جمال اسطيفي

 

التشويش أحد الوسائل التي كان يتم اللجوء إليها للحيلولة وقنوات تلفزيونية فضائية دون البث ودون أن تصل صورتها إلى ملايين المشاهدين، أي أن التشويش شكل من أشكال القمع ومرصد لإخراس الأصوات وعدم قبول الرأي الآخر الذي تلجأ له الأنظمة القمعية..

في كرة القدم، وفي المغرب تحديدا، بات مصطلح “التشويش” متداولا كثيرا، فكلما كان المنتخب الوطني مقبلا على مباراة رسمية أو بطولة قارية إلا وخرج البعض ليرفع شعار “لا للتشويش”. وقد يتحول الصحافي الذي يدلي برأي مخالف أو يقدم معلومات لا تروق لحاملي الشعار “خائنا للوطن”، مع أن الوطن ليس مباراة لكرة القدم فقط، إنه أكبر من ذلك بكثير، واختزاله في ذلك إساءة إليه!

في ملف عبد الرزاق حمد الله ظهرت هذه الأصوات مرة أخرى، علما أن بعض هذه الأصوات التي تريد أن يكون لها تأثير في المشهد لا تملك الحد الأدنى من الحس النقدي، أو أنها تريد توجيه دفة النقاش في اتجاه واحد، رغم أن فاقد الشيء لا يعطيه، بدليل أن هؤلاء، مثلا، لم يترددوا في الهجوم الضاري على حمد الله ومحاولة تصويره على أنه المخطئ الوحيد. لكن عندما تعلق الأمر بفيديو فيصل فجر فإنهم لم يكلّفوا أنفسهم عناء الإشارة اليه أو انتقاده.

لقد نشبت حرب ضروس بين الإعلام الفرنسي وإيمي جاكي قبل مونديال فرنسا 1998 بسبب عدم مناداته على إيريك كانتونا ودافيد جينولا، لكنّ جاكي انتصر في الأخير وأحرز كأس العالم..

وعشنا حالة مماثلة للاعب الكرواتي الذي رفض الجلوس احتياطيا في مونديال روسيا، ليتم إبعاده من لائحة المنتخب الذي بلغ بعد ذلك النهائي.. ولم يتجرأ أي احد على محاولة إبعاد وسائل الإعلام عن التطرق للموضوع، بموازاة متابعتها الدقيقة للمنتخب الكرواتي.. وتابعنا في “كان” الغابون 2017 كيف تمرد سبعة لاعبين على المنتخب الكامروني ورفضوا المشاركة، لكن هذا المنتخب نجح في التتويج في غيابهم..

وعشنا في مراكش واقعة عادل تاعرابت، الذي حزم حقائبه وغادر قبل مباراة المغرب والجزائر في 2011 بعدما تأكد أن المدرب إيريك غيريتس لن يعتمد عليه، لكنّ ذلك لم يمنع المنتخب الوطني من الفوز برباعية نظيفة..

وجهوا اللوم للإعلام إذا لم يتحلّ بالموضوعية والمهنية والمصداقية في مواكبته لما يجري أو إذا حذف معلومات أو ضلل أو زيّف أو انحاز، بوعي أو بدونه.. أما حكاية التشويش فهي سلاح الضعفاء وسلاح من يريدون أن يحولوا الصحافي إلى مجرد رجع صدى يردد فقط ما يملى عليه دون اجتهاد أو بحث أو استقصاء..

ثم إن الحديث عن التشويش فيه استخفاف بقدرات المدرب والطاقم التقني واللاعبين الذهنية على التعامل مع الوقائع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *