي في صفوفه واستقالته من رئاسة لجنة العدل والتشريع.
وأكد الحزب في بلاغ حمل توقيع أمينه العام محمد أوزين أن” ترشيح مبديع لرئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب جاء من منطلق الإستناد إلى أحكام الدستور، وكذا منطوق قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أن البراءة هي الأصل“.
وأضاف أن الأمر حق لفائدة مبديع، كونه “كان قيد البحث لدى الشرطة القضائية المختصة، دون صدور أي متابعة في حقه من لدن السلطة القضائية، وهو الحق الذي يتمتع به جميع المواطنين المغاربة على قدم سواء“.
وشدد الحزب على أن” الإشتباه لم يكن يرقى إلى مصاف المتابعة أو الإدانة، وهو الأساس الذي جعل تحمل مبديع لهذه المسؤولية النيابية عاديا غير خاضع لأي قيد أو تقييد مادام يتمتع بكامل حقوقه السياسية والمدنية المكفولة قانونا”.
وبعد تجديد الحزب ل” ثقته في استقلالية القضاء“، نوه بما اعتبره “قرارا شجاعا لمبديع بتقديم إستقالته من رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب بغاية الدفاع عن حقوقه من موقع البراءة بتجرد من مسؤوليته على رأس هذه اللجنة النيابية“.
مبديع يقدم إستقالته
وقدم مبديع استقالته من رئاسة لجنة العدل والتشريع، التي حازها قبل أيام قليلة، بعد تقديمه أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وكان مبديع يطمح إلى الحصول على رئاسة لجنة العدل والتشريع التي تعتبر إحدى أهم اللجان البرلمانية الدائمة، بعد فقدانه لكل المسؤوليات في حزب الحركة الشعبية.
وسبق أن خضع لجلسات إستجواب من طرف الفرقة الوطنية استغرقت عدة ساعات وامتدت على مدى أسابيع على خلفية خروقات في تدبير مجلس لفقيه بنصالح الذي يترأسه منذ زمن طويل.