يجسد قرار جمهورية البيرو القاضي بسحب اعترافها بالجبهة الانفصالية “بوليساريو“، حلقة جديدة في سلسلة الانتصارات التي تحققها الدبلوماسية المغربية في كسب التأييد الدولي لقضية الوحدة الترابية للمملكة.

ويكتسي انحياز البيرو إلى الموقف المغربي أهمية خاصة، لأن البلد عرف تحولا سياسيا بعد صعود خوسي بيذرو كاستييو إلى الحكم خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2021 ، حيث ترشح باسم حزب “بيرو الحرة” الماركسي اللينيني.  

ورغم أنه كان معروفا بمواقفه اليسارية الراديكالية، خاصة في قضايا الاقتصاد والسياسية الخارجية، إلا أن ذلك لم يمنعه من انتهاج سياسة خارجية عقلانية تتأسس، قبل كل شيء على المصلحة العليا لجمهورية البيرو. وهذا ما يفسر مراجعته لموقف البيرو من النزاع المفتعل في الصحراء المغربية بعد أقل من عام من اعترافه بالجبهة الانفصالية.  

هذا التحول لجمهورية البيرو تجاه النزاع في الصحراء المغربية، جاء ليكرس صوابية الموقف المغربي وصديقة وجدية المقترح الذي تقدم به المغرب منذ 2007، القاضي بمنح حكما ذاتيا موسعا للأقاليم الجنوبية في إطار السيادة المغربية.

لقد نجحت الدبلوماسية الملكية بالأساس ثم الحكومية، في السنوات الأخيرة، في اختراق المعقل السابق للبوليساريو في أمريكا اللاتينية، حيث بدأ المنحى يتجه نحو دعم الموقف المغربي من نزاع الصحراء والاعتراف بسيادته الكاملة على ترابه. ولا يشكل الموقف الكولومبي والفنزويلي سوى استثناء.

 ورغم أن وصول اليسار إلى الحكم في عدد من بلدان أمريكا اللاتينية، يطرح تحديات كبيرة بالنسبة إلى مسار قضية وحدتنا الترابية، إلا أن الدبلوماسية الرسمية حافظت على يقظتها وديناميتها، وعليها أن تواصل   هذا التوجه لصيانة المكاسب التي تحققت في موضوع السيادة الترابية للمملكة.

ولاشك أن اعتراف إسبانيا  بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء يشكل حافزا قويا  للعديد من الدول في أمريكا اللاتينية لكي تحذو حذوها   وتتبنى موقفا إيجابيا من  النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، بالنظر إلى تأثير اسبانيا في قارة أمريكا اللاتينية.

 وكانت  البيرو أعلنت أمس الخميس أنها سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية المزعومة لجبهة البوليساريو الانفصالية، وهو ما شكل صدمة لأعداء الوحدة الترابية ومن يدور في فلكهم. 

وذكر بلاغ لوزارة الخارجية البيروفية أن هذا القرار يأتي  للتعبير عن دعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. 

وعبرت البيرو عن “احترامها للوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها الوطنية، وكذا لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء”. 

ورحب المغرب بقرار السلطات البيروفية تغيير موقفها إزاء الوحدة الترابية للمملكة.

وأكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في بلاغ لها، أن هذا القرار جاء على إثر المحادثة الهاتفية التي أجراها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، مع وزير العلاقات الخارجية البيروفي، ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي.

وأبرز البلاغ أن المملكة المغربية تعرب عن تقديرها وإشادتها بقرار جمهورية البيرو الذي يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع هذا البلد الصديق. وسيمكن هذا القرار من تعميق التشاور السياسي وتعزيز التعاون القطاعي، خاصة في مجالات الفلاحة والأسمدة. وفي هذا الإطار، سيتم اتخاذ مبادرات ملموسة في القريب العاجل.

وخلص البلاغ إلى أنه وبفضل المبادرات التي تم اتخاذها خلال السنوات الأخيرة، بتعليمات  الملك محمد السادس، سحبت العديد من البلدان اعترافها بالكيان الوهمي. وهكذا، فمن بين 193 بلدا عضوا في الأمم المتحدة، لا تعترف 84 في المائة منها ب”الجمهورية الصحراوية” المزعومة، أي ثلثي البلدان الإفريقية ، و68 في المائة من بلدان أمريكا اللاتينية والكارايبي ، و96 في المائة من البلدان الآسيوية ، و100 في المائة من بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *