يقول أحمد الخريف، عضو مجلس المستشارين، في الحوار التالي، إن الدبلوماسية البرلمانية تقوم بعمل نشط في مجال الترافع عن السيادة الترابية للمملكة، خاصة في دول أمريكا اللاتينية.
ويضيف أن البرلمان المغربي كثف حضوره بمنطقة أمريكا اللاتينية، وهو ما أفضى إلى نتائج إيجابية بالنسبة إلى قضية الوحدة الترابية للمملكة، حيث أن عددا متزايدا من دول أمريكا اللاتينية تبنت مواقف إيجابية داعمة للطرح المغربي في ما يخص النزاع المفتعل في الصحراء المغربية..
حوار: جمال بورفيسي
كيف تتعبؤون، في إطار الدبلوماسية الموازية، لمواكبة التحولات السياسية التي تعرفها منطقة أمريكا اللاتينية في ظل العودة القوية لليسار إلى الحكم في عدد من الدول؟
نحن نعتمد مقاربة استباقية، من خلال علاقاتنا مع مختلف التيارات والأطياف السياسية داخل برلمانات دول امريكا اللاتينية.
هاجسنا كان دائما ممارسة دبلوماسية برلمانية نشطة واستباقية، مبنية على المبادرات والدينامية في التحرك، وعدم الاكتفاء بردود الفعل.
بالنتيجة، رأينا مؤخرا، كيف أن أعضاء مجلس الشيوخ في كولومبيا قدموا ملتمسا للرئيس الكولومبي لكي يتراجع عن قرار الاعتراف بالكيان الوهمي. ولاشك أنكم واكبتم رفض مجلس الشيوخ الكولومبي لقرار الرئيس غوستافو بيترو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الوهمي.
وتم التعبير عن موقف مجلس الشيوخ ، من خلال ملتمس موقع من قبل أغلبية 62 من أعضاء مجلس الشيوخ من أصل 108، يمثلون أهم الأحزاب السياسية الكولومبية، من بينها أحزاب تنتمي للائتلاف الحاكم.
برلمان أمريكا الوسطى “البرلاسين”، ورغم أن أغلب البرلمانات الستة الممثلة فيه، تعترف بالكيان الوهمي، إلا أنه رفض طلبا تقدم به (بوليساريو) لقبوله عضوا ملاحظا. إن ذلك يشكل أحد تجليات العمل الذي تضطلع به الدبلوماسية البرلمانية. ولاشك أنكم واكبتم قرار ” البرلاسين” الارتقاء ببصفة مجلس المستشارين إلى وضعية شريك متقدم، اعترافا بالدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية في تعزيز التعاون جنوب-جنوب. هذا بفعل العلاقات التي نسجناها داخل هذا الإطار. يمكن ان نتحدث بدون مبالغة على أننا تمكنا من تشكيل لوبي داخل مختلف برلمانات دول ومجموعات امريكا اللاتينية من أجل تعزيز الشراكات البرلمانية، والدفاع عن مصالح المغرب، والترافع لصالح الأطروحة المغربي، فيما يتعلق بالقضية الوطنية الأولى.
رغم ذلك، فإن العودة القوية لليسار إلى الحكم يفرض تحديات على الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية، أليس كذلك؟
ينبغي أن نميز، فاليسار بطبيعة الحال، يصطف، تقليديا مع الحركات الانفصالية والفئات الضعيفة، وهذا ما يلاحظ عموما في كل أنحاء العالم وليس فقط في منطقة أمريكا اللاتينية. وهذا ما تم تسجيله بالخصوص خلال فترة الحرب الباردة. لكن ينبغي أن نستحضر التحولات التي وقعت بعد الحرب الباردة وانتهاء عهد القطبية الثنائية.
كما لابد أن نستحضر التحولات السياسية الجارية في مختلف أنحاء العالم. وكذا التحولات الإيجابية التي عرفها المغرب طيلة العقود الماضية في مسار الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، بل التنمية على كافة الواجهات.
من هذا المنطلق، ينبغي التأكيد على مسألة أساسية، وهي أن حكومات بلدان امريكا اللاتينية تُشيد بالمغرب وبمكانته الاقليمية والقارية باعتباره بوابة افريقيا وجسرا نحو اوربا والعالم العربي، كما تشيد بالمسار الديمقراطي والحقوقي للمغرب والاستقرار والأمن الذي ينعم به في ظل تقلبات ومتغيرات يشهدها العديد من المناطق عبر العالم. وتشيد بالتوجه الراسخ للمغرب في مجال دعم التعاون جنوب جنوب.
هذا يعني أنكم تنظرون بتفاؤل إلى مستقبل قضية الوحدة الترابية في علاقتها بصعود اليسار في عدد من الدول بأمريكا اللاتينية؟
إن الدعم الدولي للوحدة الترابية للمملكة ما فتئ يتقوى ويتعزز، كما أن دعم المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي، يلقى صدى واسعا على المستوى الدولي. وبصراحة ، فنحن ، في إطار الدبلوماسية البرلمانية معبؤون للمضي قدما في الترافع عن وحدتنا الترابية ومواجهة المناورات الخصوم.
نحن متفائلون. صحيح أن ثمة تحديات يفرضها صعود اليسار في عدد من الدول، خاصة في دول أمريكا اللاتينية، لكن لسنا متخوفون لأننا نعتمد دبلوماسية موازية نشطة وحاضرون في بلدان أمريكا اللاتينية.
*عضو مجلس المستشارين وممثله الدائم لدى برلمان أمريكا الوسطى