شرع النظام العسكري في الجزائر، في التحرك على حبال ملغومة محفوفة بالمخاطر، ليس فقط على منطقة شمال افريقيا، بل على المنطقة العربية برمتها.
بعد نجاحه في استمالة تونس، وتأطيرها بالعداوة ضد المغرب، مقابل حفنة من مال الغاز، ها هو يتحرك صوب اثيوبيا، حيث استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون صباح اليوم الإثنين الوزير الأول الاثيوبي أبي أحمد علي، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر تدوم يومين.
تأتي هذه الزيارة في قمة الأزمة المصرية الاثيوبية على خلفية سد النهضة.
هذا التحرك لا علاقة له بأية دينامية ديبلوماسية مزعومة، ذلك أن نظام العسكر بالجزائر فقد بوصلة سياسته الخارجية مذ فترة طويلة، وأصبح تائها في الظلام.
نظام الكبرانات، مدفوعا بحقده الدفين ضد المغرب والذي تعاظم مع الانتصارات التي حققتها الدبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة، في ما يخص الوحدة الترابية للمملكة، وتعزيز مكانة المغرب باعتباره قوة إقليمية، يسعى حثيثا للخروج من عزلته التي فرضها على نفسه بسبب عداوته للمغرب ومواقفه الرعناء تجاه جاره الشرقي.
وبعدما وجد النظام العسكري نفسه معزولا في محيطه العربي، بسبب دعم القوى العربية الأساسية(مصر، دول مجلس التعاون الخليجي)، للمغرب ولموقفه تجاه النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، لجأ النظام العسكري إلى اللعب بالنار، في محاولة يائسة للخروج من عزلته.
استغل الوضع السياسي المضطرب في تونس، فتدخل لمساعد قيس سعيد ضد غضب الشارع المتنامي ضد الرئيس، الذي انقبل على المؤسسات وقام بخياطة دستور جديد على مقاس حكمه المطلق ليطلق يديه في ضبط المؤسسات والهيات السياسية.
استعان نظام الكبرانات بمال الغاز ليُرشي النظام التونسي ويُحول بلاد ثورة الياسمين إلى ولاية جزائرية، ويضمن انحيازها إلى موقفه المعادي للوحدة الترابية.
وكانت النتيجة تلك الفضيحة التي شاهدناها في القمة اليابانية الافريقية (تيكاد8)، حيث استقبل قيس، الزعيم الافتراضي للكيان الوهمي في تندوف، في خطوة مستفزة للمغرب وللشعب المغربي.
خطوة غير محسوبة العواقب لنظام سياسي لم يكترث لأفضال المغرب ولعلاقات الأخوة التي نسجها المغرب بحرص شديد مع دولة وشعب تونس.
النظام العسكري الجزائري يسعى بكل السبل إلى تمزيق الصف العربي، وها هو ينجح في خلق أزمة بين المغرب وتونس، غير عابئ بتبعات تصرفه الأرعن على السلام والسلم في المنطقة.
النظام العسكري المستبد يوفر كل شروط الدولة المارقة لبلاد المليون ونصف المليون شهيد.
ضاقت به السبل، بعد انحياز الدول العربية الأساسية إلى المغرب، فبات يتحرك على الهوامش.
عزز علاقته مع النظام السوري المدعوم من طرف إيران المعادية لمصالح العرب. ويحاول، اليوم، تمكين سوريا من استعادة مقعدها في الجامعة العربية.
نسج نظام الكبرانات علاقات قوية مع النظام الإيراني ضدا على مصالح الدول العربية المتضررة من الأطماع التوسعية لإيران وتمدد التشيع في بلاد العرب.
لقد تحولت الجزائر تحت سيطرة القادة العسكريين الحاليين إلى دولة مارقة تهدد السلام في المنطقة العربية.
بعد دعمه لمليشيات (بوليساريو) بالمال والعتاد لتحارب المغرب طيلة نصف قرن، وبعد استقدامه لعناصر محسوبة على ميليشيات حزب الله المدعوم من طرف إيران لتدريب (بوليساريو)، تسبب النظام الجزائري في توريط تونس ضد المغرب، الذي قدم كل الدعم لتونس، وتضامن معها في أحلك الظروف..
النظام المُتسلط في الجزائر يفرض قيودًا شديدة على حقوق الإنسان ويدعم حجز مواطنين مغاربة في تندوف، ويرعى ميليشيات (بوليساريو).
إنه نظام يشكل تهديدا للأمن والسلام واستقرار المنطقة، وهو مستعد أن يؤجج النيران ويؤلب الأصدقاء ضد بعضهم البعض لكي يخرج من عزلته.
وها هو اليوم يستقبل رئيس الوزراء الإثيوبي الذي يبتز مصر بسد النهضة، مهددا أمنها واستقرارها.
في قمة الأزمة بين اثيوبيا ومصر، تسعى الجزائر إلى تعزيز تعاونها مع اثيوبيا في مجال الموارد المائية، مؤكدة حق إثيوبيا في تنمية مواردها الطبيعية.
يحدث هذا قبل انعقاد القمة العربية المفترضة في الجزائر في بداية نونبر المقبل، والتي يريد لها العسكر في الجزائر أن تكون جامعة لشمل العرب