يتحدث محمد بودن، في الحوار التالي، عن مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة.
ويشرح دلالات وأبعاد تركيز الخطاب الملكي على مسألتي الماء والاستثمار.
حوار: جمال بورفيسي
ما هي قراءتكم للخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة؟
الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة يمثل لحظة قوية لاستباق تداعيات الإجهاد المائي و استشراف فرص الاستثمار المنتج و جعل المغرب ارض جاذبة للاستثمارات الوطنية و الأجنبية.
الخطاب الملكي إعلان استراتيجي لأهداف واضحة في السياستين المائية والاستثمارية و عزم راسخ على تحقيقها.
يلاحظ أن الخطاب الملكي رسم خطة واضحة ودقيقة بخصوص ما يتعين القيام به لمواجهة آثار الجفاف البنيوي وتحفيز الاستثمارات، ما رأيكم؟
الملك قدم وصفة استراتيجية لإحراز تقدم و تحديد مسار المستقبل في مسألتين متلازمتين .
فالماء يمثل أساس التنمية والعيش.
و الاستثمار يرتبط بالبيئة المحفزة وعناصر الاستدامة.
من الواضح ان زيادة الطلب على الماء في ظل ظروف مطبوعة بالتعقيد وعدم اليقين يمكن ان تؤدي الى وضع لا يمكن تحمله .
ولذلك قدم جلالة الملك رؤية بأربع توجهات حاسمة.
يتعلق التوجه الأول بالتركيز على الابتكارات و التكنولوجيات الحديثة ودورها في اقتصاد الماء و اعادة استخدام المياه العادمة.
أما التوجه الثاني يعتمد على ترشيد استغلال المياه الجوفية و الحفاظ على الفرشات المائية.
وبخصوص التوجه الثالث فقد جعل من الماء شأنا استراتيجيا يهم قطاعات عديدة ليخلص للتوجه الرابع الذي ركز على التكلفة الحقيقية للموارد المائية.
ومن هذا المنطلق، فإن البرنامج الوطني الأولوي للماء 2020 – 2027 و تعزيز منظومة السدود ومحطات الربط المائي و تحلية مياه البحر كبنيات تحتية للماء ستمثل ادوات لإدارة مخاطر توافر المياه و مواجهة الإجهاد المائي بتقييمات محينة و دقيقة.
يعد الحفاظ على الماء وجودته و استخدامه في الانتاج و الحياة اليومية بشكل مستدام قضية أساسية للمغرب.
الانخفاض المسجل في توافر المياه موضوع لا يقبل التأجيل، و لذلك ينبغي التعامل مع الأمر باستراتجية بعيدة المدى للتخفيف من تأثير التغيرات المناخية والحد من الضغط الاقتصادي و الديمغرافي و ابتكار انماط تدبير و استخدام تتكيف مع التقلبات والطلب على المياه وترفع من مستوى الوعي المائي في المجتمع.
من المؤكد ان تحقيق نمو أسرع للاقتصاد الوطني يتطلب عملا موصولا على مستوى السياستين المائية و الاستثمارية.
و الخطاب الملكي يمثل لوحة قيادة موجهة للعمل بإقدام على مواجهة التحديات وتجسيد المعنى الآعمق لفكرة الأمن المائي المغربي.
ركز الخطاب الملكي كذلك على مسالة الاستثمار كيف تقيمون أهمية هذا المحور؟
بخصوص المحور الثاني، ترمي الرؤية الملكية في مجال الاستثمار الى تحقيق تحول حاسم و نقلة نوعية.
وذلك عبر وضع أسس تعاقد وطني للاستثمار بتعبئة 550 مليار درهم و خلق 500 ألف منصب شغل في الفترة بين 2022 و 2026 .
وذلك بما سيحقق أقصى الفوائد والتأثير العالي على الاقتصاد الوطني و سوق الشغل و الاستدامة الاستثمارية بدور فاعل للحكومة و القطاع الخاص والبنكي.
سيكون القطاع الخاص أحد المحركات الرئيسية لدفع الاقتصاد الوطني نحو المزيد من التنافسية مع دخول المملكة المغربية لنادي الدول المصنعة في مجال الصناعات الدفاعية و الدوائية.
لقد وضع الملك الاطار العام لمناخ ملائم و محفز للاستثمار يعتمد بالإساس على تشجيع المبادرات الخاصة و ريادة الأعمال و جلب الاستثمارات الاجنبية و تفعيل ميثاق اللاتمركز الاداري و رقمنة المساطر ومعالجة اضطرابات العلاقات التعاقدية بالوسائل البديلة لفض النزاعات كالوساطة و التحكيم.
قدم الملك محمد السادس رؤية عميقة لواقع الاستثمار دوره في تعزيز سلاسل القيمة و الطرق الملموسة لحل المعيقات القانونية والادارية و البشرية و ترقية الابتكار.
اذن المفتاح الأساسي في الخطاب الملكي هو كلما توفر الماء وزاد الاستثمار تحققت التنمية و بالتالي فمسؤولية البرلمان بمجلسيه تتجلى في الدفع بملفي الماء و الاستثمار للواجهة وفق الاطار التوجيهي الذي وضعه الملك محمد السادس و في اطار الصلاحيات التي منحها الدستور للبرلمان في مجال التشريع و مراقبة العمل الحكومي و تقييم السياسات العمومية وجعل العمل البرلماني معبرا عن الانشغالات المطبوعة بالأسبقية لدى المواطنين.
*محمد بودن رئيس مركز اطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية.