سلط رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمس الجمعة، في مداخلته بمناسبة الافتتاح الرسمي للحوار الوطني حول التعمير والإسكان، الضوء على فشل السياسات العمومية في مجال السكن، التي تم اعتمادها في العقود الماضية، وبشكل أخص خلال العقد الماضي.
وتحدث رئيس الحكومة، في هذا الإطار، عن استمرار العديد من الاشكالات والاختلالات والمُعيقات المرتبطة بسياسة التعمير والإسكان.
فقد أثار، على سبيل المثال، الكلفة المرتفعة للولوج إلى السكن المتوسط، خاصة بالنسبة للأسر حديثة التكوين والمقبلين على الزواج.
كما تحدث عن ركود قطاع العقار طوال العشرية السابقة، مع تسجيل ضعف مهم للعرض السكني المتوسط الجودة.
وأثار رئيس الحكومة، كذلك، مسألة افتقاد عدد من الأحياء السكنية، خاصة في المدن المتوسطة وضواحي المدن الكبرى، لفضاءات عيش لائقة ولمجموعة من التجهيزات الأساسية.
من هذا المنطلق، تحدث رئيس الحكومة عن ضرورة تحديد معالم سياسة عمومية جديدة، تستند لمقاربة ترابية، كفيلة بإحداث نموذج جديد لتهيئة المدن وخلق فضاءات عيش لائقة وسهلة الولوج.
لقد وضعت مداخلة رئيس الحكومة الأصبع على فشل الحكومات السابقة في معالجة الإشكاليات المرتبطة بالسكن.
وبالعودة إلى العشرية الماضية، فقد تعهدت الحكومة التي ترأسها عبد الإله بنكيران (2011-2016)، من خلال التصريح الحكومي، بمعالجة مجموعة من الاختلالات التي تعانيها منظومة الإسكان.
والتزمت، في هذا السياق، بتنويع العرض السكني والارتقاء به من خلال تقليص العجز السكني من 840 ألف وحدة إلى 400 ألف وحدة.
كما تعهدت، في إطار تنويع وتوفير العرض السكني، بالعمل على رفع وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي والسكن الموجه لفائدة الأسر المعوزة بقيمة عقارية إجمالية منخفضة، وكذا تأطير البناء الذاتي.
أغلب هذه الالتزامات ظلت حبرا على ورق.
فالعجز السكني ما يزال قائما. وأمام الخصاص المسجل في العرض الموجه إلى الطبقة المتوسطة، أصبحت هذه الفئة تتوجه نحو اقتناء السكن الاجتماعي.
محمد نبيل بنعبد الله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، في حكومة ابن كيران، التزم بالعمل على رفع وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي والسكن الموجه إلى الأسر المعوزة، إضافة إلى ضبط وإنعاش السوق العقاري وقطاع الكراء.
لكن أغلب هذه الالتزامات ظلت مجرد وعود.
ومن أبرز تجليات فشل الحكومتين السابقتين في النهوض بمنظومة السكن، فشل البرنامج الوطني (مدن بدون صفيح) الذي تم إطلاقه سنة 2004.
فقد سجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، عدة اختلالات في تنفيذ هذا البرنامج.
وأوضح التقرير أنه منذ إطلاق البرنامج سنة 2004، لوحظ أن عدد الأسر القاطنة بمدن الصفيح استمر في الارتفاع.
فإذا كان الهدف من البرنامج يكمن في معالجة 270 ألف أسرة تقطن بمدن الصفيح، فإن هذا العدد ارتفع إلى 472.723 في سنة 2018، أي بزيادة 75 في المائة مقارنة بالهدف الأولي، وبمتوسط زيادة سنوي يزيد عن 10.669 أسرة.
وخلص التقرير إلى أن البرنامج يواجه صعوبة في المضي بالسرعة المطلوبة لتحقيق الأهداف المحددة.
ومن أبرز تجليات فشل السياسة الحكومية خلال العقد الماضي، عجز الحكومتين السابقتين عن تبني مشروع السكن الموجه للطبقة المتوسطة.
لقد أثبتت السياسات المتبعة في مجال السكنى خلال العشرية الماضية، فشلها.
وتوج هذا الفشل بإعفاء وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، محمد نبيل بنعبد الله بتاريخ 24 أكتوبر2017 ، بعد صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي سجل اختلالات طالت مشروع (الحسيمة منارة المتوسط ).
مجموعة العمران، بدورها، لم تتمكن من مواكبة الحاجيات المتنامية من السكن.
ولم تعتمد رؤية ناجعة في تشخيص الحاجيات والاستجابة للانتظارات المتزايدة في هذا المجال.
والمحصلة استمرار الخصاص في السكن، خاصة السكن الموجه للفئات الهشة والمتوسطة .
وسجلت المجموعة بطئا ملفتا في مواكبة بعض البرامج، على غرار برنامج (مدن بدون صفيح)، حيث لم تسهم في مواكبة وتيرة خلق وحدات سكينة بالشكل الكافي.
والنتيجة ارتفاع عدد الأسر القاطنة بدور الصفيح، واستفحال انتشار هذه الدور على مشارف الحواضر الكبرة والمتوسطة.
وسبق أن وُجهت انتقادات إلى المجموعة، على خلفية التأخر المسجل في برنامج إنجاز المدن الجديدة: تامسنا بالرباط، وتامنصورت بمراكش، وشرافات بطنجة، والساحل الخياطية بجهة البيضاء.
واليوم، من خلال إطلاق الحوار الوطني حول التعمير والإسكان، تسعى الحكومة الحالية إلى سن استراتيجية جديدة للتعمير تقطع مع أشكال التدبير السابقة للقطاع والتي أثبتت عدم نجاعتها.
والسؤال المطروح هو هل ستنجح فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير و الإسكان وسياسة المدينة، فيما فشل فيه نظرائها السابقين؟