عراب قصر الاليزي في العراق على عهد شراك، الذي أصدر مؤخراً كتاباً استثنائياً بعنوان «الآخرون لا يفكرون مثلنا»، عاش الغزو الأميركي للعراق ربيع عام 2003 «من الداخل»، يروي القصة كما عاشها

تأخذكم جريدة le12.ma، طوال شهر رمضان الكريم، في رحلة كشف أسرار حرب دمرت العراق، بناءا على تقرير إستخبارتي تأكد بعد عشرون عاما على سقوط بغداد، بأنه مضلل وعديم المصداقية.

في الملحق الإعلامي الخاص بشهر رمضان، يكتب، يتحدث، يروي، ويصرح، نقلا عن يومية الشرق الأوسط العريقة وغيرها، أكثر من مسؤول رفيع المستوى عربيا وغربيا، حول 20 عاما من عن دمار القوة العسكرية الأولى وقتها في الخليج.

 ونواصل الحلقات المفقودة في حقيقة الحرب على العراق، وهذه المرة من خلال شاهد على الحرب، إنها السفير الفرنسي السابق بغداد ق موريس غوردو مونتاني.

عراب قصر الاليزي في العراق على عهد شراك، الذي أصدر مؤخراً كتاباً استثنائياً بعنوان «الآخرون لا يفكرون مثلنا»، عاش الغزو الأميركي للعراق ربيع عام 2003 «من الداخل»، يروي القصة كما عاشها في حوار خص به ميشال أبو نجم الصحفي في «الشرق الأوسط».

وفيما يلي نص الحوار:

في كتابك الأخير تفرد فصلاً كاملاً للملف العراقي، وتتوقف طويلاً عند المواجهة التي حصلت بين الرئيس شيراك والرئيس بوش بمناسبة قمة براغ. هلّا توسعت في سرد ما حصل؟

ـــ نعم بالطبع. هذه القمة حصلت يوم 26 نوفمبر 2002، في زمن كان التوتر فيه على أشده، وكانت منطقة الشرق (الأوسط) على أهبة حرب بدا بقوة أنها آتية. وفي لقاء ثنائي مع الرئيس بوش، سعى الرئيس شيراك إلى زحزحة نظيره الأميركي، وثنيه عن خوض مغامرة غير محسوبة النتائج، وتوسع في طرح حججه.

 وما لفتني وأنا حضرت الاجتماع، أن بوش لم يكن ينظر إلى شيراك وهو يتحدث. وما قاله شيراك يمكن تلخيصه كالتالي: «إن حرباً ضد العراق سيكون من نتائجها ضرب الاستقرار في المنطقة، وإيصال الشيعة الموالين لإيران إلى السلطة في بغداد، وتعزيز تأثير طهران في سوريا، وأيضاً في لبنان عبر حزب الله».

وأضاف شيراك: «حربكم ستكون فاقدة للشرعية وسوف تحدث انقساماً داخل الأسرة الدولية، وستفقد الغرب التقدير الذي يتمتع به لدى الآخرين، فضلاً عن أنها ستكون مصدر فوضى التي بدورها ستستولد الإرهاب».

لكن حججنا اصطدمت بحائط من انعدام التقدير والإنكار ولم تؤخذ بعين الاعتبار.

 وقبل براغ، كانت لدينا قناعة أن واشنطن ذاهبة إلى الحرب بأي ثمن، وتوقفنا ملياً عند ما قاله الرئيس بوش في خطابه الشهير في قاعدة «ويست بوينت» العسكرية، في يونيو من عام 2022، حيث وضع العراق فيما سماه «محور الشر».

وكان شيراك بالغ القلق، وقد اعتبر أن ضم العراق إلى «محور الشر» حمّال مخاطر بالنسبة لمنطقة بالغة الهشاشة التي هي الشرق الأوسط، حيث هشاشتها سياسية ودينية وطائفية.

وكان شيراك قلقاً من نسف التوازنات الهشة التي تعيشها المنطقة. ولذا، كان على تواصل مع كافة قادتها لاستشارتهم والتعرف على مخاوفهم وتحليلاتهم وقد كان يعرفهم جميعاً.

فهمت منك سابقاً أن الغزو الأميركي لم يكن عملاً معزولاً، بل جاء في سياق محدد. هل لك أن تتوسع في شرح رؤيتك؟

ــ حرب العراق جاءت في لحظة تيقنت فيها الولايات المتحدة، ومعها العالم الغربي، أنها ربحت السباق في مواجهة الاتحاد السوفياتي الذي انهار من غير أن تقوم بينه وبين الغرب مواجهة عسكرية. وذهب بعضهم إلى أن اعتبر أن ذلك كان بمثابة «نهاية التاريخ».

 بيد أن عدداً من المنظرين والآيديولوجيين رأى أن الانتصار لم يكن كاملاً، وحتى يكتمل يتعيّن التخلص من الديكتاتوريات وعلى رأسها الديكتاتورية العراقية التي كان صدام حسين على رأسها.

وكانت الولايات المتحدة، مع غطرستها، ترى وقتها أن الشرق الأوسط ضروري للتوازن العالمي، ولذا يتعين العمل من أجل فرض «شرق أوسط جديد» في إطار إعادة تنظيم وتركيب العالم وفق الرؤية الأميركية، وهذا كان مشروع من يسمون بـ«المحافظين الجدد». وطرحهم هذا كان قبل الحرب وبعدها. إلا أن الأمور لم تسر وفق رؤيتهم. وإذا كان صحيحاً أنهم نجحوا في تشكيل تحالف يضم 49 دولة للتدخل في العراق، فإن دولاً رئيسية رفضت خططهم وعلى رأسها فرنسا وروسيا والصين، وهي ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن.

 ويتعين التركيز على حالة ألمانيا التي رفضت السير في الركب الأميركي، وكانت هذه المرة الأولى التي تفترق فيها عن السياسة الأميركية. نحن التزمنا بموقف واضح، وفحواه أن لا شرعية لعمل عسكري في العراق من غير قرار من مجلس الأمن.

وبتفصيل أكبر، قلنا إننا متمسكون بمضمون القرار 1441 الذي نص على إرسال مفتشين دوليين إلى العراق للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل التي ادّعى الأميركيون أن العراق يملكها. وقلنا أيضاً إن وضع عوائق بوجه عمليات التفتيش ستدفع مجلس الأمن للاجتماع والنظر في الحاجة لعملية عسكرية.

والحال، أنهم لم يواجهوا أي عوائق. من هنا كان رفضنا للسياسة الأميركية. وأود أن أضيف أن شيراك كان يرى أن قبول صدام التفتيش من غير اعتراضات يعني أن لبنة أساسية من سلطته قد تدحرجت، وأن سلطته سوف تنهار بسبب تركيبة نظامه، وبالتالي لا ضرورة للتسرع في العملية العسكرية التي هي، بنظرنا، فاقدة للشرعية ما دام مجلس الأمن لم يجزها. ثم علينا ألا ننسى الرفض الشعبي للحرب كما برز ذلك مع المظاهرات الضخمة التي حصلت في الكثير من العواصم ومنها الغربية.

*المصدر: «الشرق الأوسط» بتصرف

 يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *