عبد الرزاق بوتمزار

ح. 50

يُشترَط في المُترشّح أنْ (…)

بعد الجولة التي قمنا بها بين وزارات الرّباط، والتي لم تُسفر عن أيّ نتيجة، عدنا إلى مُرّاكشَ بخيباتنا الكثيرة وبجيوبنا الفارغة. وتحت ظلال أشجار الواحة، استأنفنا عاداتِنا القديمة: نمضي سحابة يومنا مُتربّصين بالفتيات وبفُرَص التشغيل، كلما لاحت إحداها في أفق انتظارنا

في تلك الأيام البعيدة كانت حظوظنا في الظفر بإحدى الدّرّياتْ تفوق بكثير حظوظَ كسب ودّ إحدى فرص الشّغل، رغم الجهود التي كنّا نبذل خلال الاستعداد لتلك المبارَيات وأثناء إجرائها.. في مغربٍ نعرف جيداً كيف تسير فيه الأمور، كان ما ينقص مُبارَيات التوظيف أو التشغيل التي نتقدّم لاجتيازها هو أنْ تكون شفـّافة وذاتَ مصداقية بما يكفي كي تتساوى الحظوظ أمام الجميع؛ لكنْ.. ما كلّ ما يتمنى العُجـاز يُدركه!

كنّا “نستوفي” جميعَ الشّروط في أيّ مباراة نتقدّم إليها. نُعدّ جميع الوثائق اللازمة ونُرفقها بطلب أنيق ونقدّمها، في ملفات جميلة داخل الآجال المُحدَّدة. نستعدّ ليوم الامتحان. نُراجع أوراقنا القديمة ونستشير هنا وهناك. نُوقّع على أوراقٍ خطَطنا عليها مواضيعَ نموذجيةً. نُجيب عن معظم الأسئلة المطروحة ونغادر قاعات الامتحان ونحن نتغامز على أرقامٍ نُعاين غياب أصحابها في جميع القاعات التي احتضنت الكونكورات الكثيرة التي اجتزنا.

وللمفارقة العجيبة، كان أصحاب هذه الأرقام الغائبون عن يوم الامتحان أولَ من ينجحون في آخر المطاف! بينما يتأجّل -في كلّ مرّة- موعدُنا نحن مع الحظ إلى مناسبة، إلى مُناسَبات أخرى.

في بعض المُبارَيات، خصوصا تلك التي كانت تجري في عاصمة البلاد، والتي تتعلق بتوظيفات مُحتمَلة في أسلاك عليا في سلّم الإدارة العمومية، كانت إطلالة واحدة على اللائحة النهائية للمحظوظين الذين “نجحوا” كافيةً لأنْ تُعطينا فكرةً واضحةً عن الطريقة التي يجري بها التحكّم في نتائج مُبارَيات التوظيف! كان إلقاء نظرة سريعة على الأسماء العائلية لأولئك “النّاجحين” في المُبارَيات يقتل في أعماقنا ما بقيَ من إيمانٍ بمبدأ تكافؤ الفُرَص، الذي من المُفترَض أن يُعلَن وِفقه عن أيّ مباراة للتوظيف.

أسماء وألقاب صقيلة، ملساء، سلِسة النّطق، لا تُشبه في شيء أسماءَنا وألقابَنا الخشنة والغريبة التي كنّا نريد أن نُزاحم بها أسماءَ أخرى، معروفة، يبدو أنها لم تكن تُحبّ أن تجمعها اللائحة ذات بأسمائنا النّكرة، الغريبة في تركيباتها الأبجدية، خُصوصاً إذا وردتْ في قائمة “النّاجحين”..

شروطٌ أخرى، مُغيَّبة عن لائحة الشّروط التي توردها إعلانات مُبارَيات التشغيل كان عليهم أن يُصرّحوا بها علنا، حتى يُعفونا على الأقلّ من تبذير تلك الدّراهم التي كنّا نَصرفها على الوثائق والنّسَخ التي كان يتطلبها إعداد كلُّ ملف على حدة من ملفّات الترشح لاجتياز كونكورات لم يكن ينجح فيها إلا المحظوظون حقاً، خصوصا مَن لم يكونوا يُشرِّفون مُنظّمي هذه المُبارَيات ولو بحُضورهم!..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *