رغم تهافت عدد من الدول الأوربية على الغاز الجزائري لضمان تزودها بهذه المادة مع اقتراب فصل الشتاء الذي يتزايد فيه الإقبال على الطاقة.
فإن النظام العسكري في الجزائر فشل في توظيف ورقة الغاز لإقناع هذه الدول بالتراجع عن موقفها الداعم للتسوية السياسية للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية والمؤيد لمقترح الحكم الذاتي.
فرغم الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى الجزائر والإنزال المكثف للحكومة الفرنسية نحو الجزائر في إطار الزيارة التي قامت بها مؤخرا رئيسة الوزراء الفرنسية اليزابيث بورن، إلا أن فرنسا التي تلعب على التوازنات بالنسبة إلى موقفها من الصحراء، ظلت متشبثة بموقفها التقليدي رغم حاجتها الملحة والآتية للغاز الجزائري.
صحيح أن فرنسا لم تتقدم خطوات إلى الأمام، بالنسبة إلى القضية المحورية الأولى للمغرب، في اتجاه الاعتراف العلني والصريح بمغربية الصحراء، على غرار الموقف الأمريكي، إلا أنها، على الأقل، حافظت على موقف وسط، عكس ما كان يطمح إليه النظام الحزائر، الذي كان يطمع في حدوث اختراق في الموقف الفرنسي.
ورغم الأزمة القائمة بين المغرب وفرنسا، وحاجة فرنسا إلى الغاز الجزائري، إلا أن الشريك التجاري والسياسي الأوربي الأساسي للمغرب، يرفض المغامرة بمستقبل علاقاته مع المملكة المغربية، الشريك التاريخي الموثوق لأوروبا.
في الحالة الإسبانية، ورغم حرص الحكومة الإسبانية على ضمان الحصول على الغاز الجزائري، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
ورغم أن الحكومة الاسبانية حرصت في الفترة الأخيرة على التوقف عند حدود التسوية السياسية الأممية لملف الصحراء المغربية، دون التركيز كثيرا عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب، إلا أنها في العمق لم تراجع موقفها الداعم للمبادرة المغربية، بل ظلت تؤكد في مختلف المحافل الدولية عن دعمها للتسوية السياسية للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وأنها مستمرة في تأييد حل سياسي في إطار الأمم المتحدة.
تسعى مدريد فقط من وراء هذه الإشارات إلى ضمان الغاز الجزائري اسوة بفرنسا وقبلها إيطاليا.
وكانت آخر إشارة موجهة الى الجزائر “طمعا في الغاز”، هي تلك المتمثلة في سحب ممثل إسبانيا في الأمم مداخلته أمام اللجنة الرابعة.
إنها إشارات سياسية براغماتية ظرفية أملتها سياقات مرحلية وهي ليست بأية حال مواقف ثابتة.
من هذا المنظور، فإن سحب ممثل اسبانيا مداخلته في اللجنة الرابعة،و قبلها، مداخلة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، التي لم يشر فيها إلى دعم اسبانيا للحكم الذاتي، والتي كرست رغم ذلك الموقف الإسباني من ملف الصحراء (التسوية السياسية في إطار الأمم المتحدة )، ليست في الحقيقة سوى مواقف تكتيكية أملته تهافت دول أوربية على الغاز الجزائري، وليس تحولا في مواقف هذه الدول من ملف الصحراء.
لقد اتسم الموقف الجزائري من اسبانيا بعدالتحول الإيجابي الذي عبرت عنه.اسبانيا تجاه النزاع في الصحراء بالتشنج والرعونة.
حيث سارعت الجزائر إلى جميد علاقاتها التجارية مع اسبانيا وقبلها استدعت سفيرها بمدريد.
ورغم هذه المواقف المتشنجة والابتزاز الذي يوظفه النظام الجزائري، إلا أن اسبانيا لم تعدل عن قرارها الداعم للمقترح المغربي، ولم تعلن أنها راجعت موقفها بهذا الشأن.