زيتوت ومَن على شاكلته ممن يزعمون أنهم معارضون للنظام، بتبنيهم هذا الطرح الميكيافيلي الخبيث، فإنما يؤكدون على أن مسألة النيل من سيادة المغرب، هي عقيدة نجح النظام الحاكم في ترسيخها لدى الغالبية المطلقة من مواطنيه، وأن الاختلاف بين طوائفه، هو فقط يهم طريقة التعبير عن ذلك. 

اليزيد

*نور الدين اليزيد

محمد العربي زيتوت الدبلوماسي اللاجئ ببريطانيا، المنشق عن نظام العسكر الجزائري منذ منتصف التسعينيات ويعتبر نفسه أحد أشرس معارضي قصر المرادية، يتحول إلى أول الموالين لنظام بلاده، كلما تحدثت معه عن الصحراء المغربية، بل وإلى مهاجم ومنتقد بوقاحة للنظام المغربي ولرموزه ومؤسساته، ثم “ينتصر” بلؤم وخبث لـ”الشعب المغربي الشقيق”، الذي برأيه لا خصومة له مع شقيقه الشعب الجزائري، ولكن الخصومة هي بين “نظامين”؛ في تدليس شيطاني ماكر، للوقائع التاريخية والجغرافية لصراع البلدين..

حديثي اليوم عن هذا “المعارض”؛ هو بسبب كشفه من جديد عن “إيديولوجيته” “الوطنجية”، كما يحب أن يسميها هو في توصيفه للمتشددين، من البلدين، بقوميتهم، وهي الإيديولوجية التي لا تختلف عن عقيدة نظام العسكر الذي يزعم أنه يعارضه، والتي تتجلى في تبني الحدود الموروثة عن الاستعمار، واستعمال كل ما أوتي من قوة، حتى ولو اقتضى الأمر تبني خطة “أحسن خطة للدفاع وهي الهجوم” .

تماما كما يفعل النظام العسكري في تبنيه لأطروحة الانفصال التي تستهدف الصحراء المغربية الغربية.. وكما يفعل زيتوت الذي يواري هذا الفكر التوسعي بداخله، بتأجيل البث في هذا الملف، إلى حين “انتصار الحراك” ووصول حزومة مدنية إلى الحكم، وعنئذ يمكن إيجاد حل للقضية في إطار يخدم “الاتحاد المغاربي”، كما يزعم، دون أن يأتي على ذكر “الصحراء المغربية”، في تبطين مفضوح وفي تماهٍ مكشوف لنفس أطروحة نظامه عشية حصولهم على الاستقلال عن فرنسا، عندما وعدوا السلطان محمد الخامس بأنهم سيتفقون معه على مشكل الحدود، ثم ما لبتوا أن انقلبوا على عقبيهم ونكثوا العهود، بمجرد حصولهم على دولة في 1962.

هذا الـ”زيتوت” يعيد اليوم نشر مقطع فيديو نشره قبل سنتين تقريبا، في رده على سفير المغرب الدائم بالأمم المتحدة، السيد عمر هلال، عندما رد على ممثلي نظامه الذين كعادتهم حشروا مسألة الصحراء المغربية في منتدى عالمي بدون حتى وجود مناسبة للحديث عن “النزاع”، فلم يكن أمام السفير عمر هلال إلا أن يُذكّر هؤلاء -من باب الذكرى وحسب- بأنهم ما داموا يصرون على مبدإ “تقرير المصير” في الصحراء، فالأولى أن يمنحوا هذا المبدإ لسكان منطقة “القبايل”، التي كان لها مصير مستقل حتى قبل “الجزائر”؛ فهاج “زيتوت” وماج وثارت ثائرته وهاجم الدولة المغربية ووصف السفير بـ”السفيه” !

واليوم وبعدما رد على التقارير المغربية التي تحدثت في الآونة الأخيرة عن “الصحراء الشرقية”، بمناسبة حديث السيدة بهيجة سيمو مديرة الوثائق الملكية، عن الموضوع في سياق ندوة نظمتها الوكالة الرسمية حول الصحراء المغربية، وبعدما “حذر” الحكومة المغربية و”الإخوة المغاربة”، كما قال، من مغبة تبني مثل هذه الأفكار، وإنْ أقرّ نوعا ما بوجود “مشاكل وخلافات” حول الحدود، وهو ما يمكن مناقشته بعدما تحكم الجزائريين “حكومة مدنية”، كما يزعم، أعاد -بِمكر وخبث- نشر مقطع الفيديو الذي يصف فيه عمر هلال بـ”السفيه”؛ وهو ما تصدى له مغاربة أمطروه بوابل من الردود على قناته في يوتيوب !     

زيتوت ومَن على شاكلته ممن يزعمون أنهم معارضون للنظام، بتبنيهم هذا الطرح الميكيافيلي الخبيث، فإنما يؤكدون على أن مسألة النيل من سيادة المغرب، هي عقيدة نجح النظام الحاكم في ترسيخها لدى الغالبية المطلقة من مواطنيه، وأن الاختلاف بين طوائفه، هو فقط يهم طريقة التعبير عن ذلك؛ بحيث إن جنرالات الحكم ومن يدور في فلكهم من المسؤولين والسياسيين يعبرون عن ذلك صراحة، بينما النخبة المثقفة والإعلاميون والمعارضون، بكل شواربهم، يعبرون عن طمعهم في التوسع على حساب الجيران بمن فيهم المغرب بأسلوب وخطاب لبق وأحيانا براق لكنه ملغم، وهذا أخطر بكثير من خطاب العسكر الذي يطغى عليه فقط الضجيج والبروباغندا أكثر !.

أخيرا وأنا أتصفح ردود أفعال الجزائريين، ولاسيما المعارضين أو الذين يزعمون أنهم معارضون صناديد لنظام جنرالات العسكر، عن ما أثير مؤخرا بخصوص “الصحراء الشرقية” المغربية، كما تكشف الوثائق التاريخية، أتوقف بحسرة عن مدى الهوة والفرق الشاسع بين “المعارضين” الجزائريين، و”المعارضين” المغاربة؛ فبينما يلتف الأوائل حول نظامهم رغم كل سيئاته ومساوئه وسوْءاته المكشوفة، في الدفاع عما يرونه حقوقهم السيادية في تراب أراضيهم، حتى في ظل تبني نظامهم سياسة عدوانية بهذا الخصوص اتجاه المغرب، نجد المعارضين التاليين (المغاربة)، يصرون بكل صفاقة على “شيطنة” نظامهم ودولتهم (المغرب)، بل ويتبنون حرفيا الخطاب الافترائي لنظام العسكر، من أن التقارب والتطبيع مع إسرائيل، هو ما يجعل النظام المغربي يلجأ لإثارة موضوع “الصحراء الشرقية”، بل والتصعيد مع “الجار” الشرقي..

هل رأيتم وقاحة مثل هاته؟ !.

*كاتب صخفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *