الموت قَدَرُ الجميع، لكن العظماء من تبقى سيرتهم متداولة على كل لسان، ونور الدين الصايل أحد المثقفين الذين يتذكرهم الجميع، خاصة صناع السينما، حيث بصم على مسار حافل بالإنجازات.
عشق الراحل السينما مبكرا، فنذر كل حياته لتطويرها والسهر على تنافسيتها حتى آخر لحظة. اقترن إسمه بالسينما حتى بات من الصعب أن تجد اسما يعمل في المجال لا يعرفه عن قرب.
كما ظل ملازمًا لعدد من المهرجانات المحلية والعربية والإفريقية حتى أضحى جزءا منه.
إنه نورالدين الصايل أو عراب السينما المغربية كما يصفه كثيرون.
ولد الصايل سنة 1948 بمدينة طنجة، وفي دروبها الشعبية إعتاد زيارة القاعات السينمائية لمشاهدة أفلام الحركة والمغامرات الأمريكية والأوروبية وغيرها.
وفي شبابه عشق الفلسفة فرحل لمدينة الرباط طالبا بجامعة محمد الخامس ليصبح أستاذًا للفلسفة بالثانوية ابتداء من سنة 1969، قبل أن يعين مفتشا عاما للمادة سنة 1975. عشقه للفلسفة وولعه بالسينما، وانفتاحه على اللغات الأجنبية وإتقانه لها بجانب لغته العربية الفصيحة، كل هذا دفعه ليصبح نجمًا ساطعًا في سماء السينما المغربية وجعل البعض يلقبونه بـ”فيلسوف السينما المغربية”.
كان الصايل من أبرز مؤسسي الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، والتي ظل رئيساً لها لمدة عشر سنوات.
كما إحترف إعداد وتقديم البرامج الإذاعية والتلفزية حول السينما، من بينها “شاشة سوداء” و”المجلة السينمائية” بإذاعة الرباط، و”سينما منتصف الليل” و”سينما المخرجين” في التلفزة المغربية في ثمانينيات القرن الماضي.
بزغ نجمه في كتابة سيناريوهات عدد من الأفلام المغربية، في مقدمتها “ابن السبيل” الذي نال عنه جائزة السيناريو في الدورة الأولى للمهرجان الوطني للسينما، و”باديس” و”لالة حبي” من إخراج محمد عبد الرحمان التازي، و”وجها لوجه” من إخراج عبد القادر لقطع.
المسار الحافل للصايل سيعرف تحولًا كبيرًا سنة 1989، حين ساهم في تأسيس القناة الثانية (دوزيم)، قبل أن يحط الرحال بفرنسا ليلتحق بقناة “كانال أوريزون” مكلفًا باختيار ما ستعرضه من أفلام إلى أن جرى تعيينه سنة 1999 مديرا عاما مكلفًا بالبرامج والبث بنفس القناة.
رغم هذا النجاح الذي حققه الصايل في فرنسا، فقد دفعه شوقه لوطنه إلى العودة إليه في أبريل 2000 ليشغل منصب المدير العام للقناة الثانية.
سنة 2003، كانت محطة بارزة ترك فيها الصايل حين تم تعيينه مديرا للمركز السينمائي، إذ سرعان ما بصم بصمته، لا سيما على مستوى دعم الأفلام المغربية وإحياء القاعات والمهرجانات السينمائية.
واقع جعل الساحة السينمائية الوطنية تشهد انتعاشًا بارزًا في عهده، تجلى أساسا في ارتفاع عدد الإنتاجات السنوية إلى ما يقارب 25 فيلما طويلا و60 فيلما قصيرا سنوي عاش محبا لوطنه وغادر إلى دار البقاء تحت سمائه عاشقا للسينما ومحبوبا لدى الجميع.
بورتريه: إدارة تحرير مجلة المهرجان الوطني للفيلم