بات الغلاء العالمي في سوق المحروقات والمواد الغذائية الأساسية يهدد موريتانيا بالجوع، وسط تخلي جزائري عن حكام نواكشوط وتضامن مغربي حكومة وشعبًا.
وقامت الحكومة الموريتانية أمس الخميس، بإقرار تعديل قانون المالية برسم سنة 2022، الجاري العمل به.
وأكد وزير التهذيب الوطني وإصلاح نظام التعليمي، الناطق باسم الحكومة، محمد ماء العينين ولد أييه، أن الهدف من مراجعة قانون ميزانية 2022، هو تغطية الدعم المخصص للمحروقات، بسبب النقص فيه نتيجة ارتفاع أسعار هذه المواد عالميا، مما يدفع إلى التساؤل مجددا عن إمكانية استمرار هذا الدعم.
وأضاف خلال تعليقه على نتائج اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الخميس، أن التعديل يهدف أيضا لتغطية الانفاق الاجتماعي لزيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية خاصة الحبوب في ظل الانعكاسات السلبية للوضع الدولي.
بلد استيراد بامتياز
وجاء ذلك بعدما، وصلت التبعات الاقتصادية والمعيشية السلبية للحرب الروسية الأوكرانية محطة موريتانيا، التي تشهد ارتفاعا متسارعا في أسعار مشتقات الوقود والقمح وسلع أخرى.
وتستورد موريتانيا 60% من حاجتها من المواد الغذائية من الخارج، وتصل نسبة الفقر فيها إلى 31%.
وتشهد أسعار الوقود ارتفاعات متتالية، بعد زيادات طرأت على سعر البرميل من متوسط 80 دولارا قبل العمليات العسكرية الروسية، وصولا إلى 139 دولارا، قبل أن تستقر عند 107 دولارات حاليا.
معدلات الجوع
وتوقع رئيس المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإستراتيجية، الخبير الاقتصادي صبحي ولد ودادي، أن يسهم ارتفاع أسعار الغذاء عالميا في زيادة معدلات الجوع في البلد الواقع في غرب أفريقيا والبالغ عدد سكانه 4 ملايين نسمة.
ولفت ولد ودادي، في تصريح سابق لوكالة الأناضول، إلى أن 600 ألف شخص يعانون الجوع في موريتانيا، وكذلك يعاني طفل من بين كل 5 أطفال من سوء التغذية.
وأضاف في ظل حالة ضعف الاكتفاء الذاتي للبلد من الحبوب والغذاء، قد تشهد موريتانيا زيادة في معدلات الجوع، خصوصا أننا لم نخرج بعد من تداعيات أزمة كورونا ونسبة الفقر في البلد تصل 31%.
وتابع كل المنتجات الغذائية في البلد مستوردة باستثناء الأسماك واللحوم والأرز، في حين يقدر حجم الواردات الغذائية في البلد بنسبة 60% من الاحتياجات الغذائية.
بدوره، أكد رئيس منتدى المستهلك الموريتاني (غير حكومي)، الخليل ولد خيري، أن أزمة المحروقات وارتفاع أسعارها عالميا ستكون لها تداعيات كبيرة على موريتانيا، مشيرا إلى أن الأخيرة كانت تستورد القمح أساسا من روسيا وأوكرانيا.
وأفاد ولد خيري، في تصريح للأناضول، بأن الكثير من المخابز في موريتانيا بدأت بالفعل تنقص وزن الخبز، كما ارتفعت أسعار هذه المادة في الأسواق الموريتانية رغم تحذير الحكومة من تغيير السعر قبل نفاد المخزون الذي كان موجودا في البلد.
ولفت إلى أن موريتانيا تمر بظروف صعبة جراء موجة الجفاف التي تضرب أنحاء واسعة من البلد، مما يجعل تداعيات أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالميا ستكون كبيرة على هذا البلد.
تضخم الأسواق
وتوقع الخبير الاقتصادي صبحي ولد ودادي أن تتسب أزمة المحروقات العالمية وارتفاع أسعار الغذاء في موجة تضخم كبيرة في الأسواق الموريتانية.
وأوضح أن استيراد المحروقات يمثل نسبة 30% من الواردات الموريتانية، وسعر طن القمح ارتفع في البلد دفعة واحدة بنحو 60 دولارا، لذا يتوقع موجة تضخم كبيرة في السوق.
تدابير حكومية
الحكومة الموريتانية توقعت -على لسان المتحدث باسمها المختار ولد داهي- زيادة أسعار القمح في موريتانيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، نظرا لأن الدولتين تعتبران من أكثر البلدان المصدرة لمادة القمح.
وقال ولد داهي -في مؤتمر صحفي في الثاني من مارس، إن الحكومة بدأت في إنشاء لجنة لاتخاذ التدابير اللازمة، مشيرا إلى أن الرئيس أعطى توجيهات بهذا الخصوص.
وأشار إلى أن الكمية المتوفرة الآن في الأسواق تم شراؤها قبل اندلاع الحرب، لافتا إلى أن هناك بعض التجار حاولوا استغلال الأزمة ورفع أسعار القمح منذ الأيام الأولى للحرب.
وأضاف في حال دخول كميات جديدة من القمح الأسواق الموريتانية، ستعقد وزارة التجارة جلسة مع التجار لإعادة هيكلة السعر الجديد، مشيرا إلى أن الحكومة ستتحمل ما يمكنها تحمله من أعباء السعر الجديد عن المواطن.
وفي السابع من مارس، أعلنت السلطات وصول شحنة من 25 ألف طن من القمح إلى ميناء نواكشوط، وذلك في إطار خطة حكومية لاستيراد 100 ألف طن من القمح، مخصصة للبرامج الاجتماعية للدولة.
تخلي جزائري وتضامن مغربي
ووسط تخلي جزائري عن الوقوف الى جانب الشعب الموريتاني بدون ابتزاز سياسي، حافظ المغرب على الوفاء بالتزاماته تجاه موريتانيا حكومة وشعبًا عبر تقديم العديد من مبادرات الحد من سقوط هذا البلد الشقيق في هوة المجاعة.