جائحة كوفيد 19 بقدر ما كانت تهديدا حقيقيا لمنظومتنا الصحية، بقدر ما شكلت فرصة متجددة لإعادة بناء قطاع الصحة، في سبيل إرساء بنية تحتية قوية، ونظام تأمين صحي متوازن، يحقق كرامة المواطن، ويحمي حياة الساكنة المغربية.
عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية كشف اليوم الإثنين، في مجلس النواب بمناسبة الجلسة الشهرية لمساءلة الحكومة عن السياسات العمومية في قطاع الصحة، عن خارطة طريق واضحة لإصلاح القطاع إصلاحا حديثا، مؤسسا على بنيات حكامة وتدبير جديدة، تشتغل بمنطق عصري غير تقليدي في تقديم ومراقبة وتتبع الخدمات الصحية.
وبالنظر إلى قطاع الصحة أصبح بحاجة إلى معايير حكامة جديدة، تنهل من مختلف التجارب الدولية بهدف تدبير استراتيجي للقطاع، فإن ما أعلن عنه اخنوش من إحداث لهيئة عليا للصحة لها صلاحيات تقنين التغطية الصحية وعدة وكالات مواكبة، سيكون المفتاح الأولي لضبط القطاع وإزالة الفوضى منه وبناء منظومة صحية متكاملة الموارد والأهداف.
تجربة التصدي الجماعي لجائحة كوفيد 19، أظهرت مستوى عالي من الوعي الصحي، وحاجة ماسة إلى مزيد من الاهتمام بالقطاع، لأنه شكل بؤرة رعب للمواطنين، بل كان سببا مباشرا في إيقاف حركة الإنتاج والاقتصاد، وأن العناية به من شأنها أن تهيأ المستقبل لأي أزمات مماثلة، لا نعيش فيها حالات الاغلاق والحجر والرعب.
ومما تميزت به فترة جائحة كورونا هو البحث في الذات عن حلول وطنية، تصون الكرامة وتحفظ استقلالية القرار وتسيج السيادة الصحية والدوائية للمملكة، وفي هذا الصدد عبر المغرب والمغاربة عن تفوق رصده العالم، وما على الدولة سوى تكريسه وصيانته والأكثر من ذلك ضرورة العمل على مأسسته وتقعيده بنصوص قانونية وبمؤسسات حكامة قوية.
الخطوات العملية التي بشر بها رئيس الحكومة في البرلمان، والتي سترى النور قريبا حسب تصريحاته أمام النواب، من شأنها أن تحدث التحولات المنتظرة في قطاع الصحة، لاسيما تلك المتعلقة بإحداث طبيب الأسرة، والهيئة العليا للصحة، والوكالة الوطنية للأودية التي لا شك أنها ستلعب دورا كبيرا في ضبط الدواء والاستشفاء في بلادنا، وتحقق النقلة النوعية المرجوة، في التغطية الصحية لكافة المواطنين، في أفق توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لكل المغاربة.
حكيم لمطارقي