تتعبأ المعارضة البرلمانية لممارسة مهامها الرقابية خلال الدخول السياسي المقبل، في سياق يتسم بضعف أدائها خلال السنة التشريعية الأولى، التي لم تقدم فيها المعارضة الأداء المنشود بفعل تشتتها وتنافر مواقفها السياسية، وخلافات توجهاتها السياسية.

وتراهن مكونات المعارضة داخل البرلمان على مشروع ميزانية 2023، لتعزيز أدائها في مواجهة الحكومة، التي ستطرح أول مشروع للمالية من إعدادها.

كما أن إحالة عدد من النصوص التشريعية التأسيسية مثل ميثاق الاستثمار الجديد والقانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، سيمنح فرصة للمعارضة لتوجيه النقد البناء وملامسة الإشكاليات الكبرى المطروحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وستضع هذه النصوص المُهيكلة المعارضة البرلمانية على المحك. 

ورغم انخراط مكونات المعارضة في تنسيق مواقفها داخل مجلس النواب، إلا أنها ظلت عاجزة عن مواجهة وإحراج الأغلبية الحكومية.

وتقف عدة عوامل وراء ضعف المعارضة، أولها تنافرها، إذ تتشكل من حزبين محسوبين على اليسار (الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية)، وحزب محافظ ذي مرجعية إسلامية ( العدالة والتنمية)، وآخر يميني ظل لفترة طويلة في الحكومة (الحركة الشعبية).

ورغم وجود الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، ضمن مكونات المعارضة، إلا أن ما يفرقهما في الممارسة، أكثر مما يجمعهما على  مستوى التنظير والأيديولوجيا، وقد انعكس ذلك سلبا على أداء المعارضة بشكل عام، كما أن الضعف العددي لمجموعة العدالة والتنمية (13 مقعد)، ساهم في تراجع أداء المجموعة النيابية وفي ضعف أداء المعارضة بشكل عام. 

ومن ضمن العوامل التي ساهمت في خفوت صوت المعارضة البرلمانية اشتغال الحكومة خلال السنة التشريعية الأولى بقانون للمالية وضعته حكومة البيجيدي، وهو ما ساهم في تراجع دور المعارضة، ذلك أن مكون العدالة والتنمية داخل مجلس النواب، لا يمكن أن ينتقد مضامين القانون الذي وضعه حزب العدالة والتنمية خلال قيادته للحكومة السابقة، والأمر نفسه ينطبق على الحركة الشعبية الذي كان طرفا في الحكومة السابقة. 

وساهمت النتائج التي أسفرت عنها انتخابات الثامن من شتنبر2021، في ضعف أداء المعارضة، إذ افرزت خريطة سياسية كرست الهيمنة العددية    للأغلبية المشكلة من ثلاث هيآت حزبية (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال)، التي تتوفر مجتمعة على 270 مقعد من أصل 395 مقعد.  

ويضمن دستور 2011 للمعارضة البرلمانية مكانة متميزة، لتمكينها من الاضطلاع بأدوارها ووظائفها على الوجه الأكمل.

ويخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، من بينها تلك المقدمة من طرف المعارضة، وفق الفصل 82 من الدستور. وينص الفصل 67 من الدستورعلى إمكانية “تشكيل اللجان بطلب من ثلث أعضاء المجلس المعني”، وبالتالي لم يعد مشكل النصاب عائقا أمام المعارضة. كما منح الدستور الحق للمعارضة في ترؤس إحدى أهم اللجان الدائمة بمجلس النواب وهي لجنة العدل والتشريع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *