لو لم تحذف حكومة إبن كيران دعم المحروقات وتسن قانون حرية الأسعار، لما كان مطلب العودة اليوم إلى +7 دراهم للتر الواحد من الغازوال و+8 دراهم للتر الواحد من البنزين شبه مستحيل
- حوار أشرف الحاج
يقول محمد رضا، محلل مالي واقتصادي، في الحوار التالي، إن أسعار المحروقات تتحكم فيها عدة عوامل، على غرار سعر برميل النفط، وسعر صرف العملات المحلية مقابل الدولار، ومستوى مخزون المنتجات البترولية والطلب على النفط، ويفسر سبب استمرار أسعار الوقود بتكلفة التكرير والنقل والتوزيع. فيما يلي نص الحوار.
هيمن الجدل منذ فترة، بالتزامن مع الأزمة الصحية العالمية والغزو الروسي لأوكرانيا…، حول الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، ما الذي يتحكم في أسعار الوقود؟.
في الواقع، تخضع أسعار الوقود في محطات التوزيع لعدة معايير مثل سعر برميل النفط، وسعر صرف العملات المحلية مقابل الدولار، ومستوى مخزون المنتجات البترولية والطلب على النفط، ولكن قبل كل شيء هوامش التكرير، تكلفة النقل و التوزيع, وكذلك الضرائب التي تفرضها الحكومة.
هناك من يطرح التساؤل حول أسباب إستمرار إرتفاع أسعار الوقود رغم إنخفاض سعر النفط في السوق الدولية، ما رأيكم؟
إستمرار غلاء الأسعار الحالي (في جميع البلدان)، رغم انخفاض ثمن سعر البرميل، يفسره إستمرار إرتفاع أثمنة التكرير و النقل و التوزيع، أضف إلى ذلك إنخفاض مستويات التخزين بسبب الحرب، و إرتفاع الطلب على المحروقات من طرف بلدان كانت إلى الأمس تشتري من السوق الروسية، وانضافت اليوم الى السوق العالمية التي توحدت ضد روسيا.
ما هي الخيارات المتاحة أمام الحكومة للبقاء على أسعار معقولة بالنسبة للمحروقات؟.
نظام اقتصاد السوق economie de marché يخضع كليا لقانون العرض و الطلب، بتأطير من الحكومات التي تلعب دور الحكم لتضمن بقاء الأسعار في هامش مقبول نوعا ما، عبر تسقيف هوامش الربح، أو خفض الضرائب، او حتى الاستثمار في مخزون وطني لتحقيق معادلة متوسط التكلفة المقدرة coût moyen pondéré.
حكومتنا الموقرة، اتخدت الطريق الذي تراه يحافظ على توازنات قانون المالية الحالي، مع حلول كمبادرة دعم المهنيين.
الأكيد أنه من شبه المستحيل العودة للأثنمة السابقة و التي يتم تداولها عبر المنشورات منذ البارحة أي 7 دراهم للكازوال و 8 دراهم للبنزين، و لكنه يبقى مطلبًا مشروعا للمواطنين الذين ليسوا مجبرين على أن يكونوا فطاحلة في علم الاقتصاد ويشرحون بأنفسهم تداعيات الازمة .
والمطلوب اليوم من الحكومة التعامل مع الوضع، عبر المزيد من التواصل أولا، و ثانيا تعزيز تفعيل خطة سريعة للحد من الارتفاع المهول سواء عبر حذف الضريبة أو الخفض من قيمتها مؤقتا.
هل تأمين إمداد السوق المغربي بالمحروقات يحسب للحكومة؟
نجاح الحكومة في مواصلة تأمين إمداد السوق الوطنية بالمحروقات، نقطة تحسب لها، بالنظر إلى الأزمة الانتاج العالمي للنفط الخام، الذي قاد إلى خلق أزمة ندرة المحروقات في عدد من الدول، القريبة من المغرب وعدم تواجدها في محطات البيع بالتقسيط، كما أنه في الوقت الذي تم تخفيض سعر اللتر الواحد في المغرب بأكثر من درهم، نجد ثمن سعر اللتر الواحد في عدد من الدول يعرفه زيارات متتالية وسط مخاوف من إفتقاده، والمثال دولة موريتانيا ، التي أقرت أول أمس الجمعة، زيادة في ثمن اللتر الواحد من البنزين بقيمة 4 دراهم مغربية.
لماذا لا، العودة إلى 7 و8 دراهم شبه مستحيل؟
قبل وجب التوضيح، أن سوق المحروقات المغربية مرتبط بتقلبات الأسعار الدولية منذ تحريرها سنة 2015 وخضوعها للمنافسة الحرة، وهو ما يجعل المقارنة بين ثمن برميل النفط الخام وثمن المحروقات في محطات الوقود لا تستقيم، على اعتبار أن المغرب يقتني حاجياته من النفط المكرر أي المنتوج النهائي، وليس المادة النفطية الخام.
وعليه، فمنذ التحرير الكامل لسوق المحروقات سنة 2015، أصبحت الأسعار خاضعة للأسواق الدولية والمنافسة الحرة، حيث ولا يمكن للدولة أن تتدخل في الأسعار من الناحية القانونية، لكن يمكنها سن إجراءات مؤقتة واستثنائية في حالة وجود ضرر على المواطن.
لكن قبل سنة 2015، كان يمكن للدولة أن تتدخل في الأسعار من الناحية القانونية، لأنه كانت تدعم المحروقات عن طريق صندوق المقاصة، أي أن الدولة كانت تدعم إستهلاك المواطن للتر الواحد من البنزين والكازوال بنحو 3.5 دراهم، لكن حكومة عبد الاله ابن كيران، حذفت هذا الدعم، وربحت الدولة 180 مليار درهم منذ ذلك التاريخ، لكن المواطن هو الذي أدى الثمن.
لذلك، لو لم تحذف حكومة إبن كيران دعم المحروقات وتسن قانون حرية الأسعار، لما كان مطلب العودة اليوم إلى +7 دراهم للتر الواحد من الغازوال و+8 دراهم للتر الواحد من البنزين شبه مستحيل.
توسم المغاربة خيرا في حكومة بن كيران الاخوانية ، لكن يبدو ان الرجل كان عاجزا عن تحقيق رغبات دافعي الضرائب الذين انتخبوه ، وفي الوقت الدي انتظر فيه الشعب المغربي قرارات تخدم حياته اليومية خرجت حكومة بن كيران بقرارات ضربت في الصميم كل ما هو اجتماعي كتحرير سوق الطاقة، وهاهو المغربي اليوم أصبح في عجز تام عن مواكبة هذا الارتفاع الصاروخي في سوق الطاقة والذي انعكس على كل المواد الاستهلاكية.
أن تحمل المسؤولية يقتضي نوعا من الحكمة وعدم التسرع في اتخاذ قرارات تهربت حكومات سابقة من اتخاذها لانها كانت على علم بهشاشة المنظومة الاقتصادية المغربية ، وان المغربي البسيط هو الذي سيكتوي بنار اثمنة لا يمكن حتى تخيلها في كوابيس الأحلام.