تشكل المصادقة على مشروع قانون-إطار يتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، من طرف المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس أول أمس الأربعاء، ثورة حقيقية في مجال الصحة العمومية بالمغرب.

لاشك أنه يجسده من إرادة راسخة وقوية للملك محمد السادس في تطوير القطاع والنهوض به بما يؤهله لتقديم خدمات صحية تناسب انتظارات المواطنين.

إن المصادقة على مشروع قانون-إطار يتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، سيمكن من مواكبة ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أشرف الملك محمد السادس على إطلاقه، في 14 أبريل 2021 بالقصر الملكي بفاس. 

فهذان الورشان مترابطان ومتلازمان ويشكلان معًا أهم المشاريع الإصلاحية التي ستنكب الحكومة على تفعيلها خلال الولاية الحكومية الحالية.

لذلك يظهر من الضروري تعيين كفاءة مغربية قادرة على التنزيل الأمثل لمشروع الحماية الاجتماعية، وإنجاح تنفيذه بما يحقق  الأهداف المتوخاة منه.

ولاشك أن التعيينات المرتقبة لكتاب الدولة ستشمل تعيين كاتب دولة للحماية الاجتماعية ليتولى الإشراف على هذا القطاع الذي تحول في ظل الحكومة الحالية إلى قطاع حيوي  يحظى بأولوية قصوى.

وسيكتب للحكومة الحالية، رغم أنها جاءت في سياق أزمات غير مسبوقة، سواء الموروثة منها، أو الطارئة، أنها احترمت تعهداتها في ما يخص منح الأولوية لبرنامجها الإجتماعي ، في أفق تكريس الدولة الاجتماعية.

 وها هي اليوم تباشر عملية تنزيل ورش إصلاح منظومة الصحة بالموازاة مع تنفيذ ورش تعميم الحماية الاجتماعية.

وهذان ورشان ضخمان يستدعيان اعتمادات مالية مهمة وسياسات عمومية إلتقائية وحكامة جيدة، ويبدو أن الحكومة عازمة على المضي في تنفيذهما بكل جرأة ومسؤولية رغم إكراهات الظرفية الخاصة بالأزمة السائدة التي فرضتها عوامل خارجية.

ويرتكز المشروع الإصلاحي المتعلق بمنظومة الصحة على أربع دعامات أساسية، تتجلى في تعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، على كافة المستويات، وتثمين الموارد البشرية، لاسيما من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية، لتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام وتقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية وإصلاح نظام التكوين.

وترتكز الدعامة الثالثة للمشروع على تأهيل العرض الصحي، بما يستجيب لانتظارات المغاربة، في تيسير الولوج للخدمات الطبية والرفع من جودتها، والتوزيع العادل للخدمات الاستشفائية عبر التراب الوطني.

أما الدعامة الرابعة، فتتعلق برقمنة المنظومة الصحية عبر إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية.

لقد وضعت الحكومة تأهيل قطاع الصحة ضمن أولوياتها، وجسدت ذلك برفع اعتمادات القطاع ضمن ميزانية 2022، حيث خصصت للصحة مخصصات غير مسبوقة وصلت إلى 23.5 مليار درهم. 

وهذا الرقم يجسد رغبة الحكومة في تجويد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والارتقاء بقطاع الصحة إلى مستوى الانتظارات القائمة، في أفق استعادة الثقة في الصحة العمومية.

ولعل المدخل الكبير إلى ذلك هو إنجاح ورش الحماية الإجتماعية، الذي يبقى في حاجة إلى كتابة دولة توجد على رأسها كفاءة وطنية قادرة على المساهمة في إنجاح رهانات حكومة دعم ركائز الدولة الإجتماعية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *