دعا النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، إلى العمل على توضيحات أكبر لمفهوم السياسات العمومية، لتسهيل مهام البرلمان المرتبطة بها.
وحسب كلمة ميارة، التي تمت تلاوتها في ندوة حول ” التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح” التي المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية المتعلقة بمناقشة السياسات العمومية وتقييمها حول هذا الموضوع، إن “مدخل الولوج إلى حقل السياسات العمومية باعتباره موضوعا للتقييم البرلماني،يطرح إشكاليات تعدد وتنوع التعاريف المقدمة له كمفهوم، إذ تقوم كل مؤسسة بتعريفه انطلاقا من فهمها الخاص له، مما يزيد من تعقيد عملية تحديده بدقة، وإعطائه بعدا عمليا وإجرائيا واضحا، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة حصره، عند مباشرة عمليات التقييم، فضلا عن الاختلاف في مقاربته من تجربة دولية إلى أخرى“.
وتصنف التجربة المغربية حسب مسارة ضمن التجارب التي قامت بدسترة السياسات العمومية، وجعلها فعلا حكوميا، بالرغم من “مساهمة مجموعة من الفاعلين في صياغتها، إذ تقوم الحكومة من خلالها إما بتنزيل برنامجها الحكومي، أو تقديم حلول للمشاكل العمومية، أو إيجاد السبل لتحقيق التوازن بين مختلف التدخلات القطاعية،وذلك عن طريق ممارسة التحكيم بين الاختيارات العمومية، من أجل تحديد أولويات العمل الحكومي لفترة زمنية مستقبلية، وفق رؤية سياسية واضحة“.
وفي هذا السياق أشار ميارة إلى قرار المحكمة الدستورية بمناسبة النظر إلى مدى مطابقة النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور، حيث اعتبرت المحكمة الدستورية، أن “التعريف المقدم للسياسات العمومية من طرف مجلس النواب في المادة 324، ذي طبيعة إجرائية، ينصب على مجال السياسات العمومية والقطاعية، التي يتداول مجلس الحكومة بشأنها، طبقا للفصل 92 من الدستور، واكتسى تحديده طابعا ملزما لمجلس النواب وحده، واتخذ لأغراض التقييم لا غير“.
وشدد المتحدث على أن مختلف المحاولات التي أقدم عليها مجلسا البرلمان، من أجل تحديد تعريف دقيق وشامل لمفهوم السياسات العمومية، بمناسبة تعديل أنظمتهما الداخلية، كانت “بغرض محاولة تأطير هذا المفهوم، وتحديد أبعاده المختلفة، حتى يسهل على المجلسين، التمييز بين مواضيع التدخلات العمومية، لتفعيل اختصاص تقييم السياسات العمومية، ومساءلة رئيس الحكومة حول مواضيع السياسة العامة“.
لكن على مستوى الممارسة العملية، يستدرك ميارة، “لازالت هذه المفاهيم من منظورنا تحتاج إلى تمييز بعضها عن بعض، وخصوصا تمييز مواضيع السياسات العمومية عن مواضيع السياسة العامة والسياسات القطاعية والبرامج والمشاريع العمومية، حيث في غالب الأحيان، ترجع صعوبة التمييز بينها إلى تداخل مستويات الفعل العمومي،وعدم القدرة على الفصل بين مجالاته، لتحديد بدقة أين تبدأ السياسات العمومية؟ وأين تنتهي؟“.
تبعا لذلك، اعتبر المتحدث أنه “بالرغم من التطور الذي عرفه هذا المفهوم، إلا أنه لازال في حاجة إلى المزيد من التوضيح تفاديا للخلط بينه وبين مفاهيم البحث والخبرة والمراقبة ومراقبة الأداء والتدقيق”، بالإضافة إلى أن “هناك من يعتبره امتدادا لوظيفة مراقبة العمل الحكومي، إذ ظهر نتيجة قصور هذه الوظيفة في بلوغ الغاية منها، في حين أن البعض يعتبره وظيفة جديدة مستقلة عن المراقبة من حيث الآليات والمنهجيات والغايات من ممارستها”.