“بلادنا شرعت في تفعيل خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي”.. عزيز أخنوش.
جريدة Le12
قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الأربعاء، ان بلادنا شرعت في تفعيل خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي، تهدف أساسا لإحداث طفرة نوعية في هيكلة الاقتصاد الوطني.
وأضاف أخنوش في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، المنعقدة بمدينة مراكش، أن تفعيل هذه الخطة سيتم من خلال تشجيع القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية، وتحفيز الاقتصاد الأخضر والرقمي والرفع من نسبة إدماج النساء في سوق الشغل والتعجيل باستعادة قدرات القطاعات الإنتاجية، تماشيا مع التوجهات الاستراتيجية لسياسة اقتصاد السوق والمبادرة الخاصة التي ينهجها المغرب منذ عقود.
ولإنجاح هذا الورش، يضيف رئيس الحكومة، تولي بلادنا اهتماما خاصا لخلق بيئة أعمال جَذَّابَة، تعزز تنمية الاستثمار الخاص، المحلي والأجنبي على حد سواء، وتبذل جهودا مهمة لتبسيط الإجراءات الإدارية، وتطوير القطاع المالي، ودعم الاستثمار الخاص، خاصة من خلال إصلاح ميثاق الاستثمار، للوصول إلى ثلثي إجمالي الاستثمارات بحلول عام 2035.
وأشار إلى أنه تم أيضا إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار لتسريع جهود الإقلاع الاقتصادي، من خلال مساهمته في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى ومواكبتها على الصعيدين الوطني والترابي، مع فسح المجال للشركاء المؤسساتيين الدوليين للاستثمار في هذا الصندوق.
وأكد أهمية هذه المجهودات تعكس ثقة بلادنا في حجم إمكاناتها الاستثمارية المهمة، وكذا طموح المغرب كبلد يَنْعَمُ بالاستقرار السياسي وبموقع جغرافي استراتيجي للتموقع كمنصة إقليمية للإنتاج والتصدير، انسجاما مع التوجهات الاستراتيجية لبلادنا الرامية لتعزيز الانفتاح الاقتصادي وتسريع وتيرة الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، بالموازاة مع مواصلة جهودنا لتدعيم وإرساء المسار الديمقراطي وترسيخ دولة الحق والقانون.
وفي سياق آخر، أعرب أخنوش عن سعادته بافتتاح أشغال الاجتماع السنوي لمجموعة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لسنة 2022، الذي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بإضفاء رعايته السامية عليه، تقديرا من جلالته للدور المتميز الذي يضطلع به البنك في إرساء دعائم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وتعزيز أواصر التعاون والتكامل بين الدول.
ورحّب رئيس الحكومة بالمشاركين في أشغال هذا الاجتماع، على أرض المملكة المغربية، بين رحاب مدينة مراكش، مردفا “التي تتشرف هذه السنة باحتضان فعاليات هذا الاجتماع الهام، على غرار تظاهرات دولية سابقة تشرفت بلادنا بتنظيمها في هذه المدينة العريقة، أذكر منها على وجه الخصوص إحداث منظمة التجارة العالمية واحتضان الدورة 22 لمؤتمر (COP 22), كما ستحظى مراكش، سنة 2023، بشرف تنظيم الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي”.
ومن جهة أخرى، ذكر أخنوش بأن هذا الاجتماع السنوي لمجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ينعقد في ظرفية دولية غير مسبوقة، منوها في هذا الإطار، بالاختيار الموفق لموضوع الاجتماع السنوي للبنك الذي يعقد تحت شعار “رفع التحديات في عالم متقلب”، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع يمثل فرصة سانحة للتشاور والحوار حول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لمستجدات الظرفية ومحطة للتأمل في الآفاق المستقبلية.
وتابع: “فكما تعلمون، يعيش العالم منذ سنة 2020 على وقع أزمات متتالية، انطلقت بأزمة كوفيد-19 التي تسببت في ركود اقتصادي غير مسبوق. وَمَعَ بُرُوزِ آمال تحسن الوضعية الصحية وبداية انتعاش الاقتصاد العالمي بداية 2021، انطلقت أزمة جديدة مرتبطة بارتفاع أسعار المواد الأولية بفعل ارتفاع الطلب. وَتَفَاقَمَتْ في بداية هذه السنة حدة التضخم على خلفية تصاعد الاضطرابات الجيوستراتيجية واندلاع الأزمة الأوكرانية، وهو ما شكل صدمة بالنسبة للاقتصاد العالمي”.
وللإجابة عن هذه التحديات، يضيف رئيس الحكومة، لا يمكن أن يقتصر الأمر على تسجيل صعوبة المرحلة أو تدارس آثارها فحسب، بل يجدر توحيد جهود مختلف الفاعلين دوليا، بروح مسؤولية مشتركة، من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بإخراج العالم من هذه الأزمة وتخفيف آثارها على الاقتصادات الوطنية.
وأضاف قائلا: “خاصة على الدول متوسطة ومنخفضة الدخل؛ حَيْثُ تعاني الدول النامية خاصةً من العجز الحاصل في التوازن بين العرض والطلب فيما يخص المواد الأولية المستوردة، وينتج عن استمرار هذا الوضع تَفَاقُمُ سلوكات غير مستدامة”.
واستطرد أخنوش قائلا: “فهل يعقل مثلا أن تستعمل الأراضي الفلاحية كَمَصَادِرَ إِنْتَاجٍ بديلٍ للطاقة، في حين أن العالم في حاجة لتَوَافُرِ المنتوجات الغذائية الأساسية وبأثمنة معقولة؟ وهل من المستدام أن تُثْقِلَ دُوَلٌ كَاهِلَهَا بِدُيُونٍ تُخَصَّصُ لدفع أثمنة استيراد مُتَصاعدة وَتُبَعْثِرُ أولوياتها التنموية؟”.
وأبرز أن هذه الأزمات المستوردة أرخت بِظِلَالِهَا على الاقتصاد المغربي كما كل الاقتصادات الوطنية، مضيفا: “واتخذت بلادنا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مجموعة من الإجراءات الاستباقية الهادفة، كانت محط إِجْمَاعٍ وإِشَادَةٍ وطنيا ودوليا”، مسجلا بارتياح عودة الاقتصاد المغربي إلى مسار النمو السائد قبل الجائحة، بنسبة نمو تناهز 7,6% مقابل توقعات أولية في حدود 5٪ لسنة 2021.
وشدد على أن الظرفية الحالية تجعل المغرب أمام تحديات كبرى ذات أبعاد وطنية ودولية، مردفا: “ونحن مدعوون لرفعها في عالم متقلب، كما جاء في شعار هذا الاجتماع”.
وبهذه المناسبة، أشاد أخنوش بمواكبة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، المستمرة لمجهودات التنمية التي انخرط فيها المغرب، داعيا البنك، ومن خلاله كافة الشركاء الاقتصاديين للمغرب، للاستمرار في دعم الجهود التنموية ببلادنا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وفي الختام، دعا أخنوش كافة الشركاء الاقتصاديين، وعلى وجه الخصوص المستثمرين الأجانب، لاستثمار عوامل القرب الجغرافي وكثافة العلاقات الاقتصادية والتاريخية التي تجمع المغرب مع بلدان القارة الافريقية، للرفع من حجم استثماراتهم في هذا القطب التنموي الواعد، مردفا: “وسيجدون منا كل الدعم والمواكبة لتنزيل مشاريعهم الاستثمارية انطلاقا من المغرب”.