توفيت المغنية المغربية الشهيرة، خديجة البيضاوية، يوم السبت، عن عمر يناهز 69 سنة، بعد مسار فني حافل برزت فيه من خلال الفن التراثي المعروف بـ”العيطة“.
وتعد الفنانة خديجة البيضاوية، التي رحلت بعد صراع مع المرض، واحدة من رموز الفن الشعبي المعروف بـ”العيطة المرساوية”، إذ بدأت مسارها الفني في منتصف سبعينيات القرن الماضي على أيدي العديد ممن يوصفون بشيوخ فن العيطة، واستطاعت أن تضع بصمتها في الساحة الفنية المغربية.
وكانت الفنانة تصارع مرض السرطان الذي كان نخر جسدها متجاوزا حدود رئة الفنانة الشعبية وانتشر بأضلعها ورأسها، الأمر الذي دفع الأطباء إلى وقف علاجها الكيميائي والاكتفاء بإعطائها الأدوية والمسكنات بغية تخفيف آلامها الشديدة.
تضامن واسع
وخلال حياتها، وبعد أن غزا الداء جسدها الذي أصبح نحيلا، أطلق مجموعة من الفاعلين في المجال الفني المغربي دعوات تطالب بمساعدة الفنانة والتكفل بعلاجها ومراعاة ظروفها المادية.
ودعا الممثل محمد الخياري حينها، زملاءه إلى تقديم المساعدة المادية للمساهمة في علاج الفنانة وإخراجها من وضعها الحرج.
وكتب عبر حسابه في “إنستغرام”: “لماذا ننتظر جهة ما؟ لماذا لا نفعلها نحن الفنانين والمنتجين المنفذين الأصدقاء ومعدّي البرامج التلفزيونية والإذاعية ومدراء المهرجانات التي تتلقى دعماً مالياً هاماً والنجوم الزملاء الذي نعرف أنهم أغنياء؟ لماذا لا يقدم كل واحد منا 10 أو 20 ألف درهم ونتكفل بها وأنا أول الجاهزين“.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الشباب والثقافة والاتصال، بعد تعالي الأصوات المتضامنة مع الراحلة البيضاوية، كانت قد دخلت على خط الوضع الصحي للفنانة خديجة البيضاوية الملقبة بـ “ملكة العيطة المرساوية”، التي خلف مرضها تعاطفا كبيرا من قبل نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي.
“العيطة” تفقد إحدى أيقوناتها
برحيل الفنانة خديجة البيضاوية، تكون الساحة الفنية المغربية، فقدت إحدى أبرز معالم “العيطة”، وهو فن قديم، وجزء لا يتجزأ من التراث المغربي.
وتأتي كلمة “العيطة” من “العياط”، وتعني نداء الاستغاثة، بصوت جهوري لإثارة الاهتمام والانتباه. وفن العيطة كما عرفه الدكتور حسن نجمي، وهو باحث في التراث المغربي، في كتابه “غناء العيطة؛ هو الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب، “فن شعري وفن موسيقي غنائي، تمت صياغته اجتماعيا، شأنه شأن كل تعبير فني شفوي وكل تعبير فلكلوري.”
وقد تم توظيف “العيطة” خلال حقبة الاستعمار، كسلاح لمقاومة المستعمر، وكتعبير شفاهي لشحذ الهمم ودفع المقاومين إلى الدفاع عن الوطن.
وكانت الفنانة التي تبرز في هذا الفن تنال لقب “الشيخة”، نظرا إلى تمكنها ومهارتها.
إلى جانب الفن، اقترن اسم بعض “الشيخات” بالمقاومة، وتواتر المؤرخون دور هؤلاء الفنانات في الدفاع عن الوطن وصد عدوان المستعمر، بكلمات وأغانٍ ورقصات حماسية.
من بين أبرز الشيخات في الوسط الفني المغربي، يذكر الباحثون، الفنانة خربوشة في مواجهة شخصا نافذا في السلطة يسمى القايد عيسى بن عمر، إلى جانب حركات فنية ظهرت في واد زم وخريبكة إبان الحماية والتي تشجع الفدائيين والمقاومين على التمرد ضد غطرسة المستعمر.
توفيق الناصري: سكاي نيوز عربية