أضحى صرف المضادات الحيوية في الصيدليات دون وصفة طبية أمرا “اعتياديا”؛ إلا أنه في الحقيقة أمر ينطوي على العديد من الأضرار على صحة المريض، ما يحتم تعزيز التوعية المجتمعية بخطورة هذه الممارسة.
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة الصيدلانية حنان عازم، في حديث لوكالة لاماب، بمناسبة الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات، على ضرورة توفر المريض على وصفة طبية للحصول على المضاد الحيوي، وكذا خطورة استخدامه دون استشارة طبية.
وشددت على أهمية جعل التوعية ممارسة يومية وعلى طول السنة، وتوظيف كافة القنوات التحسيسية المتاحة، سواء المنابر الإعلامية أو المواقع الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي.
أجرت الحديث: هناء ضاكة
1- أين تتجلى خطورة صرف المضاد الحيوي دون وصفة طبية على الصحة العامة؟
عموما، اعتاد المواطن على إمكانية اقتناء المضاد الحيوي بدون وصفة طبية، إما لسماعه عن فعاليته من أحد معارفه أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن ما يتعين التأكيد عليه هو أن هذا التصرف خاطئ، وينطوي على العديد من الأخطار التي تحدق بصحة المريض، ومن أبرزها ارتفاع نسبة مقاومة البكتيريا للمضاد الحيوي بسبب كثرة استخدامه وبدون استشارة طبية.
فأنواع العدوى الجرثومية التي قد تسببها البكتيريا تتنوع وتختلف من حيث درجة الحدة والخطورة، فعند الاستعمال الخاطئ دون استشارة طبية، يتسبب المضاد الحيوي في آثار جانبية خطيرة. وفي بعض الأحيان قد تكون العدوى فيروسية ولا يحتاج المريض أساسا إلى مضاد حيوي. هذه الممارسة الشائعة في المجتمع والتي يعتقد من خلالها المريض أنه بإمكانه العلاج الذاتي مع توفير تكلفة زيارة الطبيب من أجل التشخيص، يمكن أن نسميها مغامرة غير محسوبة العواقب.
إن اقتناء هذا النوع من الدواء دون استشارة طبية يساهم في مقاومة المضاد الحيوي للبكتيريا المسببة للمرض، بالإضافة إلى ضياع الفرصة على المريض لاستخدام أدوية قد تكون أرخص من ناحية الثمن وجيدة من ناحية المفعول، وهو ما قد يستدعي في حالة حدوث مضاعفات خطيرة، اللجوء إلى أدوية أكثر كلفة. وفي بعض الحالات، قد تؤدي مقاومة البكتيريا للمضاد الحيوي إلى الوفاة.
2- أين تكمن المهمة الأساسية للصيدلاني؟
يلجأ المواطن في غالب الأحيان للتطبيب الذاتي ويصف الدواء لنفسه أو لغيره من أصدقائه أو جيرانه ويسارع إلى تناول المضاد الحيوي كلما أحس بألم ولو كان خفيفا، ولاسيما في الحنجرة أو سيلان بسيط في الأنف أو زكام خفيف.
وقد يتجاوب بعض الصيادلة للأسف مع هؤلاء، ويلبون طلباتهم ويبيعونهم أحيانا أنواعا مختلفة من المضادات الحيوية دون المعرفة التامة بطبيعة حالتهم المرضية.
وهذه في الأساس، ليست مهمة الصيدلي، الذي يتمثل دوره الأساسي في شرح الطريقة السليمة لتناول المضاد الحيوي وفقا لما جاء في وصفة الطبيب المعالج، وخاصة ضبط مواعيد محددة لتناوله واحترام الكمية الموصوفة وطول مدة العلاج، ومعرفة ما إذا كان ينبغي أخذ المضاد الحيوي قبل أم بعد الأكل لتقليل الآثار الجانبية.
كما تشمل مهمة الصيدلاني تقديم النصيحة في حال ظهور آثار جانبية والتنبيه إلى ضرورة وقف العلاج مؤقتا وإبلاغ الطبيب فورا عند الشعور بأي من الأعراض الجانبية الخطيرة، كآلام المفاصل أو اضطراب ضربات القلب أو التعب الشديد أو آلام المعدة والإسهال والغثيان، فضلا عن ظهور حساسية أو طفح جلدي.
أيضا، يجب على المريض الالتزام بالمدة المحددة لتناول المضاد الحيوي، فلا ينبغي وقفه حتى مع الشعور بالتحسن، لأنه من الممكن أن لا يكون قد تم القضاء على البكتيريا بشكل كامل.
وننصح كأطباء صيادلة بعدم تناول الحليب أو مشتقاته لمدة ساعتين قبل وبعد أخذ المضاد الحيوي، لتفادي حدوث مشاكل في الجهاز الهضمي، في حين يعد شرب الماء أفضل طريقة لتناول هذا النوع من العلاج.
3- ما هي النصائح التي يمكن تقديمها من أجل التوعية بخطورة اقتناء المضاد الحيوي دون وصفة طبية ؟
أعتقد أنه يتعين تسليط الضوء على مخاطر المضاد الحيوي ليس خلال هذا الأسبوع العالمي فقط، ولكن ينبغي أن نجعل من التوعية ممارسة يومية وعلى طول السنة، وبالاستعانة بكافة القنوات التحسيسية المتاحة، سواء من خلال المنابر الإعلامية أو المواقع الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي.
يجب أن يشمل المجهود التوعوي ضرورة التخلص من المضاد الحيوي المتبقي بصفة آمنة وعدم تخزينه لاستخدامه في ما بعد أو وصفه لمريض آخر، بالإضافة إلى توعية المريض الذي يُقبل على شراء المضاد الحيوي بدون وصفة طبية بمخاطر إساءة استعماله، والامتناع عن تمكينه منه.
ولا يفوتني التنويه بورش تعميم التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة، الذي سيمكن من ضمان ولوج المواطنين للخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص وفي مقدمتها استشارة الطبيب الخاص أو طبيب الأسرة من أجل التشخيص والحصول على الدواء المناسب.