يؤكد رشيد لزرق، المُحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، في الحوار التالي، أنه ليس هناك ما يمنع من إجراء تعديل حكومي، وأن الدستور واضح في هذا السياق، إذ ينص على إمكانية إجراء التعديل الحكومي بأمر من الملك أو باقتراح من رئيس الحكومة. 

وبخصوص ما يروج بشأن الدخول المحتمل لحزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، أوضح لزرق، أن دخول الاتحاد الاشتراكي قد يُربك عمل الحكومة التي تشتغل في انسجام بين مكوناتها الثلاثة.

حوار: جمال بورفيسي 

تواترت في الساحة السياسية الوطنية في الفترة الأخيرة، أخبارعن تعديل حكومي وشيك. وتعززت هذه الأخبار بخبر في الموضوع نفسه، نشرته مجلة (جون افريك)، في أحد أعدادها الأخيرة، ما رأيكم؟ 

من الناحية السياسية، يمكن أن يكون هناك تعديل حكومي في أي وقت. والوثيقة الدستورية تنص على أن التعديل يتم إما بأمر من الملك أو باقتراح من رئيس الحكومة.  

وكل هذا الجدل حول ما نشرته مجلة (جون افريك)، فليس له أي مبرر، فليس لصحيفة أو مجلة أن تتنبأ بالتعديل الحكومي ولا بتوقيته، الأمر ليس وحي ينزل من السماء، فالأمور واضحة. 

الوثيقة الدستورية تنص على أن للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يُعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامه. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة.

كما أن لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية.

وفي حال أُجري التعديل الحكومي، فإنه لن يكون المرة الأولى، فكلما تقتضي ظروف موضوعية تعديلا حكوميا فإنه يقع وفق أحكام الدستور، كما سبق أن قلت.   

في  سياق ديث عن التعديل الحكومي، هناك أخبار تروج حول   احتمال التحاق حزب رابع، وهو الاتحاد الاشتراكي، بالحكومة، ما رأيكم؟ 

في تقديري، لا وجود لاعتبارات موضوعية ومبررة تستدعي إلحاق حزب رابع بالحكومة.

الحكومة تشتغل، كما قلت في سياق يسوده التناغم والانسجام، وتتوفر على أغلبية عددية مُريحة وبالتالي لا حاجة، في نظري، لإلحاق حزب رابع بمكوناتها. إن المطروح هو ضمان معارضة قوية تمارس مهامها بتنسيق مع كل أطياف المعارضة، أما انضمام حزب رابع، فإنه قد يربك العمل الحكومي ويُشوش على انسجام مكوناته. 

إضافة إلى ما سبق، فإن دخول حزب رابع إلى الحكومة ينطوي على مخاطر على الديمقراطية، على اعتبار أن الناخبين صوتوا بالأغلبية وبالتوالي لفائدة ثلاثة أحزاب، هي التي تشكل، اليوم، مكونات الأغلبية الحكومية. 

إن المطروح هو أن تكون لدينا أغلبية حكومية قوية ومعارضة قوية، فلا يكتمل البناء الديمقراطي إلا بتحقيق هذا التوازن.   

لكن ما رأيكم في من يقول إن دخول الاتحاد الاشتراكي في الحكومة من شأنه أن يقدم قيمة مضافة للعمل الحكومي، خاصة في ما يتعلق ببعض مستويات العمل الحكومي، في ظل عودة اليسار إلى الحكم في عدد من بلدان أمريكا اللاتينية؟   

في تقديري، أن الاتحاد الاشتراكي، اليوم، لم يعد يتوفر على الإمكانيات  التي كان يتمتع بها، في فترات معينة من تاريخه، تجعل دوره مؤثرا في المنظمات والمنتديات القارية، بل لم يعد يتوفر على ذلك الخزان من الطاقات والكفاءات التي تؤهله للعب دور نشط في مختلف المنتديات والمنظمات الدولية. وبالتالي، هناك انحسار للحزب على هذا المستوى. دور الاتحاد كان قويا حينما كان يزخربرجالات وكفاءات وسجل محطات هامة ، اليوم تغيرت الأمور..   

ما هو تقييمكم لعمل المعارضة خلال السنة التشريعية الماضية؟ 

قياس قوة المعارضة من عدمها رهين بأدائها، والمعارضة تكون قوية عندما تطرح مشروعا بديلا، أما  معارضة المزايدات واللغة الفضفاضة فلا تصنع المعارضة. كان من الممكن أن تتشكل داخل البرلمان معارضة قوية، من خلال تنسيق المواقف والرؤى بين كل أطياف المعارضة، وكان من الممكن أن يلعب الاتحاد الاشتراكي، بالنظر إلى قوته العددية وتجربتة الطويلة في المعارضة، بدور دينامو المعارضة والقائد لها، لكنه فضل مع الأسف معارضة الاستجداء..  

ما هي أبرز الملفات المطروحة أمام الحكومة خلال الدخول السياسي المقبل؟

لقد رسمت الخطابات الملكية خارطة طريق عمل الحكومة. النظرة الملكية الاستباقية عززت الحرص على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إضافة إلى منح الأولوية للبرامج الهادفة إلى ضمان الأمن الطاقي والصحي والغذائي، وبالتالي، تنتظر الحكومة ملفات هامة ذات الارتباط بالدولة الاجتماعية. 

ومن ثمة، فإن الحكومة ستواصل  تنزيل البرامج والأوراش الهادفة إلى تعزيز الدولة الاجتماعية وهو رهان أساسي  يحظى بتتبع ملكي. 

كيف تُقيمون عمل الحكومة في سنتها التشريعية الأولى؟ 

تشكلت الحكومة في سياق دولي ووطني صعب، تميز بانتشار جائحة كوفيد 19، وتوالي سنوات الجفاف ثم الغزو الروسي لأوكرانيا.  

هذه التحديات فرضت على الحكومة إعادة ترتيب أولوياتها، فباشرت إحراءات الدعم لعدد من الفئات المهنية والاجتماعية لتخفيف العبء عليها، فضلا عن التدابير المتعلقة بدعم القدرة الشرائية للمواطنين. 

هناك حاجيات وانتظارات متزايدة لدى المواطنين، الذين لم يلمسوا بعد ثمار العمل الذي تقوم به الحكومة.هذه الأخيرة لم تكمل بعد سنتها الأولى، وهي ما تزال تشتغل بقانون المالية 2022 وتعمل من أجل تنفيذ تعهداتها. على ضوء ذلك كله، من السابق لأوانه أن نقوم بتقييم موضوعي لأدائها.

طفت على سطح الأحداث منذ ما يقرب من سنة، أزمة التأشيرات الفرنسية، التي يعتبرها الكثير من المتتبعين أحد مؤشرات الأزمة الصامتة الجديدة بين فرنسا والمغرب، ما رأيكم؟ 

أفضل الحديث عن تجاذبات. وهي ليست المرة التي تحدث، فقد مرت العلاقات المغربية الفرنسية بفترات مد وجزر.  

لقد قلصت فرنسا نسبة التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة بنسبة 50%. 

ورغم أن هذا الإجراء يندرج ضمن قرار سيادي لفرنسا إلا أنه يؤشر إلى أزمة صامتة، لكنها أزمة سيتم تجاوزها كما تم تجاوز الأزمات الصامتة السابقة. 

ما ينبغي التركيز عليه، هو أن هناك علاقة تاريخية متجذرة بين المغرب وفرنسا. هناك شراكات سياسية واقتصادية وثقافية، هذه التجاذبات تحتم الانخراط في الحوار لتجاوزها. وأعتقد أن نضج القيادة السياسية في البلدين سيمكن من احتواء هذه الأزمة التي أعتبرها عابرة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *