قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء بالرباط، خلاصات أولية للجنة الاستطلاع “لبناء الوقائع” التي تم إحداثها على إثر محاولة مهاجرين غير شرعيين اقتحام السياج الحديدي على مستوى إقليم الناظور.
وتستعرض الخلاصات الأولية اللجنة، التي قدمتها رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش خلال ندوة صحفية، خلفيات إحداث لجنة الاستطلاع وخاصة لمحاولة فهم النمط غير المسبوق لعبور المهاجرين للسياج، وكذا السعي إلى الوقوق على حقيقة الإدعاءات التي تم تداولها بشأن “عدم تقديم الإسعافات للمصابين ودفن المتوفين واستعمال الرصاص الحي، وتحديد انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة خلال عملية تدخل القوات العمومية، والتأكد من حقيقة المعطيات المنشورة المتعلقة بهذه الأحداث”.
وحسب المصدر ذاته فقد اعتمدت اللجنة على تكييف منهجية استطلاعها مع هذه الجدة من حيث الكم من الأحداث وطبيعتها،حيث عقدت لقاءات واجتماعات مع عامل إقليم الناظور ومع الوكيل العام للملك لمحكمة الاستئناف بالناظور والمندوب الإقليمي بالنيابة لوزارة الصحة، والطبيبة مديرة المستشفى الإقليمي الحسني بالناظور وعدد من ممثلي جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال الهجرة.
كما استمعت اللجنة لعدد من الجرحى المهاجرين، وزارت مجموعة من أجنحة المستشفى الإقليمي بالناظور ومستودع الأموات التابع له والسياج الفاصل بين الناظور ومليلية الذي حاول المهاجرون تسلقه من أجل العبور يوم الجمعة 24 يونيو 2022، كما انتقل أعضاؤها الى منطقة محاذية لمعاينة مقطع من الطريق التي سلكها المهاجرون للاتجاه نحو المعبر والسياج الحدودي وزيارة معاينة لمقبرة “سيدي سالم”.
كما تتضمن الخلاصات الأولية معطيات قدمتها السلطات المحلية ذات صلة بمحاولات اجتياز السياج الحديدي والتي تؤكد أن محاولات اجتيازه انطلقت منذ سنة 2005، وأنها تعرف تزايدا مضطردا بفعل ديناميات الهجرة نحو الشمال، الناجمة عن الحروب والفقر والتغيرات المناخية.
وتميز هذا الضغط على عبور السياج، حسب المصدر ذاته، في بداية الألفية الثالثة بحضور كبير للمهاجرين من إفريقيا الغربية على الخصوص، مسجلا أن “المنطقة عرفت خلال السنة الماضية وبداية من هذه السنة، وبشكل مفاجئ وصول أعداد كبيرة من المهاجرين القادمين من شرق إفريقيا خاصة من السودان والتشاد، علما أن المهاجرين القادمين من افريقيا الشرقية، كانوا يتخذون من ليبيا معبرا رئيسيا نحو الضفة الشمالية”.
وجاء في الخلاصات الأولية للجنة أن المجلس تأكد من أن “عدد الوفيات في هذه المواجهات، بلغ 23 وفاة، و217 مصاب، منها 140 من عناصر القوات العمومية و77 من المهاجرين”.
وأشارت إلى أن حالات الوفاة المسجلة ترجع، حسب المعاينة الطبية لجثث الضحايا، إلى “الاختناق الميكانيكي Asphyxie Mécanique وللتدافع والازدحام، والسقوط من أعلى سور السياج وبفعل ضيق الفضاء وتكدس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام. ويبقى التشريح الطبي السبيل الوحيد لتحديد أسباب الوفاة لكل حالة على حدة (catastrophe de masse)”.
ولم تتمكن اللجنة، حسب الخلاصات، فيما يخص بعض المهاجرين المصابين الذين التقت بهم بالمستشفى، التأكد من مصدر الإصابات، بين “فرضية السقوط من السياج والازدحام واحتمال استعمال الغير المتناسب للقوة”.
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أفاد، أواخر يونيو الماضي، بأن وفدا من المؤسسة يقوم بمهمة استطلاعية بمدينة الناظور ونواحيها، على إثر الأحداث المرتبطة بمحاولة اقتحام السياج الحديدي على مستوى الإقليم.