بعد مخاض ظرفي عسير وفترة ركود تميزت بأجندة  إقليمية (القمة العربية بالجزائر) وعربية (قمة المناخ كوب 27 بشرم الشيخ)، يُرتقب أن تدخل علاقات المغرب مع شركائه التقليديين منعطفا جديدا سمته تقوية الروابط السياسية والتجارية والاقتصادية واستشراف آفاق العمل المستقبلي بما يخدم مصالح البلدان المعنية، المغرب، اسبانيا وفرنسا.

فقد احتضنت العاصمة باريس أمس الجمعة، لقاء جمع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ونظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس؛ وذلك على هامش انعقاد النسخة الخامسة من منتدى باريس للسلام.

ويندرج هذا اللقاء في سياق التحضير للاجتماع رفيع المستوى، الذي سيجمع البلدين لأول مرة منذ سنة 2015، مطلع السنة المقبلة(2023). 

 وكان الوزيران عزا إرجاء موعد القمة المغربية الإسبانية، التي كانت مقررة  قبل متم السنة الجارية  إلى “التحضير الجيد لها لحضور أكبر عدد من الوزراء الذين يمثلون قطاعات مختلفة، لتنزيل أمثل لاتفاق السابع من أبريل الماضي“.

وتنعقد القمة المغربية الاسبانية رفيع المستوى، في سياق مسار متجدد تعرفه العلاقات الثنائية ، بعد أزمة دبلوماسية  دامت أكثر من سنة، تسببت فيها الحكومة الاسبانية، بعد استقبال الزعيم المفترض  للجبهة الانفصالية ابراهيم غالي فوق التراب الاسباني.

وتوج استئناف العلاقات الثنائية  بالزيارة التي قام بها بيذرو سانشيز إلى الرباط في 7 أبريل واستقباله من طرف العاهل المغربي محمد السادس، تم على إثره إصدار بلغ مسترك تضم خارط الطريق الجديدة التي ستؤطر العلاقات الثنائية بين البلدين.

وتشهدت العلاقات المغربية الاسبانية زخما بعد إعلان الحكومة الاسبانية عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء.

 وهو الموقف الذي أثار ضغينة النظام الجزائري الذي بادر إلى “معاقبة” اسبانيا على  التحول الإيجابي الذي طرأ على موقفها من الصحراء المغربية من خلال توقيف العمل بمعاهدة الصداقة التي تجمع البلدين.

وتشهد العلاقات الثنائية المغربية الاسبانية مسارا طبيعيا بعد إعادة فتح الحدود واستئناف العلاقات التجارية والاقتصادية بصفة عادية.

في السياق نفسه، وبعد أزمة وصفت بالصامتة بين المغرب وفرنسا،  بدأت تظهر بوادر الانفراج في العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا.

 ومن أبرز مؤشرات الانفراج القريب، إعلان شركة الهندسة الفرنسية المتخصصة في البنى التحتية والنقل “إيجيس” عن فوزها بصفقة إنجاز خط جديد  للقطار فائق السرعة بالمغرب، الذي سيربط بين مدينتي القنيطرة ومراكش.

 وقبل ذلك، قام وفد فرنسي يضم برلمانيين ورجال أعمال بزيارة إلى المغرب تمهيدا لانقشاع سحب الخلافات الظرفية المغربية الفرنسية.

والتقى الوفد الفرنسي برئيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية-الفرنسية بمجلس النواب، الحبيب المالكي،  الذي استحضر في مستهل هذا اللقاء الروابط التاريخية القوية التي تجمع المغرب بفرنسا، حسب بلاغ أصدره مجلس النواب.

من جهته، أكد دولاهاي، نائب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي الذي ترأس الوفد الفرنسي، أن المغرب يعتبر “شريكا بالغ الأهمية لفرنسا في أفريقيا والمنطقة المغاربية”، مثمنا التطور الكبير الذي تعرفه المناطق الجنوبية للمملكة ومدينة الداخلة على وجه الخصوص، كما أبرز أن المغرب يعتبر بوابة نحو أفريقيا، داعيا إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية بما يفتح آفاقا جديدة للتعاون وبما يخدم مصالح البلدين.

وفي وقت سابق، كشف موقع “أفريكا إنتيليجنس”، أن العاهل المغربي محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجريا محادثة هاتفية، تطرقا خلالها إلى “سوء التفاهم الحاصل خلال الأسابيع المنصرمة، بالإضافة إلى كون سفارتي البلدين بدون سفير منذ شهر أكتوبر المنصرم“.

وبحسب المصدر نفسه، فإن ماكرون أعرب للعاهل المغربي عن رغبته في القيام بزيارة رسمية للمغرب، مضيفا أن الملك تفاعل مع ذلك بشكل إيجابي وعبر عن ترحيبه بالرئيس الفرنسي واستعداده لاستقباله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *