أثارت أغنية معروضة بأحد أجزاء الفيلم السينمائي زنقة كونتاكت ضجة كبيرة وخلقت نقاشا عريضا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تعود لمغنية تدعم الانفصالية وتؤيد كيان البوليساريو الوهمي.

 وأصدر المركز السينمائي المغربي بيانا صباح اليوم الخميس، يؤكد فيه معاقبة القائمين على العمل، لما يجسده من خيانة ويحمل من أهداف مشبوهة تمس بالوحدة الوطنية للملكة.

وفي هذا الصدد قال الناقد السينمائي والصحفي توفيق ناديري إن الواقعة قد تعبر عن حالة إهمال واضحة من قبل عدة أطراف في المركز السينمائي المغربي وكانت نتيجتها فضيحة سينمائية ينبغي فتح تحقيق بخصوصها.

حاورته: كوثر أبوثير  

على خلفية الجدل القائم حول فيلم “زنقة كونتاكت”  برايكم ألا يتم معاينة النسخة الأخيرة من العمل قبل عرضه؟

في الحقيقة، ما نحن بصدده الآن، هو فضيحة سينمائية تستوجب أن يتم تحديد المسؤوليات وترتيبها، كما يفترض أن يتم فتح تحقيق دقيق لمعرفة حيثيات ما وقع بالضبط، وننتظر ما يمكن أن يصدر عن المخرج بعد خروج المركز السينمائي لتوضيح وجهة نظره والتبرؤ من هذه الفضيحة والرمي بها في ملعب المخرج.

 وما يشعرنا بالألم والحسرة أن الفيلم توج بالجائزة الكبرى للسينما بعد صراعات ومطاحنات غير مسبوقة في المجال السينمائي في العقد الأخير، ما يعني أن قدرنا أن نعيش واقعا مزريا، توج فيه فيلما مدعما من مالنا ومتوج بضرائبنا في أكبر تظاهرة سينمائية وطنية ليسيء في الأخير لنا بهذا الشكل الفج.

وفيما يخص مسألة معاينة الأفلام، فوجب التأكيد أنه لا يمكن أن يعرض أي فيلم في المغرب، سواء مدعم أو غير مدعم، دون الحصول على تأشيرة العرض التي يمنحها المركز السينمائي المغربي، ما يعني بشكل واضح أن النسخة النهائية تمت معاينتها، وهذا ما قيل بشكل صريح في بلاغ المركز، اللهم إذا كان المركز عاين نسخة وتم تعديلها لاحقا من طرف الجهة المنتجة، وهذا أمر مستبعد جدا، ولا أحد تحدث عن هذه الفرضية، أما فيما يخص عرض أفلام مغربية خارج الوطن، فذلك نقاش آخر.

هل يعني أن هناك إمكانية عرض نسخة غير مطابقة لما يعرض أو ينتج في المغرب؟

نعم، هناك أفلام مغربية منعت من العرض في المغرب، وقدمت في دول أخرى، وهي كثيرة، لكن أبرزها فيلم” الزين اللي فيك” الذي لم يحصل على فيزا العرض بالمغرب وتم عرضه في عدة مهرجانات.

لماذا تأخر المركز السينمائي المغربي في ملاحظة الخرق الذي تم رغم أن أول عرض مرت عليه سنة؟

ببساطة،  ربما هناك حالة إهمال واضحة من طرف عدة أطراف في المركز السينمائي المغربي، بدءا من الجهة المسؤولة على مواكبة العملية الإنتاجية ومدى مطابقتها للأصل المصرح به والمقبول من لدن لجنة الانتقاء، والجهة المسؤولة عن منح تأشيرات العرض، فضلا عن الجهة المكلفة بتنظيم المهرجان الوطني للسينما، دون ان ننسى لجنة التحكيم ذاتها بدرجة أقل.

حصل الفيلم على جائزة بمهرجان طنجة الذي تتشكل لجنة تحكيمه باقتراح من منظمات مهنية للصناعة السينمائية كيف لم تتم ملاحظة الموسيقى أو التعليق عليها؟

سأكون واضحا وشفافا جدا بالقول إن إدخال الفيلم في حد ذاته  للمهرجان الوطني للسينما ومنحه تأشيرة العرض يضع اللجنة في ورطة أو فخ إن صح التعبير، بحكم أن معرفة الثقافة الصحراوية تفترض متخصصين في المجال، ما يفرض مستقبلا أن يتم تضمين اللجنة من هم أهل لهذا الجنس السينمائي.

 لهذا قلت أن مسؤولية اللجنة محدودة وتفترض الإلمام بكل الأجناس الإيقاعية بشكل خاص، مع التذكير أن عضو لجنة التحكيم المخرج لحسن زينون يعد أهم المراجع في الموسيقى المغربية.

 واستغرب كيف لم يعر هذا الرجل أي اهتمام لهذه الأغنية، في حين أنه خرج علينا ليتبرأ من نتائج اللجنة، وأمعن في انتقاد من كانوا معه في اللجنة بكثير من الفرنسية الجميلة والرقيقة، فكثر القيل والقال حول حيثيات اللجنة، فتولد الجبل وولد لنا فضيحة.

أليس للنقاد سلطة في التعبير عن الخروقات التي يمكن ارتكابها في الأعمال السينمائية المغربية؟

لا أعتقد أن أي مسؤول في أي قطاع كيفما كان، هو خارج نطاق المساءلة أو الملاحظة أو الانتقاد، كما أن الدستور الجديد يربط المسؤولية بالمحاسبة، ما يعني أن هامش الانتقاد أو الاحتجاج مفتوح للجميع، سواء نقادا أو صحفيين أو غيرهم من ذوي الاختصاص، شريطة التحلي بالمسؤولية والمهنية والغيرة على المجال، وهذا ما يحركنا دوما لرفض الانزلاقات كيفما كانت في القطاع السمعي البصري الوطني.

في مثل هذه الحالات هل العقاب يطال فقط القائمين على الإخراج والإنتاج أم كذلك الممثلين وباقي المشتغلين على العمل؟

أعتقد أن الجهة المنتجة والمدعمة والمرخصة للتصوير والعرض هي من تتحمل المسؤولية، ولا أعتقد أن الممثلين معنيون بالأمر، فالإشكال موسيقي وتقني صرف، اللهم إذا كان المخرج والمنتج لا يعرفان معنى ما ضمن في الفيلم من إيحاءات، فهذا نقاش آخر وطامة أخرى، على اعتبار انه من شروط الإخراج الإلمام بكل الجوانب الفنية والتقنية و الإبداعية المتعددة المتضمنة في الفيلم، فالإخراج ليس  هو”التبندير” و”فك الخط” السينمائي بإخراج أفلام رديئة شكلا ومضمونا وإيحاء ممولة من أموال دافعي الضرائب، الإخراج موهبة ومسؤولية أدبية وأخلاقية قبل كل شيء، وهذا ما يغيب للأسف في غالب الأحيان.

وجه المركز إنذارا لشركة الإنتاج من أجل تعديل نسخة الفيلم في غضون 48 ساعة هل في نظركم هذا القرار صائب؟

لنكن صرحاء وواضحين، المركز السينمائي المغربي يريد أن يحفظ ماء وجهه، والدعوة لتعديل الفيلم هو لوقف النزيف فقط، فالصحيح هو حذف الفيلم بشكل كلي وطي الصفحة نهائيا، لكي لا يصبح هذا الفيلم مزارا لأعداء الوطن.

 كما أنه يجب فتح تحقيق لمعرفة ما وقع، سيما أن المركز السينمائي يتحدث عن أسباب” مشبوهة” لإخراج الفيلم بهذه الصيغة الرديئة، وكما قلت سابقا يجب تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات حول هذه الواقعة لكيلا تتكرر لاحقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *