خصص الملك محمد السادس حيزا هاما من خطاب 20 غشت 2022 لأفراد الجالية المغربية بالخارج، حيث دعا إلى  إيلاء المزيد من العناية بهم  وتوفير كل الشروط الملائمة، سواء لقضاء أغراضهم الإدارية أو لإطلاق مشاريعهم الاستثمارية.

هذا الاهتمام المتزايد للملك بالجالية يؤطره جانب إنساني، يتجلى في الروابط القوية التي تجمع أفراد الجالية المغربية ببلدهم الأصلي، ودفاعهم عن الوحدة الترابية للمملكة، واقتصادي، من خلال دورهم المتنامي في التنمية الاقتصادية للمغرب، سواء عبر تحويلاتهم المالية وكذا مشاريعهم الاستثمارية، ولذلك ركز خطاب 20 على ضرورة تذليل العقبات أمام الاستثمارات التي يطلقونها.

إن وعي الملك بالوزن العلمي والاقتصادي لمغاربة العالم، جعله يثير موضوع مغاربة العالم في العديد من المناسبات، لأن تعزيز البناء الاقتصادي  للمغرب لا يمكن أن يتم إلا بمشاركة كافة  المواطنين، على رأسهم مغاربة العالم الذين يضمون عددا من الكفاءات في مختلف التخصصات والمهارات.

لابد هنا من استحضار تجارب بلدان أوربية استفادت من خبرة عمالتها وكفاءاتها في الخارج لتحقيق النهضة الاقتصادية، وعلى رأس هذه البلدان اسبانيا، التي تتبوأ المرتبة 13 عالميا ضمن أقوى الاقتصادات العالمية، من حيث إجمالي الناتج المحلي، و خامس أكبر اقتصاد في أوربا بعد ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا.  

وتتبوأ اسبانيا مراتب متقدمة في  قائمة الدول حسب مؤشر الأمم المتحدثة للتنمية الصادرة عن الأمم المتحدة.

لقد انتقلت اسبانيا من بلد مُصدر للكفاءات والعمالة زمن حكم “فرانثيسكو فرانكو” إلى بلد يوظف هذه الكفاءات في تعزيز بنائه الاقتصادي والعلمي.

 ويرى الكثير من الباحثين أن الدول تستفيد من هجرة الموارد البشرية في حال عودتها من المهجر بعد اكتسابها لخبرات ومهارات من دول المهجر. وهذا ما يفسر إقدام بلدان مثل البرتغال واليونان وتركيا على إشراك كفاءاتها المهاجرة في التنمية.

من هذا المنطلق، يسعى المغرب، من خلال حرص الملك محمد السادس في الاستثمار في الكفاءات والأدمغة المغربية بالخارج، إلى الاستفادة من هذه الكفاءات بما يعزز التنمية الوطنية.  

وقد سبق لوزير التربية الوطنية السابق، سعيد أمزازي، أن أقر بأن أكثر من 600 مهندس مغربي يغادرون بلدهم كل عام، وهو ما يعادل رقم جميع خريجي أربعة مدارس عليا للهندسة في المغرب خلال سنة واحدة.

وتشير بعض التقديرات، أيضا، إلى أن عدد الأطباء المغاربة الممارسين للمهنة في فرنسا يتجاوز 6000 طبيب.  

ويشير الخبراء إلى أن المغرب يفقد موارد بشرية يمكن أن تساهم في التنمية الاقتصادية، وبفقدانها يفقد المغرب أحد أهم عوامل الإنتاج في الاقتصاديات الحديثة. 

وفي الوقت الذي تتنافس الدول على جذب أفضل الكفاءات، فإن المغرب يفقد عددا كبيرا منها، ومن أجل تدارك الوضع، يسعى المغرب إلى توظيف كفاءاته المقيمة أو المهاجرة في ما يخدم التنمية الوطنية.

ومن أجل ذلك ينبغي وضع تحفيزات وخلق البيئة الملائمة لعودة هذه الكفاءات، وخلق الاستثمارات في البلد الأصلي.

وكان الملك أشاد بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذين يبذلون كل الجهود للدفاع عن الوحدة الترابية، من مختلف المنابر والمواقع، التي يتواجدون بها.

وقال الملك، في خطاب 20 غشت، إن المغرب يملك جالية تقدر بحوالي خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم.

ويشكل مغاربة العالم حالة خاصة في هذا المجال، نظرا لارتباطهم القوي بالوطن وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجههم، وفق ما جاء في الخطاب الملكي. 

 ودعا الخطاب الملكي إلى تذليل العراقيل والصعوبات أمام مغاربة المهجر، سواء لقضاء أغراضهم الإدارية، أو إطلاق مشاريعهم، مؤكدا أن المغرب يحتاج اليوم، لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أوعبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقا من بلدان الإقامة.

 وخلص الخطاب الملكي، إلى أنه حان الوقت لتمكين الكفاءات المغربية، من المواكبة الضرورية، والظروف والإمكانات، لتعطي أفضل ما لديها، لصالح البلاد وتنميتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *