دخلت الصين رسميا سباق بناء خط القطار السريع في المغرب، كاشفة عن رغبتها في تعزيز تعاونها مع الرباط في مجال النقل واستعدادها لتمديد خط البُراق الذي يربط حاليا بين طنجة والدار البيضاء، وإيصاله إلى أكادير.

وقال لي تشانغ لين، سفير جمهورية الصين الشعبية بالمغرب، في حوار مع منابر إعلامية مغربية، إن “بكين تطمح إلى تشييد الخط الثاني من القطار فائق السّرعة البُراق، الذي يربط بين الدار البيضاء وأكادير”، مبرزا أن “شركة صينية أعدّت دراسة لإنجاز تتمة خط القطار فائق السرعة وسلمته للمكتب الوطني للسكك الحديدية”.

ارتباطا بالموضوع، أكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري، أن “المغرب والصين تربطهما اتفاقية استراتيجية منذ 2016 تشمل ميادين متعددة. كما أن الرباط لم تعد تعتمد على شركائها التقليديين كفرنسا وإسبانيا فحسب، بل أصبحت تنهج خطة جديدة مبنية على تعدد الشركاء”، مبرزاً أن “الدليل على ذلك، هو تمكن المغرب خلال تجمع ‘فيشجراد’ من توطيد علاقته مع هذا الحلف المتواجد داخل الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع سويسرا في مجال الأدوية”.

وأفاد المتحدث، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، بأن المغرب بصرف النظر عن طبيعة علاقته مع فرنسا، بدأ يُنوع من شركائه خلال السنوات الأخيرة، فاليوم هناك علاقات وطيدة تربطه مع روسيا والولايات المتحدة وكذا مع دول مجلس التعاون الخليجي التي بلغت معاملاتها مع بلادنا ما يربو عن 120 مليار دولار.

ساري أضاف أن “العرض الصيني الذي تلقاه المغرب اليوم، هو تكليل لتعاون مستفيض مع بكين، التي تربطها مع الرباط اتفاقيات متعلقة بإنتاج الأدوية، والبيوتكنولوجيا”، واصفاً عرض بناء الخط الثاني للقطار السريع بالمغري، على اعتبار أن “الصين عبرت عن استعدادها لتمويل المشروع وهذا أمر مهم، كما أن لديها خبرة كبيرة في تشييد البنيات التحتية والطرق، وهو ما رأيناه من خلال الطريق السيار الرابط بين شيشاوة وأكادير”.

وزاد المحلل الاقتصادي أن الصين أبدت أيضا استعدادها للتعاون مع المغرب في مجال الزراعة، لدعم أمنه الغذائي والاستغلال الجيد لثرواته المائية.

العلاقات مع الشركات “التقليديين”  

أوردت مصادر إعلامية أن فرنسا ترغب في ألاّ ينفلت مشروع الخط السككي المستقبلي من بين يديها، وتواصل ما بدأته سابقا من خلال إنجاز الخط الأول الرابط بين طنجة والدار البيضاء، في الوقت الذي يريد فيه المغرب من خلال الاستعانة بالشريك الصيني، ضمان تخفيض كلفة المشروع إلى جانب السرعة في الإنجاز.

في هذا السياق، قال رشيد الساري إن المغرب قرر باستقلالية تامة، وبغض النظر عن الحزازات التي قد تنشأ مع بعض الدول، عدم الاعتماد على الشركاء التقليديين لوحدهم، وهو يستمد قوة موقفه من علاقاته المتعددة، لا سيما مع جذوره الإفريقية.

من جانبه، أبدى الخبير الاقتصادي محمد جدري تفاؤله بظفَر فرنسا بصفقة الخط الثاني من القطار السريع، وبرر موقفه قائلا: “أعتقد أن العلاقات المغربية الفرنسية متجدرة في التاريخ، وكانت تشوبها أزمات وهزات سياسية بين الفينة والأخرى، كذلك، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار توجه المغرب نحو تنويع شركاءه الاقتصاديين شرقا وغربا”.

وأضاف في اتصال مع”سكاي نيوز عربية”: “صحيح أن الصين تود الدخول في سباق تشييد خط القطار فائق السرعة، لكن، أعتقد أن مكانة الصين الحالية ليست بالقوة التي يمكنها مواجهة النفوذ الفرنسي على الأقل خلال الفترة الحالية”.

يُذكر أن المغرب دشن الخط الأسرع في إفريقيا، في نوفمبر 2018، واستقل حينها الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القطار، الذي أُطلق عليه اسم “البُراق”، في الرحلة الافتتاحية لخط السكة الحديدية من طنجة إلى العاصمة الرباط. 

ويوصف خط القطارات هذا بأنه الأسرع في القارة الإفريقية وهو يربط بين المدينتين (350 كلم) خلال ساعتين وعشر دقائق، بدل أربع ساعات و45 دقيقة سابقا.

توفيق الناصري: سكاي نيوز عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *