أكدت بلجيكا أن الحكم الذاتي، الذي اقترحه المغرب سنة 2007 كأساس لتحقيق التسوية السياسية للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية، يُشكل أرضية جيدة لحل مقبول من لدن الأطراف المعنية بقضية الصحراء.
جاء ذلك في إعلان مشترك صدر عقب مباحثات أجراها، أمس الخميس بالرباط، وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، ووزيرة الشؤون الخارجية والشؤون الأوروبية لمملكة بلجيكا، حجة لحبيب، في إطار زيارة عمل تقوم بها إلى المغرب وتمتد على مدى يومين.
وأكدت المسؤولة الحكومية من أصل جزائري، أن بلجيكا تعتبر مخطط الحكم الذاتي، مجهودا جادا وذا مصداقية للمغرب وأساسا جيدا لحل مقبول من لدن الأطراف .
التصريح المشترك الصادر عقب المباحثات التي أجراها الطرفان، يشكل دفعة قوية لتعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وبلجيكا، التي تقطنها جالية مغربية مهمة.
وبقدر ما يمنح الدعم البلجيكي لمقترح الحكم الذاتي شحنة قوية للعلاقات المغربية البلجيكية، بقدر ما يُكرس عزلة فرنسا، الحليف التقليدي والاستراتيجي للمغرب، التي ظلت تراوح مكانها في المنطقة الرمادية بخصوص موقفها من الصحراء المغربية.
صحيح أن فرنسا تدعم المغرب في إيجاد التسوية السياسية لملف الصحراء في إطار الأمم المتحدة.
ولكن فرنسا، باعتبارها الأكثر قربا من ملف الصحراء المغربية، مقارنة مع حلفاء المغرب الآخرين، الذين عبروا عن مواقف إيجابية داعمة للسيادة الترابية للمملكة، كان حريا بها أن تتقدم خطوات أكثر جرأة وتعبر بشكل واضح وعلني عن دعمها لمغربية الصحراء، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية في 10 دجنبر 2020.
بدل ذلك، تواصل فرنسا، التي تتحمل مسؤولية اقتطاع أجزاء من الأراضي المغربية وضمها للجزائر، حينما كانت تحتل البلد الجار، في سياق مساعيها الرامية إلى توسيع المجال الجغرافي لإمبراطورتها لما وراء البحار، (تواصل) اللعب على الحبلين من خلال ابتزاز المغرب والجزائر على حد سواء، لضمان مكاسب ومنافع سياسية واقتصادية ضدا على الاستقرار والسلم في منطقة شمال افريقيا.
من خلال موقفها الأخير، تكون بلجيكا قد انضمت إلى لائحة العديد من البلدان الأوروبية التي تدعم بشكل واضح مخطط الحكم الذاتي كإسبانيا وألمانيا، وهولندا، وقبرص، وهنغاريا، ورومانيا والبرتغال وصربيا..
بلدان تجمعها بالمغرب علاقات سياسية ودبلوماسية، كلها عبرت عن موقف واضح وصريح ومساند للحكم الذاتي..
إلا فرنسا الحليف الاستراتيجي للمغرب، التي لم تراوح مكانها، وفضلت البقاء في موقف الظل، بما أنها لا تحرص سوى على مصالحها الاقتصادية والثقافية بالمغرب، ولا يهمها مصالح المغرب، حتى ولو كان الأمر يتعلق بالقضية الوطنية الأولى للمغرب.
رغم الزخم الذي تعرفه قضية الوحدة الترابية للمملكة منذ الاعتراف الأمريكي التاريخي بمغربية الصحراء، تظل فرنسا متقوقعة في المنطقة الرمادية، التي لا تزيدها سوى عزلة..
ويبدو أن فرنسا لم تتحرر من نزعتها الاستعمارية التي تعتبر منطقة شمال افريقيا محمية تابعة لها.
بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي نفى فيها وجود أمة جزائرية، ورفض تقديم الاعتذار على جرائم فرنسا في الجزائر إبان الحقبة الاستعمارية.
ورغم ما قاله في حق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أنه يعيش حبيس نظام سياسي عسكري مغلق، توج مواقفه المناوئة لمصالح شعوب المنطقة بفضيحة تسليم جماجم لصوص وقتلة للجزائر، على أساس أنها جماجم لمقاومين جزائريين. قمة الاحتقار لدولة الجزائر..
فرنسا أصبحت تعيش ارتدادات داخلية صعبة بفعل تنامي التضخم وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات، و تناقص المخزون من المواد الطاقية، مما فجر احتجاجات شعبية عارمة في العاصمة الفرنسية.
حيث تظاهر آلاف الفرنسيين الأحد بالعاصمة باريس، بالتزامن مع استمرار عمال مصافي التكرير في إضرابهم عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور، وهو ما تسبب في وقوف طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود.
لقد عمقت فرنسا جراح عزلتها بعدما افتعلت أزمة مع المغرب التي تتواصل منذ أزيد من سنة ونصف.
قلصت بشكل كبير عدد التأشيرات الممنوحة إلى المغرب.
لم تحاول حلحلة ملف الأزمة لإعادة المياه إلى مجاريه.
تمسكت بموقفها .. طمعا في أن يرضخ المغرب لابتزازها..