عندما احتفل المغرب لأول مرة بعيد الشباب في عهد الاستقلال، وكان ذلك سنة 1956، كان ذلك الاحتفال عظيما واليوم مشهودا وتاريخيا، فلأول مرة في ظل الحرية والاستقلال التقى شباب المغرب من جميع الجهات ليحتفلوا بعيد ميلاد رمزهم وقدوتهم الأمير مولاي الحسن، وليجعلوا من ذلك العيد انطلاقة لعزيمتهم وإرادتهم، وعنوانا لتصميمهم على بناء الوطن وخوض معركة الجهاد الأكبر.

* الراحل أحمد بنسودة

كنت إذ ذاك وزيرا للشباب، وكان الشعار الذي اختاره جلالة المغفور له محمد الخامس لذلك اليوم هو « عيد الشباب»، فأعطى لاحتفال شباب المغرب رمزا ومحتوى تجسد فيما يمثله ولي العهد رفيق محرر المغرب من طموح وإرادة، ولم يكن العيد احتفالا من أجل الاحتفال بل تعبئة وتفجيرا لطاقات الإبداع ومخزون الإنتاج والعطاء عند الشباب .

     ومنذ ذلك اليوم وعيد الشباب هو الموعد المضروب بين شباب المغرب وإرادته وطموحه، شباب دائم يتجدد ويتدفق فالشباب هو الإنتاج، هو العطاء، فمادام الإنسان يكد ويجتهد، ويعطي بحزم وعزم فهو شاب، فلا يقاس الشباب هنا بالأمر، بل يقاس بالطموح وتجديد الحياة.

     فعيد ميلاد جلالة الملك- حفظه الله وأطال عمره- يمنح للجميع فرصة للتأمل والتذكر، وإعادة قراءة الأحداث، واستبطان ما تنطوي عليه من عبر ودلالات ودروس، ذلك أن عيد الشباب عيد ميلاد، جلالة الملك، يقترن بتاريخ الوطن والأمة، ويبرز كمحطة رئيسية في مسيرة المغرب الحديث.

     لذلك فإن الوقوف أمام هذا الحدث، ومحاولة استقراء ماضيه وحاضره ومستقبله يكتسي قيمته الأدبية والفكرية والتاريخية كجهد يسهم في توعية الأجيال المتشوقة إلى معرفة تاريخها لتتسلح به في بناء مستقبلها.

عيد الشباب

إن الذاكرة تعود بي، بهذه المناسبة السعيدة، إلى سنة 1956، وهي السنة التي احتفل فيها المغرب لأول مرة بعيد ميلاد جلالة الملك الحسن الثاني حفظه الله، وهو آنذاك وليا للعهد. كنت وقتها كاتبا للدولة للشبيبة والرياضة، وكان المغرب حديث عهد بنيله استقلاله واستعادته لحريته وسيادته.

     ففي شهر يوليو 1956 كانت أربعة أشهر فقط، قد مضت على نهاية الحجر والحماية، وإعداد وثيقة الاستقلال، وكان المغرب يعيش أيام الفرحة العارمة للنصر الذي حققته ثورة الملك والشعب، وكنت في وزارة الشبيبة والرياضة أعيش وأشاهد بركان تلك الفرحة إن صح التعبير.

     فالشباب المغربي كان طليعة تلك الفرحة ووجهها المشرق المعبر وطاقتها المتفجرة، وشباب تلك الأيام كان شباب ثورة ووطنية وحماس، شبابا كان وقود الثورة الوطنية وخريج مدرسة الحركة الوطنية، و كان ثمرة تلك التربية الوطنية  التي أنشأناه عليها و كوناه في كنفها، وكنا نعده لمواصلة المعركة لو طالت، مع المستعمر، و حمل مشعل الكفاح الوطني بعدنا.

     وكانت إدارة الشبيبة و الرياضة على عهد الاستعمار واجهة كان يراد بها إغراء الشباب لتدجيلهم و صرفهم عن الحياة الوطنية.

و حينما أصبحت وزارة في أول حكومة وطنية في عهد الاستقلال، أصبحت معسكرا ضخما تدفقت إليه أفواج الشباب، سواء من التنظيمات الشبابية للحركة الوطنية بجميع أجنحتها أو خارج تلك التنظيمات.

     وكان تأطير هذا الزخم الهائل وتوجيهه واستقطاب طاقته مهمة لا تستوعبها الوسائل والهياكل المتواضعة لوزارة الشبيبة والرياضة، ولم يكن هذا يشكل لي كوزير أي تحد، أو يطرح أمامي تعقيدات تنظيمية أو روتينية، بل العكس هو الذي حدث، فقد تعاملت مع هذه الطاقة المتدفقة من الشباب بروح الحماس وإرادة الكفاح، لم نكن قد تعلمنا بعد «أسلوب» الإدارة، ولا تعودنا على « مظاهر» السلطة، وكان ذلك نعمة من الله علينا جميعا، فالروح الوثابة للوطنية كانت وقود قاطرة المغرب في تلك الأيام الأولى لاستقلاله، وانطلاق قطار حياته الجديدة.

     كان ولي العهد آنذاك « مولاي الحسن» هو رمز الشباب المغربي، شباب الكفاح، وشباب الحماس، وشباب الوعي والإرادة، وكان كل شاب مغربي يرى « مولاي الحسن» المثل الذي يتوق أن يكونه كفرد في أسرته الصغيرة: تربية وطاعة لوالده، وعضدا له في السراء والضراء، وكعضو في أسرته الكبيرة حبا ووفاء، وغيرة وذوذا عن كرامة وعزة ومناعة تلك الأسرة الكبيرة، وكان الشباب المغربي، كله توق ورغبة ليعبر عن حماسه ويفجر طاقة حبه ووطنيته في احتفال كبير واستعراض حافل.

     وهكذا، تواردت علي في كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة وفود الشباب وممثلوهم في مختلف التنظيمات يطلبون ويرغبون أن تكون مناسبة عيد ميلاد سمو ولي العهد الأمير مولاي الحسن هي المناسبة التي يتجمع فيها شباب المغرب المستقل في احتفال وطني كبير، وتدفقت على مكتبي الرسائل من مختلف أنحاء المغرب في نفس الاتجاه.

     وهكذا حملت رغبة شباب المغرب إلى جلالة المغفور له محمد الخامس- نور الله ضريحه- ووضعت تلك الرغبة بين يدي الأب الكبير.

     لم يكن في ذهني تصور عن طبيعة أو شكل هذا الاحتفال، كما أن الوفود التي تواردت على وزارة الشبيبة والرياضة، وكذا الرسائل التي وصلتني، كانت تعبر عن رغبة جامحة في إقامة احتفال للشباب.

     وحينما وضعت بين يدي جلالة المغفور له محمد الخامس هذه الرغبة، قرر جلالته – قدس الله روحه – أن يكون الاحتفال بعيد ميلاد ولي عهده تحت شعار «عيد الشباب» وهو شعار يؤكد عمق تلك العاطفة الأبوية التي يكنها محمد الخامس لشباب وطنه، فهو طيب الله ثراه، أراد أن يجعل من هذه المناسبة عيدا لكل الشباب، يشاركون ولي عهده ذكرى ميلاده، ويشاركهم فرحتهم، ويلتقون به ويلتقي بهم على صعيد المحبة المتبادلة، والإرادة المشتركة، والتصميم على خوض معارك الجهاد الأكبر صفا واحدا وقلبا واحدا.

     وتنفيذا للإرادة الملكية السامية وجهت كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة نداء إلى جميع شباب المغرب ذكورا وإناثا، بجميع هيئاته ومنظماته الثقافية والكشفية والرياضية والفنية تزف إليهم ذكرى «عيد الشباب»، عيد ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وتهيب بهم أن ينظموا أنفسهم، ويقترحوا برامج احتفالاتهم على المستويين: الوطني والمحلي، لنجعل من أول عيد لشباب المغرب المستقل انطلاقة بناء وتعبئة، ولتتاح لهم الفرصة للتعبير عما يكنونه من عواطف المحبة والإخلاص والإعجاب، بفخر الشباب وقدوتهم مولاي الحسن.

     وتحولت كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة إلى معسكر قيادة وتجمع لإعداد حفلات عيد الشباب، وتهيئ كل الوسائل المادية والمعنوية لوفودهم التي ستشارك في الاحتفال الكبير الذي سيقام بهذه المناسبة.

     وفي غمرة استعداداتها التي كان الأب الأكبر جلالة المغفور له محمد الخامس حريصا على متابعتها ومعرفة تفاصيلها، تفضل – قدس الله روحه- فأعلمني بأنه سيوجه بهذه المناسبة خطابا إلى ولي عهده يضمنه وصاياه وتوجيهاته الأبوية الكريمة، وفي شخصه وعبره إلى جميع أبنائه شباب المغرب، فتضاعف بذلك حماسنا.

     فها هو المحرر العظيم قرر أن يجعل من هذا العيد عيدا لجميع شباب بلاده، ومناسبة لتوجيه هذا الشباب وتربيته وتعهده بالرعاية وتأطير حماسه، ليكون قوة فعالة موجهة لخدمة الوطن وبناء الاستقلال الفتي.

     يوم العيد

     إنه يوم مطبوع في ذاكرتي في كل تفاصيله، فهو يوم من أعز أيام حياتي، كل دقيقة منه أذكر ما حدث فيها، كنت فيه أعيش لحظة من أجمل لحظات عمر مناضل يرى بلاده وقد تحررت بعد كفاح مرير، ويرى مليكه قائد ذلك الكفاح يقف وسط شباب بلاده لا يدعوهم لحمل السلاح في وجه المستعمر، كما كان يدعونا، بل  لحمل سلاح من نوع آخر، سلاح البناء والتشييد، وأرى في ذلك اليوم وفي ذلك الاحتفال العظيم الأجيال الجديدة من أبناء وطني حرة طليقة، لا تتظاهر ضد المستعمر كما تظاهرنا.

بل تحمل أعلام النصر والأمل، وتمر في مواكب مرفوعة الرأس، باسمة الوجه، واثقة مطمئنة، ولأرى رمز تلك الأجيال وقدوتها ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وهو في ريعان شبابه، شامخا، مزهوا واثقا يخوض معركة الجهاد الأكبر، بعد أن أبلى البلاء الحسن إلى جانب والده وشعبه في الجهاد الأصغر، أرى مولاي الحسن الذي أرهب بحماسه ووطنيته وعبقريته دهاقنة الاستعمار، فعيل صبرهم تجاهه، وكادوا له وانتقموا ما وسعهم الانتقام، أرى أمير الأطلس يحي شباب بلاده، يزرع فيهم من روحه، ويذكي حماسهم، ويعانق أحلامهم، ويقود مسيرتهم، ويضرب لهم الأمثال في التضحية والاجتهاد والصبر والصمود.

     كان ذلك اليوم يوما مأثورا في سجل حياتي، فقد أنعم الله علي فكنت على رأس أول وزارة للشباب في عهد الاستقلال، وأكرمني الله فكنت أول محتفل بعيد الشباب، سهرت على إعداد حفلاته، ورأيت شباب المغرب معي يستعد ويبدع، ويتفنن في وسائل التعبير عن الفرحة بتلك المناسبة الرائعة.

     لقد تم إعداد كل شيء بوسائل لو قيست بما تتوفر اليوم عليه الإدارة من أطر وتجهيزات وأدوات وأساليب متنوعة وقاعات وملاعب، بل وحتى الوسائل التكنولوجية…

لو قيست بذلك بدت متواضعة خجولة، ولكن الوسائل التي كنا نملكها لا يمكن تعويضها بأحدث الإمكانيات والتجهيزات، وهي الحماس، والإيمان، والعفوية المتدفقة من الوجدان، وبذلك كان عيد الشباب سنة 1956 أول مسيرة شبابية كبرى في عهد الاستقلال.

     كان ذلك في ملعب سباق الخيل بالرباط حيث احتشدت الجماهير المتدفقة، وانتظمت أفواج المنظمات الشبابية بأزياء مختلفة تنتظر لحظة انطلاق الاستعراض أمام ولي العهد، كان عدد الشباب  والشابات 2500، أما عدد من أتى لمشاهدة الاستعراض فكان يفوق ذلك بكثير.

احتشدت الجماهير

     وارتقى سمو ولي العهد المحتفى به ذلك الحشد الحافل المنصة، وارتفع العلم المغربي خفاقا في السماء، وارتجل سموه خطابا فاض فيه قلب الابن حبا وإجلالا لوالده وراعيه وراعي شباب الأمة، وفاض فيه قلب مولاي الحسن المقاوم المناضل، وقلب الشاب المتدفق حماسة وإيمانا، وقلب الجندي الذي عهد إليه القائد بمهمة رئاسة أركان الجيش.

     واستمع الجميع إلى صوت ولي العهد مولاي الحسن، وتطلع الجميع إلى وجهه المشرق الطافح بالأمل والعزيمة، وعاهد الجميع، والأكف مرفوعة، ولي العهد بما عاهد به والده وأباه في لحظة من تلك اللحظات الصوفية التي لا تنسى.

     واستعرض ولي العهد أفواج الشباب في جو من الحماسة والهتافات والزغاريد التي حولت ملعب سباق الخيل بالرباط إلى عرس من أعراس الشعب المغربي الزاهية.

     والحقيقة أن ذلك اليوم بجلاله وبهجته وعظمته، كان يوما للعهد والتعهد، عهد الشباب المغربي على السير على نهج السلفية الوطنية الطاهرة، وتعهد أن يبني هذا الوطن ويحميه، ويذوذ عن مكتسباته، عهد وتعهد بين شباب المغرب الفتي وبين القدوة والمثال سمو ولى العهد – آنذاك – مولاي الحسن على السير في الطريق التي رسمها أبو الوطنية والد المغاربة ومحرر البلاد جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه.

     وإذ أتذكر ذلك اليوم وأستعرض في مخيلتي صوره، وأقلب صفحات الأيام والسنين التي توالت بعده إلى اليوم، أرى وعلى امتداد 34 سنة، والمسافات والمراحل التي قطعها المغرب، فيزداد إيماني وثوقا بأن الله سبحانه وتعالى استجاب ويستجيب لدعوة عبده المتعلق بنصره وتأييده جلالة الملك الحسن الثاني الدائم الرجاء والدعاء لربه: ( رب أدخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا).

     وعملا بقول جده سيدنا محمد (ص): « إن الله يحب العبد الملحاح»، ومع الإلحاح لله والرجاء فيه كان العمل، والجهد، والبذل، والتضحية، وكان التشبث بالقسم، والاعتصام بحبل الله، والسير على الطريق المرسومة، والاهتداء بوصية الأب المجاهد، والعمل بدون انقطاع لإحياء مجد هذه الأمة، وتجديد شبابها، ووصل ماضيها بحاضرها، وإشعارها بسمو وجلال رسالتها.

     من هنا يستمد التأمل العميق في مغزى وأبعاد احتفال شعبنا بعيد الشباب يستمد قيمته وعمقه روحيا وفكريا، حضاريا و تاريخيا، ذلك أننا – والحمد لله – قد اجتزنا واجتاز بنا قائدنا وملكنا وارث سر محمد الخامس وسليل الدوحة الشريفة، والمؤتمن على عرش المغرب الخالد، اجتاز بنا مرحلة البحث عن الذات… وعن الطريق… وعن الهدف، وأعاد الأمة إلى منابع هويتها، والوطن إلى وجهه المشرق، ووضع قطار المغرب على طريق المستقبل الآمن.

     إن جيل الشباب الذي احتفل لأول مرة بعيد ميلاد جلالة الملك سنة1956 أصبح اليوم أبا لأبناء، وجد الأحفاد، ولقد كان ذلك الجيل في مستوى المسؤولية الجسيمة التي تحملها في وضع اللبنات الأولى لعهد  الاستقلال، وفي اجتياز تلك التجربة الصعبة التي تواجه الشعوب عند انتقالها من مرحلة الاستعمار إلى مرحلة الاستقلال.

     لقد كان الاستعماريون يظنون أن المغرب سيتعثر وسيقف عاجزا عن تسيير شؤونه، وكانوا بذلك يراهنون على «صحة» ما كانوا يدعون بأنهم جاؤوا على المغرب لوضع حد للفوضى وللتسيير في بلد غير قادر على تنظيم نفسه، وإدارة شؤونه، وأن مهمتهم كانت هي مساعدة « هذا المغرب الضعيف» وتعليمه، وتكوين أطره، وتنظيم إدارته، وكانوا يقولون عن الحركة الوطنية، إنها تفسد ما يريد الاستعمار إصلاحه، وأن رجالاتها وأتباعها «مخربون وفوضويون»، إلى آخر ما قالوه وادعوه.

ولكن المغرب  المستقل واجه التحدي وتغلب عليه، وبرهن أبناؤه أنهم قادرون ليس فقط على «ملء الفراغ» الذي تركه الاستعمار، بل على تشييد صرح دولة حديثة برجالها وأطرها وقوانينها وأجهزتها، وكان جيل شباب الاستقلال هو الذي تحمل العبء الأكبر في تلك الفترة الحاسمة، وكان الحماس عدته، والأمل سلاحه، والثقة سبيله.

     وكان «عيد الشباب» في تلك السنة الأولى من عهد الاستقلال تعبيرا حيا عظيما عن الإرادة والإصرار، كان إعلانا عن التحدي الذي رفعه المغرب في وجه الاستعمار، وهو التحدي الذي رفعته وترفعه أجيال الشباب منذ تلك السنة إلى الآن أمام كل الصعوبات، معلنة أنها ستبقى وفية للعهد: عهد الآباء والأجداد

                                            

 * مستشار ملكي سابق على عهد الحسن الثاني

*سبق لهذا المقال أن نشر في مجلة “اليوم السابع”، مجلة فلسطينية أسبوعية (توقفت عن الصدور)، بتاريخ 13/غشت 1990، ضمن عدد خاص عن المغرب، و نظرا لأهمية المقال، و ما يتضمنه من معلومات حول أول احتفال بعيد الشباب، فقد ارتأت مجلة “دعوة الحق” اقتباسه و نشره بهذا العدد رقم 345  وبهذه المناسبة العزيزة تعيد جريدة LE12.MA  نشره كذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *