كرست التعيينات الجديدة على رأس عدد من المؤسسات الاستراتيجية والهامة، التي تمت خلال انعقاد المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، أول أمس الأربعاء، معيار الاحتكام للكفاءة العالية والوطنية الصادقة والولاء الخالص لمقدسات الوطن.

لقد وضعت تلك التعيينات التي جاءت بإقتراح من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لتضع قطيعة مع تجارب سابقة شيدت على الريع وتبادل المنافع والاعتماد على الولاء الحزبي بمفهومه الضيق بالنسبة إلى التعيينات في المناصب العليا.

والأكيد أن ذلك المنطق الذي هيمن لفترة طويلة تزيد عن عقدين من الزمن، ساهم في تغييب معيار الكفاءة والاستحقاق لصالح معيار “اعطيني نعطيك”، بما أفضى إليه من نتائج كارثية على مستوى تدبير العديد من المؤسسات، في ظل الحكومتين السابقتين.

ويبدو أن الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش، تسعى إلى رد الاعتبار للحكامة في التدبير، من خلال استعادة هيبة المؤسسات و مناصب المسؤولية واختيار الأطر الكفؤة، عملا بمقولة “الرجل أو المرأة المناسبة في المكان المناسب”.

ومن هذا المنطلق، فإن التعيينات الجديدة كرست المقاربة الجديدة للحكومة بالنسبة إلى التعيينات في المناصب العليا، حيث المعيار الوحيد للكفاءة والاستحقاق وليس للزبونية والانتماء الحزبي.

ويبدو أن الحكومة، عكس سابقتيها، تتصرف بروح الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الخامسة والأخيرة من الولاية التشريعية السابقة، حيث دعا الملك إلى مراجعة معايير التعيين في المناصب العليا،  بهدف تحقيق النجاعة والفعالية الضرورية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي بعد ركود ناتج عن انتشار وباء كوفيد 19.

لقد دعا الملك إلى “مراجعة عميقة لمساطر التعيين في المناصب العليا بما يحفز الكفاءات الوطنية على الانخراط في الوظيفة العمومية وجعلها أكثر جاذبية”.

اليوم تفطنت الحكومة إلى سلبيات ومخاطر التعيينات في مناصب المسؤولية وفق منطق الولاء الحزبي، فبادرت منذ تعيينها إلى اختيار الكفاءات الوطنية في مناصب المسؤولية بهاجس الرفع من قدرات  وأداء المؤسسات، انسجاما مع حرص الملك  على حسن اختيار الأشخاص في مواقع المسؤولية، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

ولا شك أن الحكومة الحالية تكون بذلك قد صححت أخطاء الحكومتين السابقتين اللتين تجاهلتا كل دعوات المطالبة  بتغليب الكفاءة والاستحقاق في اختيار المرشحين لمواقع المسؤولية، مما جر عليهما وابلا من الانتقادات، خاصة أن غالبية التعيينات في المناصب العليا كانت تراعي الولاء الشخصي والحزبي.

ولذلك  طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزيرة الاقتصاد والمالية، عين الملك محمد السادس خاليد سفير، مديرا عاما لصندوق الإيداع والتدبير، و عبد اللطيف زغنون، مديرا عاما للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية .

كما عين الملك، بمبادرة من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، نور الدين بوطيب، رئيسا لمجلس الإدارة الجماعية للقرض الفلاحي للمغرب، وعبد الرحيم هومي مديرا عاما للوكالة الوطنية للمياه والغابات.

 وبمبادرة من الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، عين الملك علي صديقي مديرا عاما للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات.

إن تعيينات المجلس الوزاري، التي جاءت بمقترح من رئيس الحكومة لم تضع القطيعة مع التعيين  وفق ترضيات الإنتماء الحزبي، فقط، بل أعطت مؤشرا دالا على أن مراجعات كثيرة ستعرفها تعيينات الحكومتين السابقتين في مناصب المسؤولية. لكن بمقاربة فكر رجال الدولة و ليس بفكر “شيخ الجماعة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *