أثبتت المعارضة البرلمانية، أمس الاثنين، عجزها على مواجهة سلطة تنفيذية تتوفر على خارطة طريق واضحة المعالم للعمل الحكومي والسياسي.

وعلى رؤية شفافة في ما يتعلق بأولوياتها وتوجهاتها ومشاريعها وسبل تنفيذ التزاماتها المُسطرة في البرنامج الحكومي.

ففي الوقت الذي نجح فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، والتي خُصصت بالكامل لمشروع قانون الميزانية لسنة 2023، في بسط التوجهات الأساسية المتضمنة في مشروع الميزانية.

وفي الوقت الذي أقنع في الدفاع عن أولويات الحكومة المسطرة في برنامجها الحكومي الذي نال ثقة مجلس النواب في 13 أكتوبر 2021، والتي تكرست في مشروع قانون الميزانية لسنة 2023.

وفي الوقت الذي وثق مداخلته بالأرقام والمعطيات، معتمدا أسلوبا واقعيا، بعيدا عن أي نزوع نحو الشعبوية والنفخ في الأرقام والطموحات، لجأت بعض أطياف المعارضة إلى المزايدة السياسية دون أن تطرح أية بدائل أو تقدم مقترحات، مما جعلها تفشل في إقناع المواطنين.

فمنسق مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بوانو، ظل حبيس النظرة الضيقة في “المعارضة”، من حيث اللجوء إلى أحكام القيمة والقوالب الجاهزة في توجيه النقد.

وسقط مجددا في فخ المزايدة السياسوية، من خلال تركيزه الشديد على  أرباح شركات المحروقات، وهو موضوع يثيره باستمرار وفي كل المناسبات.

مشكلة بوانو والعديد من منتخبي وبرلمانيي العدالة والتنمية أن أرباح شركات المحروقات، التي يتحدثون عنها باستمرار، أصبحت تشكل لهم عقدة، يجدون صعوبات كبيرة في التخلص منها.

المشكلة أنهم يبنون معارضتهم كلها على “أرباح شركات المحروقات” وهذا يُشكل، في حد ذاته عائقا أمام تطور ونجاعة وانفتاح عمل المعارضة.

وأثار بوانو كذلك ارتفاع حجم الاستثمارات من 245 مليار درهم إلى 300 مليار درهم  التي اعتبرها مسألة مهمة، لكنه شدد على أن زيادة 55 مليار درهم في حجم الاستثمارات مصدرها الاقتراض من الخارج.

وادعى بوانو، أن وثائق الحكومة لم تتضمن أية إجراءات من شأنها أن تتصدى للعراقيل التي تقف عائقا أمام جلب الاستثمارات.

كما أشار إلى ما سماه تعطيل مؤسسات تحفيز الاستثمار، ومن ضمنها بعض اللجان الخاصة بالاستثمار

ولا شك أن بوانو يتناسى عن قصد أن رئيس الحكومة الحالية جعل من موضوع الاستثمارات أحد الأولويات الأساسية للحكومة، التي طرحت ميثاقا جديدا للاستثمار بهدف ضخ دينامية جديدة للاستثمارات العمومية والخاصة.

وفي هذا الإطار، ينبغي أن نذكر بوانو، كذلك، أن رئيس الحكومة واظب، مثلا، منذ تعيينه رئيسا للسلطة التنفيذية على ترؤس لجنة الاستثمارات.

وإلى حدود متم يوليوز الماضي، ومنذ بداية الولاية الحكومية الحالية، تم عقد 6 دورات للجنة الاستثمارات، سمحت بالمصادقة على 58 مشروع اتفاقية وملاحق بمبلغ إجمالي قدره 39,1 مليار درهم وإحداث 16.800 منصب شغل مباشر وغير مباشر، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية المتعلقة بجعل الاستثمار محرك للتنمية السوسيو-اقتصادية للمملكة.

من جهته، انحصرت مداخلة رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عبد الرحيم شَهيد، في إثارة ما سماه بتراجع الحكومة عن تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، حيث لم يتم نقل الموارد البشرية والمالية الكافية من المركز إلى الجهات.

ويرى شهيد بأن التراجع عن ذلك، يتمثل في عدم التزام الحكومة خلال إعداد مَشروع قانون مالية 2023، بالمذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة التي حددت أربعة أهداف من بينها تحقيق العدالة المجالية الذي “تم التخلي عنه”، حسب ما ورد على لسانه.

لقد فشلت المعارضة البرلمانية في إحراج الحكومة،  في مناسبة سانحة، تتجلى في مناقشة أهم قانون يتأسس عليه عمل الحكومة وهو مشروع قانون المالية.

ورغم أن التداول في المشروع كان يمكن أن يشكل مناسبة للمعارضة  لتوجيه انتقادات بناءة للسياسة المتبعة من طرف الحكومة، إلا أنها ظلت خارج سلطة الإقناع.

وأعطت المعارضة الانطباع بأنها تائهة وليست بالقوة الاقتراحية التي من المفترض أن تجسدها.

وليست لها بدائل، في مواجهة حكومة منسجمة تتوفر على مشروع سياسي ورؤية واضحة للعمل الحكومي.

إن النقص العددي (125 نائب محسوبون على المعارضة) ليس مبررا كافيا لتفسير ضعف المعارضة.

ثمة عوامل أخرى تتعلق بضعف المعارضة، مردها أساسا إلى أن مكونات المعارضة شاركت في الحكومات السابقة، ولم تكن مستعدة للقيام بدورها الجديد في المعارضة بالنجاعة والتأثير المطلوب.

ولم تتبنى استراتيجية حقيقية لعمل المعارضة.

فالمعارضة وهي تدخل سنتها الثانية، تفتقد إلى خارطة طريق للعمل السياسي البناء والمسؤول.

ويبدو أن المعارضة لم تعثر بعد على البوصلة التي تقود عملها باعتبارها قوة اقتراحية قادرة على إشهار ورقة البدائل في وجه الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *