يؤكد محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، في الحوار التالي، على أن الأغلبية الحكومية قامت بمجهود استثنائي خلال السنة التشريعية الأولى من ولايتها ، رغم السياق الدولي والوطني الصعب الذي رافق مجيئها، مبرزا أن علاقات التعاون بين الحكومة والبرلمان أثمر إنتاجا تشريعيا ورقابيا ودبلوماسيا مهما.
وأضاف غيات، أن مجلس النواب، حرص على ان يكون ممثلا حقيقيا للشعب ومدافعا عن همومه ومطالبه وقضاياه المعيشية، وفضاء للترافع عن جميع القضايا العاجلة والملحة التي تطرح في الساحة الوطنية.
حوار: جمال بورفيسي
يسدل اليوم الثلاثاء الستار على دورة الربيع من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية 2021-2026، كيف تقيمون حصيلة عمل الحكومة؟
بداية، لابد من التذكير بكون السنة التشريعية الأولى من عمر هاته الحكومة رافقت سياقا وطنيا جِد خَاص وصعب للغاية، أرخى بظلاله على أداء كل المؤسسات الدستورية، ليس في بلدنا فحسب، بل في كل دول العالم. نحن لسنا أمام أوضاع عادية يمكن مواجهتها بطرق برلمانية عادية، بل أمام منعرجات اجتماعية وسياسية وديبلوماسية واستراتيجية صعبة تتطلب من البرلمان بمجلسيه، ومجلس النواب على وجه الخصوص التفاعل بشكل استثنائي مع الاوضاع.
ورغم ذلك، فالمجلس نجح خلال السنة التشريعية الأولى من تسجيل حصيلة نوعية وغنية، همت مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، والدبلوماسية البرلمانية…
إن هاته السنة التشريعية الأولى تميزت بأجندتها الدستورية المكثفة وسلة تشريعية مستحسنة من حيث طبيعة القوانين المصادق عليها، ابتداء بمسار التنصيب البرلماني للحكومة والموافقة على برنامجها ومرورا بالتجاوب الإيجابي مع الهندسة الحكومية الجديدة، واستكمال انتخاب اجهزة مجلس النواب وعلى رأسهم الرئيس رشيد الطالبي العلمي الذي اعطى دينامية جديدة للمجلس بالنظر لخبرته البرلمانية والحكومية، مرورا كذلك بالمصادقة على قانون المالية وبكل مظاهر تعزيز التعاون البناء للمجلس مع السلطة التنفيذية وباقي المؤسسات الدستورية في إطار الاحترام التام لفصل السلط وتعاونها الوثيق والمثمر.
وقد أثمرت علاقات التعاون بين الحكومة والبرلمان إنتاجا تشريعيا ورقابيا مهما، تميز بتنزيل التوجيهات الملكية السامية التي أكد عليها جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة افتتاح هذه الدورة الخريفية، لا سيما في مجال الأمن الطاقي والذي توج بمصادقة مجلسنا على قانون الانتاج الذاتي للطاقة بالاضافة الى الشروع في تنزيل ما تضمنه البرنامج الحكومي من مشاريع قوانين، ناهيك عن قانون تحمل رهانات اجتماعية كبيرة كما هو الشأن بالمشروعين المتعلقين بمجلس المنافسة وحرية الاسعار والمنافسة، ومشروع القانون الخاص بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، ومشروع قانون يتعلق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ومشروع قانون التنظيم القضائي ومشروع القانون بإحداث السجل الوطني الفلاحي.. والقائمة طويلة.
وعلى مستوى الوظيفة الرقابية، وبغض النظر عن الحصيلة الكمية التي ستفوق بلا شك حصيلة السنوات العادية من حيث عدد الأسئلة ولجان المهام الاستطلاعية وجلسات الاستماع، الا ان ما يهم هو جانبها الكيفي، فقد كان الحرص خلال هاته السنة على ان يكون المجلس ممثلا حقيقيا للشعب ومدافعا عن همومه ومطالبه وقضاياه المعيشية، وفضاء للترافع عن جميع القضايا العاجلة والملحة، حيث حرص الجميع، اغلبية ومعارضة على اثارة كل القضايا المجتمعية، والعمل على تحويلها الى نشاط برلماني، وان تناقش داخل المؤسسة البرلمانية بكل جرأة لكن في نفس الوقت بعيدا عن اللغة الشعبوية.
وشكلت حصيلة الدبلوماسية البرلمانية خلال السنة التشريعية الأولى نقطة قوة حقيقية، حيث لم تكتف الديبلوماسية البرلمانية بالدور الثانوي، بل تميزت بلعب أدوار مهمة ومكملة للديبلوماسية الرسمية، من خلال مشاركة الدبلوماسية البرلمانية المغربية في مختلف المجالس على المستوى الدولي والمشاركة في اللقاءات الثنائية مع البرلمانيين الأجانب لإعطاء صورة جيدة عن المغرب والتعريف بمواقفه المبدئية، لا سيما في قضية وحدتنا الترابية والتعامل مع المهاجرين ومحاربة الإرهاب وغيرها من المواضيع ذات الطابع الاستراتيجي.
لا ينبغي ان ننسى ان هاته السنة تتميز بالتوافق الأولي على مشروع النظام الداخلي لمجلس النواب في انتظار المصادقة عليه في الجلسة العامة.
ويتميز المشروع الجديد بمستجدات مهمة ستعمل على الرفع من اداء المؤسسة وتحسين صورتها سواء من خلال مستجدات تجريد كل نائب أو نائبة تغيب سنة تشريعية كاملة عن حضور أشغال المجلس دون عذر مقبول من عضويته بالمجلس، بالإضافة الى المقتضيات التي تروم الرفع من جودة عمل المهام الاستطلاعية وعقلنتها. وكذلك ما يتعلق بالتقييم الذاتي لأداء المجلس، من خلال لجنة مؤقتة وتحسين وضيفة تقييم السياسات العمومية والجلسات الشهرية.
ما هو تقييمكم لأداء فريق التجمع الوطني للأحرار؟
تميزت السنة التشريعية الأولى بالإنجازات التي حققها فريق التجمع الوطني للأحرار سواء على المستوى الرقابي او التشريعي او الديبلوماسي، فلم يتنازل الفريق رغم قيادته للأغلبية البرلمانية عن دوره في الدفاع عن قضايا جميع الفئات والشرائح المجتمعية بحثا عن الإنصاف وانتصارا للعدالة الاجتماعية ودولة الحق والقانون. حيث جسد أعضاء الفريق اثناء تأدية مهامهم الدستورية قيم الحزب القائمة على الديمقراطية الاجتماعية، حيث جعل الفريق من برنامجه الانتخابي والبرنامج الحكومي محددين أساسيين في الوظائف الرقابية والتشريعية.
وهنا لابد أن أسجل بكل فخر واعتزاز ما لعبه فريقنا من أدوار طلائعية وما عبر عنه من انضباط والتزام في المجال التشريعي والرقابي والديبلوماسي الذي ترك فيه بصمات ملموسة في المحافل الدولية خصوصا في القضايا التي تهم وحدتنا الترابية، وطيلة السنة التشريعية التي نودعها، ساهمت نائباتنا ونوابنا بكل جدية ومسؤولية في مراقبة أداء الحكومة في كل القضايا التي يثيرها الرأي العام دون مجاملة للسلطة التنفيذية وفي احترام تام لأدوارنا الدستورية كحزب يقود الأغلبية.
كما لعب فريقنا دور صمام أمان لضمان المصادقة على عدد من النصوص التشريعية المهمة التي تهم مواكبة الأوراش الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، والنهوض بالقطاعات الإنتاجية.
لقد حرص أعضاء الفريق خلال مهمتهم النيابية خلال هذه السنة، على تنزيل التوجيهات الملكية الواردة في خطاب افتتاح دورة أكتوبر كما جسد قيم حزب التجمع الوطني للأحرار ومبادئه، حيث تفاعل الفريق مع برنامجه الانتخابي والحكومي الذي صوت لفائدته، كمحددين أساسيين في الجانب الرقابي، وأساسا الأسئلة الشفهية والكتابية التي تهم القضايا الاجتماعية في مجال الصحة والتعليم والتشغيل والإدارة وهي مرتكزات تعاقدنا مع من أوصلونا لهذه المقاعد البرلمانية ومنحونا صدارة الانتخابات.
كيف تواكبون الجدل الذي يثيره بعض النواب المحسوبين على المعارضة بشأن عدم الالتزام التام لرئيس الحكومة بحضور الجلسات الشهرية؟
هذا موضوع مليء بالبوليميك والشعبوية الفارغة، أولا رئيس الحكومة لا يخيفه الحضور للبرلمان كلما تطلب الأمر ذلك. وثانيا لا يتهرب من مسؤوليته الدستورية الملقاة على عاتقه، لكن القانون واضح وقرار القضاء الدستوري واضح، لقد أكد هذا الأخير في قراره رقم 924/13 الصادر في 22 غشت 2013 بشأن المادة 204 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه لئن كان رئيس الحكومة، عملا بأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 100 من الدستور، يتعين عليه مبدئيا تقديم الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة في جلسة واحدة كل شهر أمام المجلس الذي يعنيه الأمر، فإن ذلك يترتب عنه حضور رئيس الحكومة مرة واحدة أمام كل من مجلسي البرلمان، طالما أن المجلس المعني لديه أسئلة تتعلق، في طبيعتها ومداها، بالسياسة العامة التي لا يمكن أن يجيب عنها إلا رئيس الحكومة، وحمل القضاء الدستوري مكتب كل مجلس من مجلسي البرلمان، بهذا الشأن، مسؤولية التحقق والحسم مسبقا بكون الأسئلة الموجهة إلى رئيس الحكومة تكتسي بالفعل صبغة سياسة عامة. والمؤكد أن عددا من الأسئلة التي تطرحها بعض الفرق لا تصنف ضمن السياسة العامة وفق تداول المكتب، مما يتعذر معه في بعض الأحيان استدعاء رئيس الحكومة للحضور للإجابة على أسئلة قطاعية أو أقل من قطاعية.