أثارت تصريحات تتعلق بإمكانية استقدام ممرضات فلبينيات إلى المغرب، من أجل سد الخصاص في الموارد البشرية، حالة من الجدل في الأوساط الطبية، في الوقت الذي يعاني القطاع الصحي في البلاد عجزا في أعداد المشتغلين يقترب من 50% عن المعدل العالمي.

التصريحات جاءت على لسان سفير الفلبين لدى الرباط ليزلي باجا، في حديثه لوكالة أنباء بلاده، كشف من خلالها أنه جرى إخباره خلال اجتماع جمعه بمسؤولين مغاربة في الرباط، بداية أبريل الجاري، بإمكانية استقدام ممرضات فلبينيات للعمل في المغرب.

نقاش في صفوف المهنيين

انقسمت الآراء حول إمكانية توظيف أجنبيات كممرضات في المستشفيات المغربية بين مؤيد ومعارض، كما أوجدت نقاشا جادا في صفوف المهنيين.

في هذا السياق، قالت فاطمة الزهراء بلين، عضوة المجلس الوطني للنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة، إن التصريحات صدرت عن سفير أجنبي، ولم ترِد على لسان أي مسؤول مغربي حتى الآن.

وتابعت في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه في حالة تأكد اعتزام المغرب استقدام أطر أجنبية، فإن مهنيي القطاع سيقابلون هذه الخطوة بالرفض والاستنكار وذلك لعدة أسباب؛ على رأسها تواجد ممرضين مغاربة مؤهلين خارج سوق الشغل، والأجدر أن يتم توظيفهم، عن طريق توفير مناصب مالية كافية لاحتوائهم، على حد قولها.

وأشارت في معرض حديثها إلى أن هزالة الأجور وصعوبة ظروف العمل، خصوصا على مستوى الأرياف والمناطق النائية، ستجعل من الصعب استقدام أطر أجنبية للاشتغال في قطاع الصحة في المغرب، مؤكدة أن مهنيي القطاع، يواصلون نضالهم لانتزاع تسوية أوضاعهم والرفع من أجورهم، عبر سلسلة من الاحتجاجات المتواصلة أمام مندوبيات الصحة والبرلمان.

وبلغة الأرقام، لفتت المهنية إلى أنه “يتم توفير 6500 شاغرا سنويا مشترك بين الأطباء والممرضين، مقابل تخرج 7000 آلاف ممرض سنويا من معاهد التكوين المختلفة، في أفق تخرج 11 ألف ممرض سنويا حسب وعود الوزارة الوصية”، وتساءلت: “كيف سيتم استيعاب هذا العدد الهائل من الخريجين؟”

نزيف حاد

يعاني قطاع الصحة في المغرب من نزيف حاد، بسبب هجرة الأطر الصحية إلى الخارج، لا سيما إلى الدول الأوروبية، التي أصبحت تستقطبهم بعدد من التحفيزات والتسهيلات. وأدى هذا النزيف إلى تعميق احتياجات المغرب واتساع الهوة بين العرض الصحي والطلب عليه.

وتفيد إحصاءات متطابقة بأن المغرب يحتاج إلى ما بربو عن 64 ألف ممرضا وعامل صحة، لتغطية الحد الأدنى من احتياجات القطاع الصحي البلاد، وهو وضع يزداد تأزماً جراء الهجرة المتواصلة لهذه الأطر إلى الخارج بسبب ظروف العمل والأجور المتدنية.

كما تصل حاجة المغرب إلى 32 ألف طبيب إضافي لسد الخصاص، ورصد تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن عدد المغاربة الممارسين خارجا يتراوح بين 10 آلاف و14 ألف طبيب؛ وهو ما يعادل إحصائياً أن طبيبا واحدا من كل 3 مغاربة يمارس خارج البلد.

وصفة الحكومة

شرعت وزارة الصحة، خلال السنوات الأخيرة في وضع تصور شامل لمهن الصحة، بغرض النهوض بالمستشفى العمومي، حسب الأهداف المُعلنة.

وأبرز رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في 10 يناير الماضي، بمجلس المستشارين، أن مكونات الخطة التي تعتزم الحكومة تنفيذها، تتضمن 4 رافعات كبرى و11 إجراءً محوريا، تستهدف تقوية المنظومة الصحية وتعزيزها لتستجيب لمختلف التحديات وضمان نجاح الأوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب.

ولفت إلى أن “تعميم الحماية الاجتماعية بالبلاد يتطلب وجود بنية استشفائية قادرة على مواكبة هذا التحول، مشيرا إلى أن قطاع الصحة يعاني من مشاكل بنيوية تتجلى أساسا في صعوبة الولوج للعلاجات وخدمات صحية لا ترقى للحاجيات والانتظارات”.

وكشف أخنوش أن الحكومة وقعت على اتفاقية-إطار تهدف إلى الرفع من عدد مهنيي الصحة من 17.4 لكل 10 آلاف نسمة المسجل عام 2021 إلى 24 ‏ بحلول عام 2025 ثم إلى 45 في أفق عام 2030 من أجل التوافق ومعايير المنظمة العالمية للصحة المحددة في 23 من مهنيي الصحة لكل 10 آلاف نسمة، وذلك بغلاف مالي يفوق 3 ملايين درهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات