رغم التجربة التي راكمها في التدريس الجامعي وخبرته التي اكتسبها على رأس إحدى أهم الجامعات المغربية (القاضي عياض بمراكش)، بصم عبد اللطيف الميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، على سنة “كارثية” على رأس وزارة تراهن عليها الحكومة كثيرا في النهوض بمنظومة التدريس الجامعي والارتقاء بالبحث العلمي.
انتهت السنة الجامعية الأولى من فترة ترِؤسه للقطاع على إيقاع الفضائح الأخلاقية (قضايا الجنس مقابل النقط)، واحتجاجات الأساتذة، وكذا احتجاجات آباء وأمهات الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا.
عائدون من أوكر انيا
بعد سلسلة من المحاولات اليائسة للجلوس مع الوزير على طاولة الحوار، عاد آباء وأمهات الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا، صباح اليوم الأربعاء، إلى الاحتجاج، وقرروا التصعيد ضد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بسبب ما سموه بـ”نكثه لوعوده السابقة بشأن تسوية ملف الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا”.
ونفذ آباء وأمهات الطلبة وقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة في محاولة لإخراج الميراوي عن صمته، والقبول بفتح قنوات الحوار معهم لتسوية ملف أبنائهم.
بعد الوعود التي وزعها على طلبة أوكرانيا القاضية بالحل السريع لملفهم، وجد الطلبة أنفسهم يراوحون مكانهم، فلم تتم تسوية ملفهم، وازداد قلقهم مع اقتراب موعد الدخول الجامعي الجديد.
هذه ليست أول وقفة احتجاجية تُنظم ضد وزارة التعليم العالي، فقد تعطلت الدراسة في المؤسسات الجامعية قبل عطلة الصيف، بسبب إضراب خاضه أساتذة جامعيون طيلة أيام، ردا على ما سموه بـ “مماطلة الوزارة في الوفاء بالتزاماتها”، وتسبب الإضراب في إرباك جدولة الامتحانات، ما اضطر عمداء عدد من الكليات إلى مراجعة التواريخ المقررة.
سياسة المماطلة
وطالبت الجهة الداعية إلى الإضراب وهي النقابة الوطنية للتعليم بإصلاح منظومة التعليم العالي، وعبرت عن استنكارها لما سمته بـ”سياسة المماطلة” التي تنتهجها وزارة التعليم العالي في الوفاء بالتزاماتها، خصوصا المتعلقة بالنظام الأساسي للأساتذة الباحثين، ورفضها الصيغة المقدمة لمشروع القانون المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي، معتبرة أنها “تتضمن تراجعات وتهمش دور الأساتذة الجامعيين في ما يتعلق بالبرامج الإستراتيجية لتنمية الجامعات”.
وتشمل اللائحة العديد من المطالب الأخرى، مثل صرف مستحقات ترقية الأساتذة الباحثين، ورفع الاستثناء عن الأساتذة الباحثين حملة الدكتوراه الفرنسية، وتصفية ملف الخدمة المدنية، ورفع الحيف عن الأساتذة الباحثين الذين وظفوا في إطار أستاذ محاضر، واحتساب الأقدمية المكتسبة في سلك الوظيفة العمومية.
الارتباك هي السمة
الارتباك هي السمة المميزة للتدابير المتبناة من طرف القطاع، حيث فجر قرار الوزير بالتخلي عن تجربة نظام البكالوريوس وهي في المهد قلقا لدى الطلبة الذين تقيدوا لمتابعة دراستهم الجامعية وفق هذا النظام.
كما أن السنة الجامعية الأولى واكبها العجز في ابتكار الحلول للنهوض بالجامعة المغربية والارتقاء بالبحث العلمي، فقد واصلت الجامعات المغربية غيابها عن لائحة أفضل ألف جامعة في العالم لسنة 2022، التي كشف عنها تصنيف شنغهاي الأخير.
وتميزت السنة الجامعية الفارطة بسلسلة من الفضائح الأخلاقية، فيما يعرف بفضائح النقط مقابل الجنس، حيث تمت متابعة العديد من الأساتذة أمام القضاء.
ورغم أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، قام ببعض التدابير من قبيل إعفاء رئيسة جامعة الحسن الأول بسطات، إلا أن الإساءة البالغة التي لحقتها تلك الفضائح بالجامعة المغربية، لم تمح بعد وستظل وصمة عار على جبين المؤسسة الجامعية.
مسلسل الفضائح
وانضافت فضائح ( البلاجيا) إلى سلسلة الفضائح التي واكبت الحياة الجامعية، آخرها السرقات العلمية لبحوث الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية.
ووصلت هذه الفضيحة إلى البرلمان، حيث أثار أحد النواب قضية الغش والإساءة للبحوث العلمية التي طالت بحوث نهاية التكوين لطالبات وطلبة فوج 2019-2022.
ورغم أن عمادة الكلية قللت من شأن هاته الاساءات، موضحة أن نسبة التشابه بين البحوث لا تتعدى 10%، إلا أن المتداول في صفوف الطلبة الجامعيين بمختلف المؤسسات الجامعية، يقرون بأن حجم الاساءات للمصداقية البحوث العلمية كبير ومقلق، بل وأنها تحولت إلى ما يشبه ظاهرة داخل الجامعة.
بوجلابة وبنت الباشا
لقد عجز الوزير الميراوي صديق وزير فضائح المخطط الاستعجالي في حكومة خلت في البصم على انطلاقة حقيقة لاصلاح الجامعة واعفاء رؤساء جامعات اصبحوا يفهمون في سوق العقار أكثر من سوق العلم، تماما كفشل الوزير الضاحك على الوقت في الحافظ على دعم الوزيرة بنت الباشا.
الصحافة هي بالتأكيد قوة مؤثرة . لكن لصالح من؟ هذا هو السؤال! كل ما ذكر في هذا المقال لا علاقة بالوزير الحالي به. فهو من عواقب سوء تدبير القطاع من طرف الوزير السابق. نحن أساتذة جامعيون و نفهم أكثر من غيرنا في مسببات الوضع الذي آلت إليه الجامعة المغربية. تصنيف شنكاي مثلا فهو يعتمد السنة الأكاديمية ~2020-21 و البكالوريوس مرفوض من طرف الناقبتين و كل الأساتذة و رؤساء الجامعات الفاسدين كلهم من صنع الوزير السابق، الخ. فلا تطبقوا على وزير تم اختياره من أعضاء اللجنة الاستشارية لذى جلالة الملك لإخراج النموذج التنموي الجديد لحيز الوجود مقولة : طاحت الصومعة، علقو الحجام!
رغم الحرب الإعلامية التي يشنها أعداء الإصلاح و العمل الرصين، الميراوي سوف يمضي قدما في تنزيل برنامجه الحكومي بكل ثقة. عليه فقط أن يتواصل مع الإعلام و ان بتواضع و يلتقي بالاساتذة للاستماع إليهم.