قال محمد غيات، رئيس الشعبة المغربية لجمعية البرلمانات الفرنكوفونية اليوم الثلاثاء في الكوت ديفوار، إن التعاون بين بلدان الجنوب، هو العمود الفقري للسياسة القارية الاستباقية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس.
مرافعة من أجل إفريقيا
وأكد غيات، في مداخلة ترافعية مغربية له من أجل تنمية إفريقيا، خلال أشغال المؤتمر 14 لرؤساء البرلمانات والشعب البرلمانية لجهة إفريقيا بالكوت ديفوار، أن ذلك التعاون، “يعد بإقامة علاقات أكثر توازناً مع دول الشمال حيث تستند العلاقات إلى الشراكة والتنمية المشتركة أكثر من استنادها إلى المساعدة والمعونة المشروطة”.
وشدد غيات على أن التضامن بين البلدان الأفريقية والانفتاح على عالم القرن الحادي والعشرين سيسمح بالتأكيد لأفريقيا أن تكون قارة المستقبل.
وتوجه غيات الى المشاركين بالقول “دعونا نجرؤ على تصديق ذلك، التضامن ليس تضحية أو تنازلاً، إنه رهان رابح واستشراف للمستقبل، لأننا لن نكون أبدًا أسرع من الأبطأ بيننا”.
ويرى المسؤول المغربي فيما يتعلق بتحديات الحكامة الديمقراطية في أفريقيا الناطقة بالفرنسية، أنه “يجب بذل جهود متواصلة لتعزيزها في صفوف مواطنينا وشبابنا والسعي دائما إلى تكريس الممارسة الديمقراطية”.
وفي هذا الإطار أكد رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، الذي يقود وفد برلماني مغربي رفيع المستوى في أشغال المؤتمر، أن الحكامة الديمقراطية في المغرب ترتكز على أربع محاور أساسية.
التجربة المغربية الملهمة
وعدد المتحدث نفسه، تلك المحاور في محور” تعزيز الشفافية وتطبيق الديمقراطية التشاركية ومحور ميثاق اللامركزية، ومحور تحديث الإدارة، ومحور الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتسريع الانتقال الرقمي”.
وأثار المسؤول المغربي إنتباه المشاركين، إلى أن “موضوع الأمن يجب أن يكون، جنبًا إلى جنب مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، علما يوضح المتحدث نفسه، ” أن انعدام الأمن يتغذى من العجز في التنمية وعدم استقرار الأحوال المعيشية للسكان”.
فضح سلوك الجزائر
وأشار غيات في مداخلة توصلت جريدة le12.ma بنسخة منها، إلى أن “الأمن يجب أن يكون مثل الرخاء، إنجازًا مشتركًا، لأنه لا يمكن لأي بلد من بلداننا أن يضمن أمنه بطريقة ذاتية”.
وذكر محمد غيات، المؤتمر، “أن بعض أوجه سوء التفاهم بين الدول والافتقار إلى التنسيق أو حتى غياب التنسيق بشأن القضايا الأمنية هي ثغرات تسمح بازدهار انعدام الأمن والإرهاب بجميع أنواعه في العديد من مناطق إفريقيا”.
يذكر أن الجزائر كانت قد أوقفت من جانب واحد كافة أشكال التعاون الأمني، مع المغرب، على الرغم من دعوات الرباط المتكررة لاستئناف التعاون الامني، لمكافحة الجريمة ودعم الشعور بالأمن في غرب إفريقيا، وكذلك مؤشرات التنمية.
الوحدة لمواجهة الأزمة
وبخصوص موضوع الغذاء قال غيات إن “أزمة الغذاء التي يمر بها العالم حاليا تقف ورائها عدة أزمات منها: أزمة مناخية، أزمة بيئية، أزمات إقتصادية وأزمات سياسية”، معتبر أنها “أزمة غير المسبوقة، تتطلب على المدى القصير، استجابة غذائية عاجلة ودعم الإنتاج الزراعي”.
وقال المسؤول المغربي، “إنه على المستوى الإفريقي، يجب علينا: التأكيد على الأهمية الاستراتيجية للسيادة الغذائية، وتحسين القيمة المضافة لإنتاجنا الزراعي من خلال التدخل بشكل أكبر في معالجة وتعبئة منتجاتنا وكذلك إعادة تأهيل المنتجين لدينا وحمايتهم من ذلك الاستغلال من طرف الدول المتقدمة”.
المغرب وتأمين الغذاء الأفريقي
وفي هذا الصدد، أبرز البرلماني التجمعي البارز، ريادة المغرب، في التنمية الفلاحية، بصفته “قوة فوسفاطية بإمتياز ومنتجًا رئيسيًا للأسمدة”.
وأوضح على أن المغرب “يعمل طواعية للسماح لأشقائه الأفارقة بالاستفادة من خبرته على أساس التضامن، لإعادة تأهيل قطاع الغذاء الأفريقي، الذي تكتسب أهميته أكثر”.
وتابع، “نحن ندرك الآن أن تغير المناخ يمثل اتجاهًا أساسيًا وتغيرًا هيكليًا يتطلب جهدًا استثنائيًا للتنبؤ والتكيف على المستوى العالمي”.
وسجل غيات أن المشكلة الحقيقية في إفريقيا، تكمن في الإفراط في “استغلال الغابات على نطاق صناعي لتزويد السوق الدولية في القطاع، والفراغ القانوني أو عدم كفاية الأحكام القائمة التي تسمح باستمرار الاستغلال المفرط للغابات مع الإفلات من العقاب، في العديد من مناطق القارة”.
وبخصوص الحلول إقترح غيات، “الدفاع بشكل مشترك عن سيادتنا وعلى غاباتنا ومواردنا الطبيعية بشكل عام، والكفاح بشكل أكثر فعالية ضد ضعف السكان وفقرهم، والتخطيط الاستراتيجي لتنويع خدماتنا والتوفير من خلال الترويج لأنشطة ذات قيمة مضافة عالية”.
لتحقيق ذلك، يقول محمد غيات، “يجب أن يصبح نقل التكنولوجيا المطلوبة لتنويع هياكلنا الإنتاجية جزءًا أساسيًا من علاقتنا مع الدول المتقدمة”.
ويناقش المشاركون في المؤتمر الرابع عشر عددا من القضايا الرئيسة، بما في ذلك الوضع السياسي والاجتماعي في البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية والأزمات السياسية في بعض البلدان مثل بوركينا فاسو، وغينيا، ومالي، وتشاد، وتونس.
محاور المؤتمر الـ14
كما تناولت المناقشات مواضيع أخرى من قبيل “تحديات الحكامة الديمقراطية والأمن في الدول الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية”؛ و”الأمن الغذائي في مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية”؛ و”حماية النظم الإيكولوجية للغابات ومكافحة التصحر في إفريقيا: تأملات حول السياسات العمومية والمبادرات البرلمانية خلال العقد الأخير.”
وعلى هامش أعمال المؤتمر الرابع عشر الذي سيُتوج باعتماد البيان الختامي للمؤتمر، سيجري الوفد المغربي محادثات مع وفود أخرى مشاركة في ذات الفعالية من أجل تعزيز التعاون البرلماني الثنائي والمتعدد الأطراف.
*نبذة عن محمد غيات رئيس الشعبة المغربية لجمعية البرلمانات الفرنكوفونية
محمد غيات هو رئيس فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب. تولى عدة وظائف في المنظومة التربوية؛ حيث اشتغل كإطار مكلف بالدراسات بالمعهد الوطني للتكوين والبحث البيداغوجي بالدار البيضاء، ومدير مساعد بالمعهد الوطني لتكوين الأطر التقنية بنفس المدينة، ثم مديرا جهويا لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بكل من جهة الشرق، وجهة تانسيفت الحوز، وجهة الدار البيضاء الكبرى سابقا.
كما شغل منصبي مدير الموارد البشرية والعلاقات المؤسساتية ومدير عام مساعد مكلف بقطب الموارد بشركة سامير، علاوة على منصب مدير عام الأكاديمية الإفريقية للطاقة ACAFE، ثم مدير عام لمؤسسة Continent oïl المغرب، وهو رئيس سابق لقطب الموارد بالجمعية الدولية للمكررين الأفارقة. محمد غيات رئيس شعبة المغرب بالجمعية البرلمانية للفرنكوفونية، وعضو اللجنة السياسية بنفس الجمعية.
وسبق له أن ترأس بشكل مشترك مجموعة العمل المكلفة بإرساء مسار التميز في التكوين المهني بالبلدان المغاربية والمشرقية لدى الوكالة البين حكومية للفرنكوفونية.
وهو عضو سابق بمجلس إدارة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء. وهو كذلك رئيس جمعية الأعمال الثقافية والرياضية والاجتماعية لمدينة المحمدية، والنائب الأول لرئيس جمعية الشاوية الكبرى، ولرئيس فريق الوداد الرياضي البيضاوي. ومحمد غيات حاصل على ماستر في تدبير المرافق العمومية من المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية بباريس، وعلى ماستر في تدبير الموارد البشرية من المدرسة الأوروبية العربية للتدبير Euro Arab Management School بغرناطة- إسبانيا.
*جواد مكرم