تتزايد حدة القلق لدى ساكنة مدينة القنيطرة، بسبب تنامي ظاهرة الكلاب الضالة التي تغزوا شوارع المدينة.
وتفاقمت هذه الظاهرة مع حلول فصل الصيف، حيث تؤثث الكلاب شوارع وأزقة المدينة، مما يؤرق الساكنة، التي تتخوف من العواقب الصحية لانتشار هذه الكلاب، خاصة بعد تسجيل حالات تعرض مواطنين وأطفال لعضات الكلاب، مما أضفى على الظاهرة طابع أزمة صحية عامة.
وأكد مواطنون بعاصمة الغرب، في تصريحات خصوا بها الجريدة الإلكترونية le12.ma، أن انتشار الكلاب الضالة يثير قلق ومخاوف الساكنة، مشيرين إلى أن خطر هذه الكلاب يزداد بالليل، حيث تصبح أكثر شراسة وتهاجم المارة، وبالتالي تشكل خطرا على المواطنين، خاصة الأطفال.
وأبرز هؤلاء، أنه بالإضافة إلى خطر الكلاب الضالة على المارة، فإن هذه الكلاب تُسهم في تفاقم الأوساخ والقاذورات، بسبب بعثرتها لأكوام القمامات خلال بحثها عن الطعام.
ودعا هؤلاء المواطنون في تصريحاتهم السلطات المعنية بالقنيطرة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل مشكلة الكلاب الضالة، بما يُسهم في تحرير شوارع وأزقة المدينة منها وضمان سلامة الساكنة.
ورغم ما تشكله الكلاب من خطورة على الساكنة، إلا أن أغلب المواطنين يرفضون اللجوء إلى قتلها، بل يقترحون تخصيص ملاجئ لها بما يحفظ حياتها، ويحمي المارة من مخاطرها، في الوقت نفسه.
في هذا السياق، قالت حسنية الخاوا، رئيسة جمعية الرفق بالحيوانات وحماية الطبيعة بالقنيطرة، إن هناك حلولا مناسبة للتصدي لظاهرة الكلاب الضالة، بعيدا عن خيار القتل، مضيفة، أن قتل الكلاب الضالة لم يؤد إلى نتيجة ولم يعالج المشكل، بل أدى إلى تفاقمه.
وأكدت المتحدثة في تصريح للجريدة، أن الكلاب الضالة بالقنيطرة أصبحت تؤرق ساكنة المدينة، خاصة في ظل تنامي هذه الظاهرة.
وأشارت إلى أن أسبابا كثيرة تقف وراء تفاقم الظاهرة، أبرزها وجود أحياء هامشية ودور صفيح محاطة بالمدينة، تنتشر بها البهائم والكلاب، التي تنتقل بسهولة نحو المدينة. ويؤدي تزاوج هذه الكلاب إلى تكاثر أعدادها.
وأردفت أن البنايات المهجورة أو في طور البناء تشكل ملاذا للكلاب الضالة وحينما يتم اكتمال البناء تتشرد الكلاب، إضافة أن بعض الناس الذين يعيشون على هوامش المدينة يقومون بنقل الكلاب نحو المدينة.
وقالت المتحدثة، إن الجمعية انشغلت كثيرا بموضوع الكلاب الضالة، وأن انشغالها بالموضوع قادها إلى تجربة رائدة لجمعية بخريبكة أرادت الاستئناس بها وتطبيقها في القنيطرة لكن ظروفا حالت دون ذلك.
وأبرزت أنها عقدت لقاءات مع المجلس البلدي السابق قصد إيجاد الحلول المناسبة، وأنها اقترحت حلولا، مثل إحداث ملجأ للكلاب ، إلا أن هذه الحلول المقترحة لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
وبالنظر إلى الطابع ” الوطني” للظاهرة، فقد وصلت إلى البرلمان، حيث سبق لعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، أن أجاب عن سؤال كتابي طرحه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، حول “ظاهرة الكلاب الضالة”.
وأقر الوزير أن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة تشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين، لما يمكن أن تسببه من أمراض، ناهيك عن الانزعاج الناجم عنها وتأثيرها السلبي على محيط عيش السكان، كما أن هذه الحيوانات تشكل الخزان الرئيسي أو الناقل للعديد من الأمراض الخطيرة، كداء السعار.
ورمى الوزير بالكرة إلى المجالس البلدية، مشددا على أن محاربة الكلاب الضالة تندرج ضمن الاختصاصات المخولة للمجالس الجماعية ورؤسائها في ميدان الوقاية وحفظ الصحة.
وكشف أن وزارة الداخلية تعمل سنويا، في إطار مواكبتها للجماعات الترابية، على رصد اعتمادات لتعزيز قدراتها في هذا الميدان، حيث بلغت خلال الخمس سنوات الأخيرة ما يناهز 70 مليون درهم، من أجل اقتناء سيارات ومعدات لجمع ومحاربة الكلاب الضالة وداء السعار.
وكشف الوزير أنه يتم تلقيح أزيد من 80 ألف شخص سنويا مجانا ضد هذا الداء الفتاك، مفيدا أنه بهدف احتواء ظاهرة انتشار الكلاب الضالة على الصعيد الوطني، تم في سنة 2019، إبرام اتفاقية إطار للشراكة والتعاون بين المديرية العامة للجماعات الترابية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، تتوخى تعزيز التعاون والتنسيق بين هذه الأطراف من أجل معالجة هذه الظاهرة.
يشار في هذا الصدد، إلى التجربة الفريدة للمجلس الجماعي لمدينة أكادير، الذي صادق في دورة ماي على إحداث ملجأ جهوي للكلاب الضالة ضواحي حي أنزا، في سياق سعيه إلى حل معضلة الكلاب الضالة.
ويأتي قرار المجلس بإحداث هذا الملجأ، التي ستصل طاقته الاستيعابية إلى حوالي 4000 كلب، بعد تنامي شكايات المواطنين خلال الولايات السابقة، من ظاهرة الكلاب الضالة.
وسيتم إنجاز الملجأ، المخصص لاحتواء ظاهرة تشرد الكلاب الضالة والحفاظ على جمالية المدينة وعلى سلامة المواطنين، في غضون 18 شهرا. وسيتم تجهيزه بفضاء للتطبيب وإجراء العمليات الجراحية، وفضاء للحراسة.