إن الصراعات الداخلية التي يعرفها الاستقلال والأصالة والمعاصرة (البام) غير كافية لتفسير ضعفهما التواصلي.

فالتجمع يتصرف بمنطق الأغلبية التي تضم ثلاثة أحزاب ويدافع عن الأغلبية الحكومية، فيما يتصرف الاستقلال والأصالة والمعاصرة كما لو أن الأمر لا يعنيهما، تاركين مهمة التواصل باسم الأغلبية للمكون القائد لهذه الأغلبية .

بعد مرور عشرة شهور على تعيينها في 07 أكتوبر2021، باشرت الأغلبية الحكومية تنفيذ برنامجها بسرعة قياسية، مسلحة بإرادة قوية في احترام التزاماتها مع الناخبين والمواطنين.

وأعلنت الأغلبية، منذ البداية، عن أولوياتها التي ترتكز على الجانب الاجتماعي والنهوض بالأوضاع الاجتماعية لفئات عريضة من المواطنين، في أفق تدارك الخصاص المسجل في الشق الاجتماعي، بالنظر إلى الإرث الثقيل الموروث عن الحكومات السابقة.

 ورغم الكثير من العوائق والصعوبات التي فرضتها تداعيات جائحة كوفيد 19، ثم الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن الأغلبية الحكومية تمكنت من الصمود في وجه ” الإعصار”، بفضل تدبيرها للشأن العام المبني على الحكامة وإحترام تعاقدتها مع المواطنين.

لقد حافظت الحكومة بكل ثقة سياسية على بنية مشروع قانون المالية، دون تعديل يفرغه من روح الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل تحديدا، ويحوله الى قانون ميزانية التقشف.

ويظعر ذلك، في ابتكار الحكومة الحلول المناسبة لمواجهة الصعوبات المطروحة، حيث لم تتردد في توفير موارد إضافية لدعم الاقتصاد الوطني، وكذا دعم القدرة الشرائية للمواطنين، دون المساس بالأولويات المسطرة.

في خضم الإكراهات التي واجهتها وما تزال تواجهها الأغلبية المدبرة للشأن العام، تبنى الحزب القائد للأغلبية خطة تواصلية فعالة وبراغماتية لإبراز العمل الحكومي والدفاع عن مشاريعها وبرامجها والمكتسبات التي تحققت، وهي خطة ترتكز على التحليل المجرد والموضوعي للأوضاع، دون السقوط في التبريرات الجافة وعديمة المصداقية.

اعتمدت المقاربة التواصلية للحزب الذي يقود الأغلبية على أن العوامل الذاتية: توالي سنوات الجفاف، وكذا العوامل الخارجية: الأزمة الصحية العالمية والغزو الروسي لأوكرانيا لعبت دورا أساسيا في الأزمة الاجتماعية الموسومة بالزيادات المتتالية في أسعار المواد الأساسية والمحروقات، حيث بدأت هذه الزيادات في ابريل 2021، أي قبل أن تتسلم الأغلبية زمام تدبير الشأن العام.

وكثف قائد الأغلبية خلال الجلسات الرقابية الاسبوعية والشهرية من خرجاته الإعلامية للدفاع عن الحكومة بواقعية، متصديا لمن يريد الركوب على أمواج ارتفاع الأسعار للنيل من صورة ومصداقية الأغلبية الحكومية. 

وأكد أن الحكومة ستمضي في تنزيل برنامجها رغم الظرفية الصعبة، وأن الأغلبية لم ولن تقف مكتوفة اليد إزاء الأوضاع التي كان الجميع يتنبأ بأن تُفضي إلى احتقان اجتماعي.

غير أن الحكومة حاولت بكل الوسائل المتاحة نزع فتيل هذا الاحتقان المفترض، من خلال إجراءات وتدابير جريئة، همت بالخصوص رفع اعتمادات صندوق المقاصة ب16 مليار درهم ، ومنح الدعم المالي لمهنيي قطاع النقل.

وصرفت الحكومة هذا الدعم على  ثلاث دفعات (يتراوح  قيمة الدعم بين 1000 درهم و7 آلاف درهم، مخصص لنحو 180 ألف عربة)…

وأمام استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، قررت الأغلبية  رفع قيمة الدعم المقدم لمهنيي النقل الطرقي بنسبة 40 في المئة برسم الدفعة الرابعة التي سيتم صرفها خلال شهر يوليوز الجاري.

لكن رغم الجهد التواصلي للتجمع الوطني للأحرار، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بحدة، هو سبب غياب الاستقلال والأصالة والمعاصرة، المكونان الآخران للأغلبية، اللذان تواريا إلى الخلف تاركين الأحرار بمفرده أمام إعصار الانتقادات دون أن يتبنيا الخطة التواصلية نفسها التي تبناها الحزب القائد للأغلبية.

لماذا هذا الغياب؟ إن الصراعات الداخلية التي يعرفها الاستقلال والأصالة والمعاصرة غير كافية لتفسير ضعفهما التواصلي.

فالتجمع يتصرف بمنطق الأغلبية التي تضم ثلاثة أحزاب ويدافع عن الأغلبية، فيما يتصرف الاستقلال والأصالة والمعاصرة كما لو أن الأمر لا يعنيهما، تاركين مهمة التواصل باسم الأغلبية للمكون القائد لهذه الأغلبية.

 مع شروع الحكومة في تنفيذ برنامجها في أكتوبر من السنة الماضية (2021)، بادرت إلى تنزيل أحد أهم الأوراش الإصلاحية التي يعول عليها المغرب في تحسين الأوضاع الاجتماعية لشريحة واسعة من المواطنين.

ويتعلق الأمر بورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في ابريل عام 2021، والذي يهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية وصيانة كرامة المواطنين في المغرب.

وتعهدت الأغلبية بخلق مليون فرص عمل خلال الأعوام الخمسة المقبلة، مع تعزيز حضور النساء في النشاط الاقتصادي. وتبنت الأغلبية مدخول الكرامة لفائدة المسنين، الذين تفوق أعمارهم 65 عاماً بقيمة 1000 درهم في أفق 2026، وتوفير التأمين الصحي المجاني على المرض لفائدة المعوزين من هذه الفئة العمرية 

أوراش إصلاحية كبرى تنتظر الأغلبية الحكومية، ومن المفروض أن تتكثف مكوناتها مجتمعة من أجل التسويق الإعلامي المناسب لهذه المشاريع والدفاع عن الأوراش الإصلاحية المبرمجة، لأن نجاح هذه الأوراش هو نجاح لكل مكونات الأغلبية وليس لطرف وحيد فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *